facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الزلزال والسياسة وازدواج المعايير / ٧


اللواء المتقاعد مروان العمد
30-03-2023 02:20 PM

اكثر ما يلفت النظر في هذا الزلزال من الناحية السياسية وازدواج المعايير هو ما حصل منها في سوريا ، والتي طالب البعض بعدم تقديم المساعدات لمناطق النظام ، كون هذا النظام قد قتل شعبه . وطالب البعض بعدم تقديم المساعدات لمناطق المعارضة ، كون هذه المعارضة قتلت الشعب السوري . في حين ان كلاهما قتلا الشعب السوري . وكأنهم يدعون للتخلي عن هذا الشعب ليلاقي مصيره ، بالرغم مما عاناه طوال السنوات الماضية ، وما وقع فيه من قتل وتدمير وتهجير وجوع وفقر ومرض ، لان هناك من قرر ان ينشر الربيع العربي فيه .

صحيح ان حجم الدمار في تركيا كان اكبر ، وعدد القتلى والجرحى كان اكثر ، ولكن كان لديها من الامكانيات لمواجهة هذا الظرف اكثر بكثير مما لدى سوريا . وحجم المساعدات التي انهالت عليها اكثر بكثير من التي وصلت لسوريا . وعلى هذه المقياس فأن حجم الفاجعة في سوريا كانت اكبر مما هي في تركيا . والى درجة جعلت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية تقول ان ما مر به السوريين امر مروع وان حياتهم الصعبة اصبحت اكثر صعوبة .

وخسائر الشعب السوري لم تكن محصورة بالقتلى والجرحى والدمار الذي وقع على الارضي السورية . ولكن شمل المهاجرين الى تركيا ، لتواجد مئات الالوف منهم في المناطق المنكوبة . حتى ان سكان مدينة هاتاي في ولاية كهرمان مرعش هم من السوريين ، وهم الذين بنوها دون مراعاة مواصفات الجودة ، مما ادى الى ان تتهاوى بناياتها على الارض . كما ان الكثير منهم كانوا يعيشون في خيم و كرفانات في ظل ظروف جوية صعبة . ثم جاءتهم عاصفة الزلزال ، والتي دفنت الكثير منهم تحت الانقاض . ويشكل السوريين الغالبية العظمى من 6278 اجنبياً توفوا في تركيا ، بالاضافة الى اكثر من ستة الاف في الاراضي السورية .

ولم تتوقف معاناة السوريين في تركيا على ذلك ، فقد عانوا من تصرفات عنصرية من قبل بعض الاتراك قبل الزلزال واثنائه ، والاعتراض على تقديم المساعدات الانسانية لهم . ولا ادل على ذلك من المواطن السوري الذي كان محاصرا بين الانقاض ، والذي امتنع عن الكلام مع منقذيه خوفاً من ان يتوقفوا عن انقاذه اذا عرفوا انه سوري .

يضاف الى ذلك انه وبينما كانت سوريا تحاول معالجة جراحها من الزلزال ، كانت تتعرض لهجمات من ثلاثي الشر ، النصرة ، وداعش ، والكيان الصهيوني . حيث كانت النصرة تمنع دخول المساعدات من خلال معابر النظام ، و تقوم بالاستيلاء على المساعدات التي كانت تدخل من المعابر التركية . اما داعش فقد قامت بقتل العشرات وخطف المئات من المدنيين الفقراء جامعي مادة الكمأة ، ووضعت المتفجرات على طريق سياراتهم .

اما بالنسبة للهجمات الصهيونية فقد تعرض مبنى كبير في كفر سوسة بدمشق لقصف صاروخي اسفر عن سقوط خمسة عشر شهيداً واصابة سبعة آخرين ، كما تعرض مطاري اللاذقية و حلب للقصف الصاروخي عدة مرات ، مما كان يترتب عليه اخراجهما من الخدمة لعدة ايام ، وتوقف دخول المساعدات الانسانية عن طريقهما .

ولكن ومما لاشك فيه أن الزلزال فتح طاقة امام النظام السوري للولوج منها الى محيطه العربي . وذلك بعد ان هبت الكثير من الدول العربية لارسال المساعدات للشعب السوري . كما قام العديد من الزعماء العرب بالاتصال بالرئيس السوري لابلاغه تعازيهم و وقوفهم مع سوريا في ازمتها الحالية . وقام العديد من المسؤولين العرب بزيارتها . وانطلقت الكثير من الاصوات التي تدعو لفتح الابواب امامها للعودة لعالمها العربي . واعلن بعضهم اعادة العلاقات الدبلوماسية مع هذا النظام . وبنفس الوقت ارتفعت اصوات اردنية ترفض ذلك بحجة ان النظام قتل شعبه ، وانه تآمر على الاردن ، وفتح بلاده للمليشيات الشيعية والنفوذ الايراني . وانا اذا اتفق معهم بذلك ، الا انه لابد من الاقرار ان العلاقات السيئة ، والتآمر علينا كان موجوداً قبل ان يكون هناك حافظ الاسد و بشار الاسد . وان هذه العلاقات شهدت عدة انفراجات على عهد جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه وعهد حافظ الاسد . وتكرر المشهد نفسه ما بين جلالة الملك عبدالله الثاني اطال الله بعمره وبشار الاسد في بداية عهده . ولا بد ان نضع في الحسبان مليارات الدولارات التي دفعتها دول عربية من اجل احداث الربيع العربي في سوريا ، وخلق تنظيمات المعارضة الارهابية وغير الارهابية بالتعاون مع دول خارجية كبرى ، وان هذه التنظيمات ساهمت في قتل الشعب السورى .

ان التاريخ يقول بأن لا صداقة تدوم ولا عداوة تدوم . وكل الحروب والثورات تنتهي بالمفاوضات والصلح ونسيان الماضي . ولا ادل على ذلك من سياسات الرئيس التركي اردوغان . والذي يغير علاقاته مع الدول الاخرى على ضوء المصلحة التركية . ومن امثلة ذلك مواقفه من روسيا واميركا وايران والكيان الصهيوني الذي طْبع علاقته معه عدة مرات . والذي خصه بالشكر والاشادة بفريق الانقاذ الذي ارسله ، هذا الفريق الذي انهى عمله بسرقة وثائق تاريخية تلمودية استخرجها من بين انقاض كنيس يهودي خلال عمله ، قبل ان يتم اعادتها فيما بعد . ومن ذلك تجميد صراع تركيا التاريخي مع اليونان وارمينيا ، عندما قامت هاتان الدولتان بتقديم العون لتركيا . حيث قام اردوغان بتقديم الشكر لهما . وقام وزيرا الخارجية فيهما بزيارة لتركيا ، واعلنت ارمينيا فتح معابرها المغلقة مع تركيا منذ عقود . وها هي السعودية تمد يدها لايران ، وتعيد معها العلاقات الدبلوماسية . وتمد يدها للحوثيين بهدف تحقيق المصالحة بين جميع الاطراف في اليمن . وتتبعها بذلك عدة دول خليجية .

نحن بحاجة الآن لكل ما يجمع ، وان نجمد كل ما يفرق . وان تطبيع العلاقات بيننا وبين سوريا مصلحة اردنية مثلما هو مصلحة سورية . وان مصلحة الشعب السوري انهاء هذه الحرب الاهلية التي اهلكت الزرع والضرع ، وقتلت البشر وشردتهم وهدمت الحجر ، واكمل عليهم هذا الزلزال . فلنجعل من اهواله بداية صفحة جديدة من صفحات التاريخ من خلال تطبيق المبادرة الاردنية الدبلوماسية لتحقيق تسوية في سوريا تعيدها الى محيطها العربي .

نهاية المقال





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :