facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رحلة على الطريق السلطاني


د. صبري ربيحات
19-01-2024 11:44 AM

التجوال في الاردن هواية استولت على مشاعري ومنحتني الفرصة لزيارة المواقع والالتقاء بالناس والتعلم اللامنهجي من خبرات وحكمة المئات من الرجال والنساء الكبار والصغار الذين قابلتهم واستمتعت بالاستماع لادلائتهم حول الامكنة والشخوص والاحداث والدروس التي تراكمت في ذاكرة البلدات والقرى والطرقات التي نزورها ونسلكها في تنقلنا وترحالنا الذي لا يتوقف.

الأربعاء ١٧ يناير ٢٠٢٤ وعند السابعة صباحا قررنا الانطلاق من عمان متجهين جنوبا لزيارة مدينة البتراء الأثرية التي صنفت كثالث افضل مقصد سياحي للعام ٢٠٢٤. في الرحلة العائلية التي رافقت فيها عبود ونسرين في سيارتنا التي اصبحت تألف قيادتي واالف اهتزازات دواليبها عند كل حفرة ومطب او انعطاف كان الحديث دائرا على مدار الساعات الأربعة التي استغرقتها الرحلة.

ذهابا ولكي لا تفوتنا فرصة التجوال في المدينة الوردية قبل المغيب قررنا ان نسلك الطريق الصحراوي السريع على ان نعود الى عمان في اليوم التالي عبر الطريق الملوكي الذي يخترق قرى وبلدات ومدن الجنوب مع التوقف لبرهة عند كل معلم من معالم هذا الطريق التاريخي الهام.

بعدما وصلنا بلدة وادي موسى وانزلنا الرحال تدلينا عبر الممر الذي اجرت عليه سلطات الاقليم السياحي الكثير من التعديلات ليبدو اكثر تنظيما ورحابة ولنتجول في جنبات المكان الذي بدى لي وكأني ازوره للمرة الأولى. فقد بدت الكهوف اكثر وضوحا والممرات اقل اكتظاظا والمكان اخف ضجيجا من المرات التي خلت .....في المكان محطات وحمامات على قدر معقول من النظافة وهناك عناية واضحة في رفع كل ما يمكن ان يلوث بصر الناظر ...

بعد ساعتين او يزيد من التأمل والطواف في جنبات المدينة عدنا نحو مقر إقامتنا مشيا قبل ان نشعر بشي من الإجهاد الذي تطلب الصعود الى واحدة من عربات النقل الصغيرة التي تعمل على خدمة من يشاء من الزوار . في كل خطوة واينما اتجه النظر تشعر بوجود نية وعزيمة لاحداث تغيير في أجواء المكان يكفل مستويات من الراحة ويحد من تأثير الانطباعات التي حاول بعض الزوار تضخيمها وتعميمها .

في اليوم التالي ومع اشراقة شمس الخميس قرر ثلاثتنا ان نعيد زيارة الكثير من المواقع المجاورة للطريق الملوكي الذي سنسلكه في رحلة العودة الى عمان..

منذ ان افقنا شعرنا بأن كل شي حولنا كان وادعا ومؤنسا كعادته فالجنوب يستقبل شمس الشتاء وعيونه على الغيمات التي تطردها هبات الريح ....

وكلما تقاربت بعث تقاربها أملا جديدا في نفوس الرعاة والزراع وكل الذين عانوا من العطش والجفاف وشح المياه خلال أيام الصيف الذي مضى ...

من وادي موسى التي يتوقف زوارها عند الينابيع الثلاث التي يرتبط منسوب تدفقها بشدة او شح المواسم الى الشوبك التي تتقابل قرأها على مصفوفة التلال التي اغتسلت قممها واوديتها بأوائل ايام الشتاء الذي بدى مبشرا قبل ان تهل مربعانية هذا العام

نعم في غرب معان لا شي يتقدم على ما يدور في فلسطين الحبيبة فهي الوجهة التي سرعان ما تتجه لها ابرة البوصلة في كل موقف او حديث عابر او لقاء. كبقية الاردنيين والعرب الاحرار يتحدث الناس عن غزة والمقاومة بفخر وزهو واعتزاز ويتعجب الجميع من مستوى الشجاعة والبطولة والاصرار ويتعالى الجميع عن نعت المتخاذلين او لومهم باعتبار ان تورط البعض في صدام غير متكافيء قد يصرف النظر عن انجازات المقاومة الفلسطينية الاسطورية .

على صعيد الاوضاع المعاشة للاهالي ومحيطهم فقد بدت الارض اكثر ارتواء واشد استعدادا لدعم غطاءها النباتي الذي ظهرت تباشيره الاولى على جوانب الطرق وحول مجاري ومساقط السيول والجداول .

في الشوبك انعطفنا يسارا باتجاه القلعة واتجهنا نحو فندق الغرفة الواحدة الذي اسسه المواطن الشوبكي محمد الملاحيم أبوعلي بعدما جهز سيارة الفولكس فاجن القديمة وركنها قبالة القلعة لتصبح أصغر فندق في العالم. الحديث مع الأخ أبو علي عن القلعة والشوبك وقرية الجاية التي كانت ترحب بكل من يزورها ويقيم في أطرافها حديث ممتع وذي شجون فقد وصف القرية وماضيها ورجالاتها الذين ولدوا في القرية واصبحوا اعلام يشار لهم في عالم السياسة والادارة والجندية ....

من الشوبك اتجهنا نحو الشمال باتجاه القادسية ونحن نناظر مؤشر الارتفاع عن سطح البحر الذي يتذبذب بين ال١٣٠٠م الى ال١٥٥٠ متر مما يشير الى اننا على قمم أعلى جبال الاردن ارتفاعا عن سطح البحر وهنا لا يختلف المشهد كثيرا عن ما قد شهدناه في وادي موسى والشوبك من خضرة وانتعاش للارض وغطاءها النباتي .....

مثل القادسية وضانا كانت بقية القرى التي عبرناها فعلى اليمين وعلى الشمال كانت غرندل وبصيرا والعين البيضاء وعابل ورويم وصنفحة والحزمان المحيطة بمدينة الجبال والزيتون " الطفيلة"....

وما ان دخلنا بلدة العيص المكتظة شوارعها بالخضار والفواكه المعروضة بأسعار لا تضاهى حتى استدرنا شمالا باتجاه الكرك وعبر قرى ابو بنا وشيظم واللعبان قبل ان نشرف على سد التنور الذي حبس ما يقارب ثلث طاقته الاستيعاب وينتظر المزيد من خيرات الموسم في نهايات الاسبوع القادم.

النظر الى التلة السوداء المطلة على السد والفاصلة بين بلدة العينا ووادي الحسا يذكرك بالوحمات التي تبدو على وجوه المواليد .ومع ان الطريق بدت مقفرة نسبيا الا ان الخضرة اللافتة تتبدى لك عند أول اطلالة على حدود قرى العمرية والحسينية والمزار وصولا الى مؤتة والمرج وعبر الربة والقصر والجدعا وشيحان ....

في قرى الكرك حركة وتفاعل ونشاط زراعي واضح فبالرغم ان معدلات الهطول المطري لا تزال متواضعة الا ان الامل بالله لا ينقطع. هذه الصورة تتكرر وانت تطل على سد الموجب الذي احتفظ ببعض المياه لكنه بانتظار ما يكفي ليبعث المزيد من الطمأنينة في النفوس......

للهبوط من الكتف الجنوبي للوادي الى البطن متعة يسرق بعضها الخوف من حدة المنحدرات واوضاع الطريق لكن بعضنا يبدد هذا الخوف بتذكر اوضاع تلك الطريق في ستينيات القرن الماضي .

الخصوبة تبدو اكثر وضوحا في قرى الحمايدة وعلى طول المسافة الممتدة بين ذيبان وماديا والتي اسهمت فيها الجامعة الامريكية وبعض المنشأت التي ظهرت على جوانب الطريق في السنوات القليلة الماضية.

الحقيقة التي اتفقنا عليها اليوم ان في الاردن جمالا يصعب ان يدركه العابر او المتعجل او الذي ينظر لهذا الوطن من ثقب الباب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :