facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأنومي الأردنية .. فقدان المعايير والمرجعيات * أ.د. ذياب البداينة*


mohammad
12-01-2011 09:06 PM

كثيرة هي الأسئلة التي تطرح هذه الايام، حول ما يحدث المجتمع الأردني من سلوكيات وأفعال جمعية ومجتمعية تمثل العواقب والأثار السلبية للمشكلات الاجتماعية. وتتركز هذه الأسئلة على ماذا يحدث؟ ولماذا يحدث؟ وماذا نفعل ازاء ما يحدث؟ إن الخطوة الأولى في مواجهة هكذا أوضاع، وما يحدث من ظواهر سلبية تتمثل في العنف في الجامعات والعنف الجماعي (العشائري)، والعنف الموجه نجو الذات (الانتحار) هو ايجاد المعرفة العلمية التي تمكننا من فهم الأسباب (فهم ما يحدث)، وتحديدها. والخطوة الثانية ان تترجم هذه المعرفة إلى فعل على مستويات اجتماعية مختلفة (على مستوى المجتمع والمجتمع المحلي والفرد) تتمثل في برامج وقاية ومكافحة، وهذا ما لم يحدث في مواجهة الكثير من مشكلاتنا الاجتماعية.

وفي محاولة فهم ما يحدث في المجتمع الاردني، لابد من إدراك أن المجتمع الاردني مجتمع متحول في بناه وعملياته الاجتماعية، ويمر في حالة تغيرات اجتماعية كبرى، وتغير مستمر على جميع المستويات، فهو يتحول من مجتمع أبوي إلى مجتمع معلومات، تزامن ذلك مع ضغوط اجتماعية حادة من الفقر، والبطالة، والفساد والمحسوبية، وعدم تساوي الفرص، والشعور بعدم الانصاف والظلم، وأزمة الهوية الجمعية، والبحث عن الذات الجمعي. ومن المحتمل ان يولد مثل هذا الوضع مشاعر سلبية ضد المجتمع، ينجم عن ذلك أساليب تأقلم عدائية، ويمثل هذا الوضع بيئة خصبة لنمو التطرف والجريمة والإرهاب. وهنا تغيب المعايير المرجعية، وتضعف المرجعيات وتتصارع القيم والاعراف الاجتماعية أو ما أسماها دوركايم حالة الانومي (اللامعيارية)، ويضعف نظام العدالة الجنائية، والقضاء. وقد تبرز العشيرة كجماعة مرجعية للافراد، ويعود المجتمع إلى النظم غير الرسمية وإلى روابط القرابة والدم في تكوين المرجعيات، عزز ذلك تركيز حكومي على هذه التراكيب كادوات في ضبط العام للمجتمع.

والمتمعن في الاستجابة الحكومية لمثل هذا الوضع، لايراها تخرج عن استجابة الحكومة الأبوية والتي تمارس شتى صنوف الاستعباد والاستبعاد، والأخطر من ذلك تعميم هذا الانموذج ليمتد للمؤسسات الحكومية، وخاصة الحساسة منها كالتعليم فتتحول الجامعة إلى الجامعة الأبوية أو جامعة الزعيم. وتتركز الاستجابة الحكومية على تشخيص مظاهر مشكلاتنا الاجتماعية بردها إلى الفشل في تطبيق القانون، وهي التي تتغنى باننا دولة قانون، ان الركون إلى هذا الحل سيدفع البلاد والعباد إلى الفوضى والتفسخ.

فما الذي حول المجتمع الاردني في سبعينيات القرن الماضي من أكثر مجتمع ممتثل للسلطة في العالم إلى مجتمع عنيف؟ وما الذي أصاب جامعاتنا حتى تحولت إلى واجهات عشائرية؟ وادارتها إلى مجالس قيادة ثورة على الطريقة العربية؟ ومالذي أنزل بني حميدة للشارع للمطالبة باسقاط الحكومة؟ ومالذي جعل العسكر يمتطون السياسية؟ أن خروج المجتمع الاردني للشارع مؤشر يجب الانتباه له بعمق، وتحليل ابعاده الراهنة والمستقبلية. إن جيل الدجتل الأردني مختلف عن غيره من الاجيال، ولايمكن ان يلاحق بالهراوات، فهو ليس تحت الرادار الأمني بل إنه تحت الرادار الدولي. لقد تاقلمت العشيرة مع الأوضاع القاسية، فنظمت نفها وعبرت عن معاناتها، وخرجت من وعيها الزائف، ولم تتأقلم الحكومة مع متطلبات الظروف الصعبة، وركنت الحكومة على أن المواطن هو الحل لمشكلاتها الاقتصادية، فبدل من محاربة الفساد، والمحسوبية، وخلق الفرص، وتعزيز الحريات، واحترام حقوق الانسان، وتساوي الفرص، تجاهلت الحكومة هذه القضايا وعملت على الاسترضاء والتنفيع، واستنزاف دخل المواطن، وزيادة المتطلبات الحياتية عليه.

إن مثل الوضع مرشح للتراكم والانفجار، ويتطلب التخطيط المسبق والعلمي، ليتمكن المجتمع من عبور هذه الحالة من عدم الاستقرار والتوتر، وإن الفشل في تجاوز هذه المرحلة، قد يؤدي إلى حالة من الفوضى والتفسخ، وإلى تغيرات جذرية وسريعة في كافة نظم المجتمع، وهذا ما لاتحمد عواقبه، وقد يؤدي إلى تدمير المنجزات الوطنية. نحن بحاجة إلى ثورة بيضاء ونفس طويل في التغير الهادف والمتوازن في حياة الناس، وارساء الشعور بالعدالة والمساواة قولاً وفعلاً، وتجاوز الدولة الأبوية.

dbadayneh@yahoo.com

*أستاذ علم الاجتماع بجامعة مؤتة





  • 1 بلال السلامين 13-01-2011 | 02:27 PM

    منطق سليم وتحليل مميز


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :