facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين تفقد الإنسانية مضمونها


فيصل تايه
01-11-2023 11:18 PM

اكتبوا على انقاض غزة أن احبتها اعدموها حين ضبطت متلبسة بحب الحرية والحياة ، أهالوا التراب على جسدها المتعب بعذابات السنين ، حين اتتها السكرات بنواح خافت دون رحمة أو ترحم ، من كل الذين وقفوا متفرجين على مأساتها ، وكل الذين تلذذوا بنحرها دون أن يرف لهم جفن من حجم فظائع القتل والفقر والبؤس والعتمة التي تلفها.

لكل الذين ألقوا بها على قارعة التسول والموت البطيء، وتعاملوا معها كطريدة ، وتنازعوا لحمها وامتصوا عظمها حتى النخاع ، وجعلوا منها أكبر سجن في التاريخ ، وجعلوا الحياة فيها دورة تدريبية على الموت ، والذين كانوا وما زالوا يصفون حساباتهم على جثتها النازفة ، والذين لا يجدون قوت يومهم ، ويهربون من وجوه أطفالهم بسبب العدم، وتحت ظروف قهرية صعبة فُرضت عليها من القريب قبل البعيد ، وباسم طوابير البطالة والمحرومين، وكل الذين احترقوا بالجوع وبالشموع، وكل الذين ماتوا قبل أوانهم، وكل من منهم قضى نحبه ومن منهم ينتظر .

في غزة فقدت الإنسانية مضمونها، وللحظة بدا كأن أبواب السماء أغلقت في وجه هذه المدينة الباسلة ، والفقيرة من كل شيء إلا من الدم ، الذي تدفعه كضريبة بحثها عن الحرية واستمرارها بالحياة، ففي غزة يبدو كل شيء كئيباً، فلا حياة في غزة ، ولا كهرباء ، ولا ماء ، ولا وظائف ولا جامعات ولا مدارس ولا سفر ولا علاج ولا بيوت تشيد ولا شوارع ترصف ولا علاقات سوية ولا نساء ولا رجال ولا مال ولا أحلام ولا آمال ولا مستقبل تنتظره الأجيال ، فأهالي غزة غاضبون من كل شيء وعلى كل شيء .

في غزة .. يسود إحباط لم يكن يوماً بهذا القدر حتى في أسوأ لحظات الحروب، حيث يطغي الحزن والألم ، وفي غزة يسجل التاريخ أن هذه البقعة التي شاء لها القدر يوماً أن تحمل على أكتافها عبء التحرير حين تبقت وحدها ليسجل التاريخ أنها تموت ببطء أمام نظر الجميع وينتظروها حتى تلفظ نفسها الأخير….

لكن .. ورغم هذا الدمار ، ستبقى غزة آخر معاقلنا ، وما تبقى من كرامتنا ، لأنها تصنع المستحيل في صمود أسطوري يشهد له التاريخ ، فقد لقنتنا غزة درساً متكرراً آخر .

رحم الله الشهداء ويتقبلهم في عليين ، وعصم قلوب أمهاتهم وأطفالهم وأحبابهم بالصبر انه سميع مجيب ..

والله ولي الصابرين





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :