facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فشل أخلاقي


عامر طهبوب
09-11-2023 03:31 PM

كشفت غزة المظلومة، كما لم تكشف مدينة من قبل، الفشل الأخلاقي غير المسبوق لما يسمى المنظومة الإنسانية، ليس فقط الحكومية، ولكن الأهلية أيضاً، وكل المنظمات والهيئات التي كانت تلبس ثوب البياض، والتعاون، والسلام، والتنمية، والحقوق، وإعانة الجنوب من أطراف أوروبية، شديدة النفاق وكثيرة الكذب، وبشكل خاص تلك التي كانت تعمل في الأراضي الفلسطينية، وتحولت إلى فصوص ملح ذابت، وانسحبت من المشهد منذ السابع من أكتوبر، واستغنت عن كل العاملين أو المتعاونين معها من الجانب الفلسطيني.
كشفت غزة عورات دول، وحكومات، ومنظمات، وهيئات، وأشخاص، كان يظن فيها بعض الخير، وأنا لا أتحدث عن الجانب العربي هنا، فأي عون أو إسناد - صغر أم كبر- من الدول والحكومات العربية، أو من المجتمعات المدنية، واجب مشكور، لكنه في الأول وفي الآخر واجب لا منّة، ولا منّة على أهل غزة، السدنة المؤتمنون الذين يخوضون أشرس مواجهة ضد الإبادة مع أبغض احتلال عرفه التاريخ.

كان "مارتن غريفيث"، منسق الأمم المتحدة، و"فيليب لازاريني"، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ومديرة أطباء بلا حدود، وغيرهم، يصفون بدقة وألم، الحال الذي وصلت إليه الحياة في غزة من شح في المياه، والأمن، والسلامة، والكهرباء، والدواء، والغذاء، في المؤتمر الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي لدعم غزة إنسانياً، خرج "موشيه تيترو"، أحد القادة العسكريين الإسرائيليين في نفس الوقت، يقول: لا يوجد في غزة معاناة إنسانية.

لا أستغرب تصريحاً من هذا النوع من محتل عنصري، لا يرى بشراً في غزة، ولا يرى إنساناً، بل حيوانات بشرية، في وقت قال فيه النائب الديمقراطي الأميركي السابق "جيم موران": لو فقدت أحداً من أولادي في قصف غزة، أنا شخصياً، لتحولت إلى "إرهابي".

يخرج الغزي كل صباح للبحث عن جثة تحت الركام، كما فعل محمد الريس الذي استشهد في قصف إسرائيلي وهو يبحث عن جثمان شقيقه ميسرة الريس، وكما دفنت الطفلة سارة يوم السادس عشر من أكتوبر، لتبقى شقيقتها يارا تحت الركام، وتنتشل بعد ثلاثة أيام لترقد في حضن سارة، كما تخرج أم للوقوف على طابور مخبز حتى المساء، وتعود خالية اليدين، لتقصفها الطائرات في طريق العودة وأطفالها جياع، كما فقد "اليوتيوبر" الصبي "عوني الدوس" حياته وهو يحلم بعشرة آلاف متابع، وكما ضاعت أحلام الطبيب توفيق الفرا، وزوجته المحامية دانة السقا، واستشهدا معاً، ويخرج الغزي من بيته ليبحث عن قبر لأهله، وقد تقصفه الطائرات على تراب المقبرة، كما حدث في هذه الحرب المجنونة المتوحشة المسعورة، وكما ظلت الطفلة الصغيرة من عائلة أبو ريالة وحيدة في الحياة بعد قصف أسرتها، وهم في الطريق إلى الجنوب "الآمن".

فشل أخلاقي ذريع للقاصي والداني، يقابل إجراماً غير مسبوق لمحتل غاصب. كيف استطاع رجالات العالم أن يشاهدوا هذه المجازر الوحشية، ويرتدون ربطة عنق حمراء أو زرقاء، كيف يبتسم الإنسان، كيف يأكل وينام، وكيف يصبر، بل كيف ترى واشنطن أنها لا تتفق مع فكرة وقف إطلاق النار؟ فكرة وقف المجازر بحق الأطفال والنساء.

الله كم كشفت يا غزة من عيوب أهل الأرض، وأما الفلسطيني، فإنه يعرف أن تحرير أرضه يستلزم الدم، والتضحية، والصبر على البلاء والابتلاء، واحتمال ما لا يحتمل، ولكنه لن يترك أرضه، ولن يتنازل عن حقوقه في وطنه، فالفلسطيني تعلّم أن "لا يتزحزح" !





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :