facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عيد الحب


فيصل سلايطة
14-02-2024 10:54 AM

لعلّ لغتنا العربية هي من أكثر اللغات واجملها تغنّيا بالحبّ، مفردات ومرادفات ومصطلحات ومعان وصور فنيّة خلّدت هذا الشعور الانساني العميق , فالحُبّ في التاريخ اللغويّ العربيّ يستحوذ على حصة كبيرة من الثقافة و التاريخ , من الشِعر و الغناء و الرسائل و المحادثات و القصص و الروايات و الاغنيات و الاهازيج , كلّها كان الحبّ سيّد الكلمة و الموقف و المُحرّك الأول للكتابة و الالهام و تفسير الشُعور و ترجمتهُ .

على أرض الواقع العربي لطالما رُفعتْ المشانق لمن يعلن الحبّ و يرتدّ إليه هذه الشعور الطبيعي الفطري باعلان الحرب , فنحن من اكثر الشعوب انتاجا لأغاني الحب و اكثرهم رفضا للتطبيق , و كأنّ الحب هو شعور استسلامي يحرّم البوح به , و للأسف لم يخلّف لنا هذا المنع علاقات صحيّة متينة كنتيجة للتحريم , بل باتت العلاقات شبه سطحية لا يحافظ على ديموتها سوى عوامل المصلحة و الانجاب أو الاكسسوار و الشكليات المصطنعة .

في كل الرسالات السماوي التي هبطت في شرقنا الاوسط كان الحبّ هو المحور و الاساس ,لذلك تفرّع و أخذ اشكالا مختلفة تصبّ جميعها في وعاء المحبّة , فهل هنالك أجمل و أعظم من هكذا وصية في الانجيل المقدّس " هذِهِ هِيَ وصِيَّتي: أحِبُّوا بَعضُكُم بَعضًا مِثلَما أحبَبْتُكم (يوحنّا 15: 12) " , أمّا في القرآن الكريم فكان الحبّ صورة رقيقة و رسالة عميقة للتعامل بين بني البشر " "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم 21) " .

فهل نفهم حقيقة معنى الحُبّ أم نظنّ أنفسنا على دراية ؟

في الحقيقة قد نكون بتخطيط أو بغير تخطيط اختزلنا الحبّ " كفعلٍ " فقط بالروايات و الكتب و الآداب بالعموم , في حين يتمحور شعور الحبّ الحقيقي في كل مناحي الحياة , فهل نصدّق الحُبّ من حبيب يعشق حبيبته و يغازلها عبر الهاتف في يد و في الاخرى يرمي باعقاب السجائر نحو الشارع من نافذة السيّارة ؟ فأي حبٍّ هذا الذي لا يضفي المودة و السلام و الاحترام على كامل الطبع البشري ؟

اختلط الحبّ في الثقافة العربية ببعض المشاعر الاخرى , فأحيانا يتجلّى بنهم الانسان نحو الابدية و الذي قد يترجمه بالسلوك الانجابي , فالرجل يحبّ زوجته لأنّها " أمّ اطفاله " أمّا هي فتحبّه لأنّه " أبو العيال " , هذا النوع من الحبّ هو النوع الاعتيادي الذي في الغالب عربيّ الانتشار , أما العنصر الآخر الذي يختلط على البشر مع الحبّ , هو الجنس كسلوك و ممارسه , فالحب ليس الجنس لكن بالتأكيد الجنس هو الحبّ , و الجنس إن فصلناه عن تلك التابوهات المحرّمة الممنوع النقاش بها , هو شعور و مطلب و احتياج انساني نفسي قبل أن يكون وسيلة للتكاثر ، يجب أن يوضع داخل مؤسسة الزواج لكي يحفظ احترامه و قدسيته ، و لكي لا يظلم أن نتاج له ، لذلك للأسف نجد من يرتبط لهذه الغاية و ليس للحبّ الحقيقي .

من فظائع الحبّ أيضا أننا نستطيع فصله و ربطه بالعمر و عنصر الزمن , لذلك قد نجد شابّا يهين زوجته بسبب حبّه لوالدته " مع عدم اقتراف الزوجة لأيّ ذنبٍ " ! فأيّ حبٍّ هذا الذي يُمارس تبعا للعمر , في حين سيأتي دورٌ على هذه الزوجة لتصبح أمّا ! دائرة مغلقة من العادات الاجتماعية و السلوكيات المتوارثة , تحتاج لعاقل أو عاقلة لكسر الروتينية فيها .

يعود أصل عيد الحب إلى القرن الثالث الميلادي الذي ظهرت به قصة القديس فالنتينوس، الكاهن الروماني الذي كان يعتبر مؤيدًا للحب والزواج وقد تم إعدامه بوحشية في الرابع عشر من فبراير , اليوم هذا العيد اصبح عيدا تجاريا بامتياز , فقلّما يكون الهدف منه تجديد الوعود تجاه هذا الشعور الانساني الفطري , بل أصبح يختزل بوردة حمراء و دبٍّ احمر كبير أو عطرٍ فوّاح و قالب حلوى مزركش بالقلوب .

لا بأس أن يأخذ هذا اليوم هذا الطابع الاقتصادي المرهون بالشراء و البيع , فنحن كبشر لم نعد نعيش في عصور المقايضة , لكن الاهم أن نلتفت للحبّ بكافة اشكاله , فحبّ الارض و الانتماء اليها أيضا حبّ , و كم من شعب آمن بارضه و احبّها باخلاص استطاع أن يعمّرها من الصفر أو تحت الصفر حتى !

وفي يوم الحبّ نتمنى للانسان أن يحبّ اخيه الانسان , أن يوقف الحرب و تدمير البُنيان ...فما أسهل الكلمة أمام شعور الحنان!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :