facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شرط العاقل لغايات الحضانة بقانون الأحوال الشخصية


أ. د. كامل السعيد
08-12-2022 05:48 PM

ما دعاني لخوض غمار هذا الموضوع طلب بعض الزملاء الكرام توضيح ما غمض أو ما قد يغمض من أحد أو بعض الشروط القانونية الواجب توافرها لاستحقاق الأمهات أو الآباء حق حضانة أطفالهم كما توافرت في قانون الأحوال الشخصية.

أبدأ هذا الموضوع لأشير إلى أن المادة (170) من قانون الأحوال الشخصية حددت هذه الشروط بقولها: (يشترط في مستحق الحضانة أن يكون بالغاً عاقلاً سليماً من الأمراض المعدية الخطيرة أميناً على المحضون قادراً على تربيته وصيانته ديناً وخلقاً وصحة وأن لا يضيع المحضون عنده لانشغاله عنه وأن لا يسكنه في بيت مبغضيه أو من يؤذيه وأن لا يكون مرتداً).

وقد أوجب المشرع ضرورة توافر هذه الشروط جميعها تحت سقوط حق حضانة من لا تتوافر فيه هذه الشروط مادة (172) من القانون وكانت المادة (170) من القانون قد رتبت أفضلية حقوق مستحقي الحضانة بقولها: (الأم النسبية أحق بحضانة ولدها وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ثم تنتقل الحضانة بعد الأم النسبية لأمها ثم لأم الأب وللأب... إلخ).

يلاحظ من استعراض هذه النصوص ما يلي:

أولاً: إن ترتيب الحضانة كما ورد النص عليها في المادة (170) من أحقية الأم النسبية ثم لأمها ثم لأم الأب وللأب هي أحقية متوقفة على تحقيق الشروط المنصوص عليها في المادة (171) من القانون، فقد لا تستحق الحضانة هي أو غيرها إن تخلَّف أي شرط من شروط مستحق الحضانة المنصوص عليها في المادة (171) تطبيقاً لصراحة نص المادة (172) من القانون.

ثانياً: يتبين بوضوح أن الشروط المشددة الواجب توافرها في مستحق الحضانة جاءت حقاً مطلقاً لمصلحة المحضون لا لمصلحة الحاضن باعتبار أنّه هو المقصود بالحماية لا الحاضن.

ثالثاً: كون المحضون هو الطرف الأضعف في المعادلة حيث تجمع الطرق القانونية في التفسير أن تفسير النصوص القانونية عند الخلاف عليها يجب أن تكون لصالح الطرف الأضعف، وفي هذا السياق أيضاً، فإن التفسير يجب أن يكون لصالح الطرف الأضعف في المعاملات المدنية وليس للطرف الأقوى، أي يجب أن يكون التفسير لصالح المدين لا لصالح الدائن.

رابعاً: وتأسيساً على ما تقدم، فإنه يجب أن يصار إلى التوسع في تفسير نصوص الشروط الواجب توافرها في الحاضن كما ورد النص عليها بالمادة (171) من القانون، كما يجب عدم التساهل أو التهاون بخصوص تخلُّف أي شرط من شروط الحضانة أو أي انتقاص فيه.

خامساً: إن حق الأم النسبية ومن في حكمها في الحضانة ليس حقاً مقدساً أو مطلقاً وإنما هو مرتبط ارتباطاً لا يقبل التجزئة مع المادتين (171) و(172) من القانون كما وردت الإشارة إليهما قبل لحظات.

وإنني على ثقة بأن المحاكم الشرعية الموقرة لدينا تراعي هذه الجوانب لأن الأطفال الأبرياء الذين شاء قدرهم أن يكونوا في الحضانة، هم الأساس الوجودي لشعبهم في المستقبل فبدونهم يفقد شعبنا أساس وجوده، خاصة وأن عدد هؤلاء الأطفال يتزايد بتزايد عدد حالات الطلاق في المملكة، وهو أمر يتطلب من الدولة ومؤسساتها المعنية مراعاة هذا الأمر والعمل على مواجهته كونها هي المسؤولة قانونياً عن كفالة الطمأنينة وحماية الأمومة والطفولة والشيخوخة وذوي الإعاقات بما في ذلك الإساءة والاستغلال.

سادساً: إن منح المشرع الأحقية في الحضانة للأم النسبية أو لأمها لا يعني ولا يجب أن يعني أن حقها في الحضانة هو حق مطلق أو حق مسلم به لا ينازَع أو يجب التساهل فيه، فمصلحلة المحضون أولى بالرعاية والعناية من مصلحتها، فقد تقتضي مصلحة المحضون حرمانها من الحضانة إن لم تتحقق هذه الشروط بكاملها وتمامها أو يتبين للمحاكم الشرعية أن مطالبتها بالحضانة إنما يغلب عليه تحقيق مصالحها الشخصية مادية أو معنوية لا لمصلحة الطفل المحضون، وعليه لا بد من تحري الحقيقة وتقري الصواب في كل حالة على حدى والانسياق وراء مصلحة المحضون في ضوء ذلك.

سابعاً: من بين الشروط التي قد تثير الخلاف شرط أن يكون الحاضن ــ ذكراً كان أم أثنى ــ عاقلاً بادئاً به مقالي هذا. فالعاقل لغة هو كل ذي عقل يستطيع بمقتضاه التمييز بين الصواب فيتبعه وبين الخطأ فيجتنبه.

ويتطلب هذا الأمر من الحاضن أن يكون بالغاً راشداً قد وصل إلى مرحلة النضج قادراً على الاستيعاب وإدراك الحقائق ووقائع الأمور تتوافر لديه مساحة واسعة من القابلية في الأخذ والعطاء مع الآخرين والحوارات والمجالات التعليمية، فهذا الشخص يستطيع تجنب المشاكل ويتميز بالهدوء والاتزان والعقلانية خلافاً لما هو عليه الحال بالنسبة لغير العاقل الذي يتصف بالطيش والرعونة والانفعال وافتعال المشاكل وعدم التفكير والتروي والتسرع سواء أكان ذلك داخل أسرته أو مجتمعه.

فالعاقل وفقًا لهذا المفهوم هو من كان مسنجماً ومتآلفاً في معتقداته ومفاهيمه وسلوكه مع أسرته ومع المجتمع الذي يعيش فيه، هو من يحترم نواميس وتقاليد أسرته ومجتمعه لا أن يكون في حالة صدام أو اضطراب معهما، فمن يخرج على ما تقدم من تقاليد وعادات وأعراف مجتمعه وأسرته ولا يقيم لها أي وزن لا يمكن أن يوصف اجتماعياً بالشخص العاقل وفقاً لعلم الاجتماع.

بل هو أقرب منه إلى العكس والرعونة أكثر من قربهً إلى الاتزان والاعتدال.

ولعل أبرز خرق مظاهر هذه النواميس والمقاصد الاجتماعية هو مخالفة القوانين والأنظمة السائدة في الدولة، وفي مقدمتها خرق القوانين التي تحفظ كيان الدولة والمجتمع وهي قوانين العقوبات فمن يرتكب الجرائم عن علم وإرادة لا يمكن أن يكون عاقلاً كذلك من يرتكبها عن طيش ورعونة.

ولعلي أشير بهذا الصدد إلى محكمة الأسرة في الكويت حيث قد قضت بحرمان إحدى الأمهات المطلقات من حقها في حضانة أبنائها لأنها ضُبطت في إحدى الأمكنة العامة وهي تدخن الشيشة.

مرجعية هذا الحكم موقع نبض كويتي للأخبار العاجلة تاريخ 16 نوفمبر 2016.

والظاهر من الحكم أن هذه السيدة، لم تراع عادات وتقاليد البيئة التي صدر الحكم فيها من حيث أن بيئتها تعارض تعارض مثل هذا التصرف بالنسبة للنساء.

ختاماً لبحث هذا الشرط اتفق مع من يرى أن العاقل ليس مقصوراً على من لم يكن مجنوناً أو معتوهاً، إذ لا يكفي أن لا يكون الشخص مجنوناً أو معتوهاً حتى يكون عاقلاً بالمعنى اللغوي أو بالمعنى الاجتماعي، فلو أراد المشرع قصر معنى العاقل في مقامنا هذا ــ على من لم يكن مجنوناً أو معتوهاً لما تردد في ذكر ذلك صراحة بقوله في متن الفقرة (أ) من المادة (171) من القانون (أن (لا يكون الحاضن مجنوناً أو معتوهاً)، بدلاً من قوله (أن يكون عاقلاً)، فمصلحة المحضون تقتضي التوسع في تفسير معنى مصطلح (العاقل) كشرط أساسي يجب توفره في مستحق الحضانة، وتبعاً لذلك إن مصطلح العاقل الوارد ذكر كشرط أساسي في المادة (171) من القانون يجب أن يفسر بالمعنى اللغوي أو بالمعنى الاجتماعي أو المجتمعي على النحو الذي سبق بيانه في متن هذا المقال حتى تتحقق مصلحة المحضون.

كما أنه يجب الحرص على ضروة توافره في الأشخاص المصابين بالأمراض النفسية أو ما يطلق عليه (اضطرابات الصحية العقلية)، فالعلم المتخصص يشير إلى أن اضطرابات الصحة العقلية هي عبارة عن مجموعات كبيرة من الأمراض النفسية التي تؤثر على المزاج والتفكير والسلوك.

ومن أمثلة الأمراض النفسية الاكتئاب والقلق والفصام واضطرابات السلوك. وتشير الدراسات في مجال علم الأمراض النفسية أن بعضها يسبب السلوك العدواني ويدفع المصاب به إلى ارتكاب الجرائم بحق الآخرين خاصة منها الاضطرابات الذُهانية وأن هناك احتمالاً متزايداً أن يكون الشخص المصاب بهذه الاضطرابات عنيفاً إذا لم يتلق العلاج الصحيح بادعائه أنه ليس مصاباً.

إن هؤلاء الأشخاص إناثاً أو ذكوراً يجب الحرص من منحهم حق الحضانة لأنهم غير قادرين على تربية أولادهم المحضونين صحة وديناً وخلقاً في الأعم لأغلب من الأحوال. ومن حق المحاكم الشرعية الموقرة القيام بدراسة ميدانية للتحقق من أوضاع المحضونين على أرض الواقع وفيما إذا كانت الحاضنة أو الحاضن يوفر له بيئة تبعده عن الصدمات النفسية أو العصبية.

* عضو المحكمة الدستورية سابقاً





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :