facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مخاض بناء مصر الجديدة بعد استفتاء الدستور


رنا الصباغ
20-03-2011 03:47 AM

القاهرة - يصعب توقع مصير التعديلات الدستورية التي طرحت على استفتاء عام أمس السبت بهدف ضمان إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية "نزيهة وشفافة" قبل نهاية العام, بحسب ما يخطط له المجلس العسكري, قائد البلاد والعباد منذ اندلاع "ثورة 25 يناير" التي خلعت الرئيس حسني مبارك ودفعته لتقاعد قسري في فيلته الفارهة بمنتجع شرم الشيخ السياحي.

في مصر الجديدة قيد التشكيل مخاوف حقيقية مما سيحمله المستقبل واحتمالات الصراع بين الثوار التقليديين: القوى الاسلامية, اليسارية والتيارات الماركسية والقومية التي فشلت على مدار عقود في تحقيق حلم التغيير وبين جيل الاحفاد الذين فجروا الثورة بعفوية بحثا عن الحرية والديمقراطية, من دون أن يكون لهم خطة عمل لاحقة تصوغ مستقبل بلادهم في القرن الحادي والعشرين!!.

فالفراغ الدستوري السياسي هو أخطر ما يواجه مصر اليوم لأنه مسكون بمفاجآت وتعقيدات قد لا تخطر على البال. أما حالة الانفلات الامني السائد وضعف عجلة الانتاج وارتباك مؤسسات الدولة, فهي أسباب اضافية مقلقة وخطيرة لا يمكن التقليل من تبعاتها.

تفاقم حالة الارتباك والانقسام جهود حثيثة لإجهاض الثورة الشبابية التي صمدت حتى اليوم في وجه محاولات الترهيب والالتفاف من جانب فلول مبارك عبر إصلاحات سياسية تجميلية لا تمس الجوهر والمضمون, ما قد يعيد صناعة "دكتاتور" جديد.

التجاذب في أوساط القوى المشاركة في العملية الانتقالية بمن فيهم "الحرس القديم" و"الجديد" تتعدى التعديلات الدستورية مثار الاستفتاء لتمس الانتخابات التشريعية والرئاسية.

هناك قوى قديمة تسعى لحرق المراحل الانتقالية قبل نهاية العام واختزال الثورة بانتخابات متتالية, مقابل قوى صاعدة تطالب بتأجيل الملف الانتخابي برمته لنهاية 2012 بعد إجهاض الاستفتاءات الدستورية, التي لم تخضع لنقاش عام. برأي الفئة الاخيرة, فإن ما يقوم على باطل (دستور قديم جرى تجميله) سيكون باطلا, وأن تمديد الفترة الانتقالية ضرورة لبناء روافع الديمقراطية بما فيها وضع دستور جديد, إرساء منظومة حقوق الانسان وحكم القانون مع ضمان تشكيل أحزاب جديدة تبني قواعدها في الشارع من خلال الحملات الانتخابية.

التعديلات الدستورية التي اقترحتها لجنة برئاسة طارق البشري, فقيه قانوني ومؤرخ, ستحسم اليوم بين التصويت ب¯ "نعم" و"لا" في أول اختبار لحقبة ما بعد مبارك بعد أن فقد الشعب المصري ذاكرته الديمقراطية. أدخلت اللجنة تعديلات مهمة مثل تقييد منصب رئيس الدولة بفترتين متواليتين كحد أقصى, مدة كل منهما أربع سنوات وإعادة الاشراف القضائي على الانتخابات. وهناك تغييرات إشكالية مثل اشتراط الا يكون المرشح لرئاسة الجمهورية قد حصل - هو أو احد والديه - على جنسية دولة أخرى (حوالي ستة ملايين مصري يعيشون خارج مصر) والا يكون متزوجا من غير مصرية.

لكن حسم نتيجة الاستفتاء في أيدي المترددين. فهم بيضة القبّان - بين 45 مليون مصري يحق لهم الاقتراع. وعليهم يقع ثقل نقل مصر من ترسبات الماضي إلى ترجمة الامال والتطلعات المستقبلية.

من هنا تحالف مرشحون محتملون لمنصب الرئيس مع رجال اعمال وفنانين ساهموا في صناعة الثورة لحث المصريين على الاستفتاء بكثافة حتى لا تضيع الفرصة مرة أخرى. ففيما يشبه الاعلان عبر محطات فضائية عربية, توافقت آراء عمرو موسى, محمد البرادعي, نجيب سويرس, منى زكي وزوجها أحمد حلمي وآخرين حول دعوة المصريين إلى رفض التعديلات من أجل حماية مكتسبات الشباب غير المسيّسين.

بقايا الحزب الوطني الحاكم والاسلاميين من جماعة "الاخوان المسلمين" و"الجماعة الاسلامية" وحزبي "الوسط" و"العمل" السلفيين مستنفرون للتصويت ب¯"نعم". في المقابل نشطت الاحزاب الكبرى, خصوصا "الوفد" و"الناصري" و"التجمع" والجبهة الديمقراطية, والقوى الشبابية المدنية من "الجمعية الوطنية للتغيير" و"حركة 6 ابريل" و"ائتلاف شباب الثورة" والاقباط ومثقفون وكتاب لحض المصريين على رفض التعديلات.

مجموعة "نعم" تلمح فرصة للسيطرة على البرلمان الجديد في غياب منافسة أخرى تعبّر عن القوى الثورية غير المنظمة.

الاخوان المسلمين, الاوسع نفوذا في الشارع, يتعاملون ببراغماتيكية عالية لضمان جلوسهم على مقاعد السلطة بعد سنوات من البطش والتنكيل والقمع. يحاولون طمأنة كل من العسكر والغرب, وبخاصة واشنطن, بأنهم تغيروا, ويسعون للمشاركة لا المغالبة عبر التعاون مع كل القوة السياسية. وقد أعلنوا عن تعديلات على نظامهم الاساسي كانت مرفوضة سابقا, بما فيها قبول ولاية وحكم المرأة والاقباط وتغيير خطابهم حيال اليهود, إذ يمكنهم قبول إسرائيل إذا "استردت الحقوق الفلسطينية والعربية" من دون تعريف هذه الحقوق.

مجموعة "لا" يرون في التعديلات المقترحة محاولة لاستعادة الدستور المصري المعطل بقرار من المجلس العسكري وعودة فلول الحزب الوطني والاخوان المسلمين للسيطرة على الحياة السياسية. وهم يصرون على أن هذا الدستور سقط مع رحيل مبارك ويخشون من أن تخول التعديلات رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة في إدارة شؤون البلاد, الامر الذي قد يؤدي إلى سيطرة "فرد متسلط" مجددا على مفاصل الدولة. هذه الفئة تريد فرض شرعية جديدة اسمها "شرعية الشارع", لكنها لا تحمل خطة عمل واضحة.

أما النخب فمقسومة, تخشى من التسيب وتريد عودة الحياة إلى طبيعتها بسرعة.

المجلس الاعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير الطنطاوي يقول إنه جاهز للتعاطي مع سيناريوهات مختلفة. لكنه يصلي بأن تأتي النتيجة لمصلحة التعديلات الدستورية, لأنه في سباق مع الزمن للتخلص من هموم المرحلة الانتقالية الحالية, والتخلي عن "كرة النار" المتدحرجة التي ألقيت في حجر الجيش بين عشية وضحاها, من أجل التفرغ لأداء مهامه الاصيلة في ظروف إقليمية صعبة, وتحديات ضاغطة على حدوده مع إسرائيل, ليبيا, والسودان الجديد. يؤكد البشير لزواره من داخل وخارج البلاد أنه لا يريد البقاء في هذا المنصب لمدة طويلة.

في حال الموافقة على التعديلات الدستورية, ستجرى انتخابات تشريعية في موعد أقصاه أيلول المقبل. تتبعها بأشهر قليلة انتخابات رئاسية ثم يعطي البرلمان بغرفتيه (الشعب والشورى) حق اختيار لجنة لوضع دستور جديد خلال مدة أقصاها عام. وفي حال تم الرفض, فسيقوم الجيش بإطلاق "إعلان دستوري" لتسيير أمور البلاد وسط تحذيرات من أن رفض التعديلات سيؤدي إلى تأخير انتقال الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة. وقد يرضخ المجلس العسكري في هذه الحالة إلى انتخاب جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا للبلاد قبل طرحه على الاستفتاء مرة أخرى.

سبقت الاستفتاء حوارات إعلامية ونخبوية وعسكرية متلفزة خلال الايام الماضية. عدد من الحوارات طالب برفض التعديلات الدستورية حسبما رشح من مؤتمر بعنوان "مصر بكره" نظمته صحيفة المصري اليوم المستقلة والاوسع انتشار. وأخرى دعت إلى تأجيلها لعام على الاقل ل¯ "حماية منجزات الثورة", حسبما عبّرت عنها أجواء "مناظرات الدوحة" التي عقدت حوارية خاصة في القاهرة. آخرون طالبوا بتبني الاصلاحات الدستورية كخطوة أولى على الطريق.

غالبية أصوات الخبراء الذين شاركوا في ندوة "المصري اليوم" طالبت بدستور جديد. من بين المشاركين رموز تمثل جميع ألوان الطيف السياسي; مثل الاخوان المسلمين فضلا عن عدد من السياسيين, وأساتذة قانون وفقهاء دستوريين.

وفي نقاش خاص نظمته "مناظرات الدوحة", صوّت 84.4% من جمهور الحلقة, المؤلف خصوصا من طلبة ومهنيين شباب, إلى جانب ثيمة الحوار: "من أجل ضمان الديمقراطية.. هذا الجمهور يعتقد بضرورة تأجيل الانتخابات". شهدت تلك الحلقة احتدام نقاشات حادة بين المشاركين الشباب ود. عصام العريان, المتحدث باسم الاخوان, الذي أكد أن الحركة لن تستهدف رئاسة الجمهورية أو تتنافس على أكثر من 30% من مقاعد البرلمان القادم. في المقابل انتزع نشطاء شباب تصفيق الحضور في كل مرة تحدوا فيها خطاب د. العريان وسط مشاركة مثقفين, إعلاميين, سياسيين ورجال أعمال.

من جهتهم, يتهم الاخوان رافضي تعديل الدستور ب¯"التدليس" و"تلقي تمويل أمريكي", في نبرة أعادت التذكير بأدبيات الحزب الوطني الحاكم لعقود حين كانت تخّون الرأي الاخر.

فهل مصر الجديدة تشبه المليون الذين مثلوا مكونات المجتمع وطبقاته الاجتماعية والاقتصادية ممن تجمعوا في ميدان التحرير وأسقطوا النظام أم العشرة ملايين في سائر محافظات مصر المهمشة معاقل نفوذ الاسلاميين, والحزب الوطنى? وهل ينقضّ جيل الشيوخ على حلم الثورة التي حققها جيل الشباب, في استحضار "لأسطورة سنّمار", ذلك المهندس الذي شيّد قصرا خياليا, فكافأه صاحب القصر بإلقائه من أعلى أبراجه, حتى لا يشيد قصرا مثيلا لأي مخلوق غيره?

سقوط أول "بطاقة" في "صندوق الديمقراطية" هل ستوصل مصر إلى "ديمقراطية مثالية" كما يريدها رافضو التعديلات الدستورية ومؤيدو تأجيل الانتخابات, أم سيسود خيار الاسلاميين ومن يقود ثورة مضادة لإجهاض التجربة في تلاق انتهازي ربما يكون غير مقصود بين أعداء الامس?.0

rana.sabbagh@alarabalyawm.net

(العرب اليوم)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :