facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأمريكي * محمود الشمايلة


29-12-2010 06:54 PM

ما أن دخل إلى صالة الاستقبال حتى بدأ الدم يغلي في عروقي ، واستحال جسدي إلى تعويذة كتبها عراف لا يعرف القراءة .أردت أن أنقض عليه وأمزقه بأسناني .
ليس غريبا أن يحظى بكل تلك العناية من قبل عمّال الفندق ، فكل شيء كان يشي بـه ، قبعة رعاة البقر ، قميصه الذي حيك بعلم بلاده ، حذاؤه ذو العلامة التجاريـة المشهورة (نايك) ، دون أي عناء عرفت أنه أمريكي، شيء ما في داخلي بدأ يتغير تدريجيا ، لحظات السعادة تنسحب من غير حول مني ولا قوة ، مع أنني جئت إلى هنا لقضاء إجازة استجمام ودون أن أشغل نفسي بشيء.
هكذا وبكل وقاحة دخل إلى الفندق ، بعد أن ارتدى ابتسامته البريئة ليخفي خلفها صور الدمار والقتل والإرهاب التي ارتكبتها يداه .
كالعادة يحظى الأمريكي بعناية خاصة من قبل عمال الفندق، مع علمهم أنه سيأخذ أكثر بكثير مما سيدفعه فهذه هي ثقافة العم سام .
بكل إذلال يستجديه عامل الاستقبال للجلوس لحين إعداد الغرفة، يجول بناظريه باحثا عن مقعد ، لا أدري أن كان سوء حظي أم قدره الأحمق الذي دفعه ليجلس بجانبي على المقعد الشاغر اليتيم ، أرسل ابتسامة صفراء ما أن وصلتني حتى ارتديت كشرتي الأردنية واستعدت ملامحي القاسية ثم استحضرت عيني جدي التي كان يجحظني بهما ، تلك النظرة التي أعرفها جيدا ، فعندما كان يرمقني ، أشعر بأن جسدي يتكسر كلوح زجاج ، أستعيد تلك النظرة وأقذفه بها ، لكنه يتجاهلني بعد أن يصفعني بابتسامه جديدة ثم يعدّل جلسته .
الضجيج في داخلي يعلو
أشعل سيجارتي الرخيصة .
الضجيج في داخلي يتعاظم .
أنفخ الدخان في الفضاء ، يرمقني بنظرة دون ابتسامه ثم يدور برأسه ، عرفت أنه غاضب ، أشعر بارتياح شديد . لعله يتساءل كيف لهذا الغبي أن يجرؤ على إثارة غضبي وهو الذي أغضب العالم كله ، اسحب نفسا عميقا وانفخه في وجهه مرة أخرى ، واصعد سلم الارتياح ، يبدأ بالسعال وأنا انزلق في المقعد بكل وقاحة واضع قدما على قدم ، بعد أن ألحقت به ضررا ، أسحب بقوة وأقذف الدخان في وجهه ، يزداد سعاله وتزداد سعادتي ، تنتهي السيجارة ، وأدوسها في المنفظة يرمقني بنظرة شماتة ، في تلك اللحظة تمنيت لو أنني أملك سلاحا أكثر فتكا ، ليتني جدي في لحظة حقد أدخن الهيشة ، ربما قضيت عليه من أول نفس.
أشعل سيجارة أخرى ، وأتمادى في نفث الدخان في وجهه ، يزداد غضبه دون جدوى ، يتواطأ معه عامل الفندق باستدعائه وتسليمه مفتاح الغرفة التي سيقيم فيها ، اشعر بخيبة كبيرة فقد كانت تلك فرصتي للقضاء عليه .
هدنه ثم تستمر المعركة ...
أتسكع في أرجاء الفندق ، انه هناك بالقرب من بركة السباحة ، ألقى بنفسه بين الأجساد العارية التي تركت نفسها باسترخاء لتشويها شمس سيناء الحارقة ، اقتربت منه أكثر ورحت أتحين الفرصة للانقضاض عليه ، ما أن لمحني حتى سارع بالقفز إلى حوض السباحة هاربا ،معتقدا أن الماء سيحميه ، واني لا أجيد السباحة .
هذه فرصتي ، أقسم أنني لن أضيعها ،استجمع قواي وحقدي ، واستعين بذاكرتي لاستحضار كل جرائمه ، جرح بغداد الذي لم يلتئم بعد ، قانا ، غزة ، القدس ، قافلة الحرية و.....
اصعد سلم التأهب إلى الدرجة القصوى حتى أصبحت كالثور الاسباني في حلبة المصارعة .
ما احتاجه الآن قليل من الجرأة ، الجأ إلى البار القريب واحتسي الكأس الأول من البيره،
الكأس الثاني ، فأنتشي بالأول ، ثم الثالث والرابع ، اشعر بالدخان يخرج من انفي وأذني أركل بقدمي الأرض وأدور حول حوض السباحة ، وأحرص على استغلال عنصر المفاجأة ، أصبح الأمريكي أمامي حشرة حقيرة سأدوسها بقدمي ، أقفز في الماء واقترب منه أكثر ثم أتبول الكثير من البيره ، واحرص على أن يصيبه الرذاذ ، اشعر بارتياح كبير وانتشي ، اخرج من الماء وأنا أراقبه عن كثب ، بمهارة فائقة يغطس تحت الماء ثم يظهر من جديد وهو يقذف الماء من فمه . وأنا ابتسم شماتة .
عدت إلى البار لاحتسي كأس النصر على أنقاض الأمريكي ، وهو ما زال يمارس هوايته في السباحة والغطس .

*محمود الشمايله
كاتب وقاص أردني
Mhmoud23@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :