تفسير سورة العاديات للسعدي
28-01-2023 01:37 PM
عمون - تفسير سورة العاديات للسعدي
كتاب التفسير للسعديّ اسمه "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، لمؤلفه عبد الرحمن السعديّ، وسيتم في هذا المقال تفسير سورة العاديات من تفسير السعدي، فقد أقسم الله بالخيل في بداية السورة؛ وذلك لما فيها من الآيات الباهرة العظيمة، كما أقسم ببعض أحوالها التي لا يُشاركها معها من غيرها من الحيوانات، وتفسير السورة على النحو الآتي:
(والعاديات ضبحاً)
وهي الخيل التي تعدو عدواً قوياً بليغاً، فيصدر عنها صوت الضبح؛ وهو صوت النفس في الصدر، وذلك عند اشتدادها بالعدو.
(فالموريات قدحاً)
أي ما يطأن عليه بحوافرهنّ من الأحجار، والقدح: أي قدح النار الذي يخرج من حوافرهنّ من صلابتهنّ وقوتهنّ عند العدو.
(فالمُغيرات صُبحاً)
أي التي تغير على أعدائها في وقت الصباح؛ لأن وقت الصباح هو الوقت الذي يغير به على الأعداء في العادة.
(فأثرن به نقعاً)
أي ما تفعله من العدو والغارة، والنقع: هو الغُبار.
(فوسطن به جمعاً)
أي براكبهنّ، والجمع: هو ما تتوسط به جُموع الأعداء التي أغارت عليهم.
(إنّ الإنسان لربه لكنود)
أقسم الله -تعالى- بالخيل على أن الإنسان لمنوعٌ للخير الذي عليه لربه، وهذه الآية تُبيّن طبعاً من طبائع الإنسان؛ فهو بطبيعته يميل إلى الكسل والمنع لما عليه من الحُقوق الماليّة والبدنيّة، ولا يؤديها كاملة إلا من هداه الله -تعالى-، وخرج إلى وصف أداء الحُقوق.
(وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ)
أي إن الإنسان شاهدٌ على نفسه بالمنع والكند، فلا يُنكره أو يجحده، ويُحتمل أن يكون معنى الآية: إن العبد لربه لكنود، والله شهيد على ذلك، وهذا فيه نوعٌ من التهديد والوعيد لمن كند لربه وهو شهيدٌ عليه.
(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)
أي إن الإنسان كثير الحُب للمال، وهذا الحب أوقعه في منع الحُقوق الذي عليه للآخرين.
(أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ)
وهذا تذكيرٌ من الله -تعالى- لمن أحب ماله؛ أفلا يعلم المُغتر عندما يُخرجه الله -تعالى- من قبره للحساب والنُشور.
(وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ)
أي ظهر ما أخفاه في صدره من الشر، وأصبح السر علانيةً يوم القيامة، وظهر كُل إنسانٍ على حقيقته.
(إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ)
أي مُطلعٌ على جميع أعمالهم الظاهرة والباطنة، وسيُجازيهم عليها.
التعريف بسورة العاديات
سورة العاديات من السور المكيّة، فقد جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن سورة العاديات نزلت في مكة، وكان نُزولها بعد سورة العصر، وتبلُغ عددُ آياتها إحدى عشرة آية، وأمّا كلماتُها فهي أربعون كلمة، وأمّا حُروفها فتبلُغ مئة وستةٌ وستين حرفاً.
محاور سورة العاديات
تحدثت سورة العاديات عن الطبيعة البشريّة من الجُحود وحُب الإنسان لمنفعته ومصلحته، فتأتي السورة لعلاج هذه المُشكلة عنده من خلال تذكيره بيوم القيامة وما فيه من البعث والجزاء والحساب، ومعرفة الله -تعالى-، وتُعالج سبب الكُفر والنِفاق عنده، ليكون من المُتقين.