الالتزام بحدود الأنظمة واللوائح
المحامي سالم عيسى نجمة
25-08-2023 12:13 PM
شاهدت واقعة شدت إنتباهي تتعلق بمدى إلتزام الفرد في المجتمع بحدود الأنظمة واللوائح، وهي أنه وفي أحد المواقع السياحية داخل المملكة الحبيبة، مخصص أحد المرافق للبالغين فوق ال ١٨ سنة، أحد أبناء بلدي حاول إستخدام المرفق برفقة أطفاله، فإعتذر له المشرف بكل لطف، أخذ إبن بلدي يناقش المشرف ويجادله وإستخدم الهاتف مع أحد المعارف لغاية إصراره على إستخدام المرفق برفقة أطفاله، وأخذ الموضوع حوالي الثلث ساعة وأكثر قليلا دون فائدة، اللوائح واضحة (المرفق للبالغين)، على أي حال، بعد قليل وصلت مجموعة من ضيوف البلد الأجانب، حاول أحدهم إستخدام ذات المرفق برفقة أطفاله، فإعتذرالمشرف له بلطف أيضا، قَبِل ضيفنا الأجنبي الاعتذار فورًا، والتزم بحدود ما نصت عليه التعليمات، وذهب إلى المرفق الذي يسمح له إستخدامه مع أطفاله.
الذي يثير الانتباه، ما الذي يدفع إبن بلدي للمناقشة والجدال للحصول على الاستثناء وكسر ما تحكم به اللوائح والتعليمات، وما الذي يدفع الأجنبي إلى تنفيذ ما تتضمنه تلك اللوائح.
أتوقع هي ثقافة الالتزام بحدود الأنظمة واللوائح، لأنه من الثابت أن الثقافة ناظمة لسلوك الفرد في أي مجتمع. نعم، إنها ثقافة الالتزام بعدم السير عكس إتجاه السير، ثقافة الالتزام في عدم قطع الاشارة الحمراء، ثقافة الالتزام في وضع حزام الآمان، ثقافة الالتزام في الوقوف على الدور في دوائر الدولة، ثقافة الالتزام بعدم اللجوء إلى الواسطة والمحسوبية لانجاز معاملة ما... إلخ.
وفي الحقيقة، تبدأ ثقافة الالتزام بحدود الأنظمة والتعليمات واللوائح بإحترام أحكام القانون، بحيث يصبح إحترام أي قانون جزءً أساسيا من سلوك الفرد في المجتمع، أكان خاضعًا للرقابة أم لم يكن. ونجد ثقافة الالتزام تُكرّس بالقدوة والنموذج، فالأب قدوة، والمعلم قدوة، والمسؤول الكبير قدوة، لأن القدوة الحسنة وسيلة من وسائل التربية، حيث يتخذ المقتدي من القدوة مثالا في القول والفعل، أما القدوة السيئة فلها الآثر السلبي على إلتزام الفرد والجماعة.
كم نتمنى أن نلتزم في ما تنص عليه الأنظمة واللوائح، دون رقيب أو حسيب. كم نتمنى أن تُحترم أحكام القوانين دون الخوف من العقاب والجزاء. نتمنى كلّ ذلك لما فيه من مصلحة عليا للمجتمع ومصلحة فضلى للفرد، لأن الهدف الأسمى للتشريعات حماية المجتمع وضمان نهوضه وتقدمه وتحقيق الأمن والاستقرار وتوفير العدالة الاجتماعية بين الأفراد.