facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل كذبوا على الطلبة؟!


محمد حسن التل
17-06-2023 05:05 PM

الشهيد وصفي التل قال يوما عندما يتعلق الأمر بالوطن لا فرق بين الخطأ والخيانة، هذا كان زمن كنا نملك فيه إدارة عامة غير منهارة وغير فاشلة، زمن كان يقود الإدارة رجال يعرفون معنى الخدمة العامة وأنها تكليف وليست تشريف.

حدثني الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء الأسبق ذات يوم أنه دعي يوما وكان خارج الحكومة إلى لقاء هام مع المغفور له بإذن الله الملك الحسين للحديث عن التربية والتعليم، ويومها قدم أحد المسؤولين ما يشبه توصيات حول تطوير التربية والتعليم، وخلص إلى أنه يجب أن تكون الدراسة الثانوية في الأردن مدفوعة الثمن من قبل المواطن، وكان الدكتور النسور يجلس قريبا من الملك، وأبدى ردة فعل تلقائية مستنكرا الفكرة، الأمر الذي انتبه له الملك، وعندما انتهى المتحدث من شرحه، طلب الملك الحسين من الدكتور عبدالله النسور رأيه بالفكرة، فما كان منه إلا أن يجيب الملك بكل صراحة قائلا: يا جلالة الملك، لو كان التعليم مدفوعا في الأردن، وخصوصا مرحلة الثانوية، لما رأيتني أجلس معك، ولما ذهبت إلى فرنسا للدراسة. فقال الملك رافضا الفكرة تماما: سيظل التعليم الأردني بالمجان ما دمت حيا، وعندما أغيب عن دنياكم افعلوا ما شئتم، وكان حديثه فيه نوع من الغضب... تذكرت هذه الحادثة عندما كنت أشاهد قبل أيام حلقة من برنامج نبض البلد عن المشكلة التي يواجهها اليوم طلاب كثر "ضحك عليهم" عندما صدقوا أن هناك منحة لطلاب الشمال والوسط لدراسة البكالوريوس في جامعات الجنوب، وكانت هذه الفكرة قد جاءت من أجل تشجيع الطلاب للذهاب إلى هناك من باب دمج طلاب المملكة على بعضهم، وتعرفهم على طلاب الجنوب في خطوة لجعل الجامعات هناك تساهم في خلق بيئة تعليمية للطلاب من مختلف أنحاء المملكة، وعدم اقتصارها على طلاب تلك المحافظات، كتجربة جامعة اليرموك في إربد في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، حيث كان الطلاب يأتون من أقصى محافظات جنوب الوطن ليدرسوا فيها، وكانت التجربة ناجحة ومتفوقة في دمج جميع طلاب المملكة مع بعضهم ليتعرفوا على ثقافات مختلفة ويجسروا المسافة بينهم.

ذهب الطلاب إلى محافظات الجنوب، ووقعوا على أوراق لا يعرفون على ماذا تحتوي من شروط، لأنهم كانوا جميعا في سن الثامنة عشروليس عندهم ادنى خبرة بالحياة، وكانوا متلهفين على هذه المنحة التي تحولت إلى محنة، إما لأن معدلاتهم لا تسمح لهم الدخول في جامعات الوسط والشمال، وإما وهذا الأرجح، أن عائلاتهم لا تستطيع تدريسهم، فوجدوا في هذه المنحة طاقة فرج، وتمضي الفصول الدراسية ويتخرج هؤلاء الطلبة وينطلقون إلى حياتهم، ثم يتفاجؤون بعد سنوات أنهم ملاحقون قضائيا، وأن أسماءهم معمم عليها حتى على الحدود، ومطالبون بمطالبات مالية كبيرة، والحجة في ذلك أنهم لم ينفذوا شرطا كان موجودا في الأوراق التي وقعوا عليها عند قبولهم في المنحة، وهو أن عليهم أن يسجلوا في ديوان الخدمة المدنية عند تخرجهم، طبعا إضافة إلى أن أعداد كبيرة من الطلبة لم يعرفوا بهذا الشرط ولم ينبههم عليه أحد، سواء عند قبولهم بالمنحة، أو طوال سنوات دراساتهم في الجامعة، مع العلم بأن مندوبي وزارة التعليم العالي موجودون في الجامعات تحت مسمى المستشار الثقافي، ولم يقم هؤلاء بتنبيه الطلبة لهذه النقطة، مع أن الطلبة وقعوا أوراق براءة الذمة من هؤلاء، وكانوا يراجعونهم على مدار السنوات الأربعة.

السؤال : إضافة إلى إهمال تنبيه الطلبة بعد تخرجهم بالتسجيل في ديوان الخدمة المدنية، فإن وجود هذا الشرط في هذه المنحة، من غير المفروض وضعه وهو غير مفخوم، وهل ينقص ديوان الخدمة المدنية طلبات توظيف حتى يلزم هؤلاء الطلبة بالتسجيل به؟ وتتحول المنحة إلى نقمة على الطلبة وعائلاتهم، وتعتبر المبالغ المطلوبة أموالا عامة يلاحق الطلبة على أساسها، وتتحول الفكرة السامية بإرسال طلبة الشمال والوسط إلى جامعات الجنوب شؤم على الطلاب.

لا أعرف أهو الإهمال أم المسؤول الغبي الذي أوصل الإدارة العامة إلى هذا المستوى من الفوضى والإساءة للدولة عند مواطنيها، وقصة هؤلاء الطلاب ليست الوحيدة التي يكون الغباء والإهمال سببا في إفسادها.

لقد قيل أكثر من مرة أن الإصلاح الإداري يبدأ من الموظف الصغير حتى الوزير، ولا يمكن لهذا الإصلاح أن يتم إلا إذا تم العمل على إصلاح الإنسان العامل في الإدارة العامة، فهو واجهة الدولة عند الناس، وإما أن يقربها منهم، ونحن والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواء، إدارتنا العامة مليئة بالنوع المسيء من البشر في كل طبقاتها من المراسل إلى الوزير.

مع كل معاناة الطلبة الملاحقين قضائيا، لم تكلف وزارة التعليم العالي خاطرها للتوضيح واتخاذ إجراء لرفع المعاناة عن الطلبة وعائلاتهم.

الابتسامات الباردة لكثير من المسؤولين على الشاشات لا تحل مشكلة ولا تنهي قضية، والمواطن هو الذي يدفع الثمن، والعلاقة بينه وبين دولته هي التي تتأثر، مثل هؤلاء المسؤولين الذين يتساوى غباءهم مع الخيانة الوطنية، كما قال وصفي التل: مللنا منهم ومن عجزهم ومن تهربهم من المسؤولية ومن خروجهم من الباب ليدخلوا من الشباك رغم جسامة أخطائهم، فسرهم باتع مع أن قدراتهم شحيحة بل ومعدومة، ويظل الإنسان الأردني هو الذي يدفع الثمن لفشل الوزراء والإدارات، وهؤلاء الذين يأكلون من رصيد الدولة عند أبنائها، فليتذكر الجميع أنه دستوريا في المملكة الأردنية الهاشمية حق المواطن بالتعليم المجاني وبالصحة المجانية، فلا تفتحوا جراحا ساكنة...





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :