facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الاحتلال إلى زوال


عامر طهبوب
20-02-2024 08:42 AM

سمعت أكثر من مرة أكثر من محلل استراتيجي، يتحدث عن التهجير الطوعي والتهجير القسري، وفهمت القصد بالتهجير القسري، دفع أهل غزة بقوة السلاح لمغادرة القطاع، وفهمت أن رفض أهل غزة مغادرتها رغم الجوع والعطش، وقلة الدواء، وانعدام الأمن، يعد صموداً، وأنهم اختاروا بطوع أمرهم البقاء، ولم يختاروا الهجرة الطوعية، وتلك نظرة قاصرة خاطئة، فالتهجير القسري يمكن أن يحدث عن طريق التجويع، والتعطيش، وتهيئة ظروف معيشية قاسية ينعدم فيها الأمن، والسقف، والدواء، والهواء، والمدرسة، والمخبز، والخبز، والطحين، والعجين، والتهجير القسري يمكن أن يحدث عندما يرى الجار جارته مقطعة إلى أشلاء، ويرى ابن أخيه وقد طار رأسه عن جسده إلى سطح بيت مجاور مهدم.
غزة أمست طاردة للحياة، وإلا لما كان صمود الغزيين أسطورة يسجلها التاريخ، ومن المؤسف أن يتكرر في غزة، ما حدث لأهل اللد والرملة عام 1948 بصورة أصبحت فيها مجازر دير ياسين، والطنطورة، وبلد الشيخ، وسعسع، والدوايمة، والصفصاف، وصلحا، ومجد الكروم، وحولا، مجرد عينات بالمقارنة مع ما يحدث اليوم على أرض غزة، ومن المؤسف أن يحدث ذلك كله، وقد استقلت الدول العربية والإسلامية، وأصبحت كما يفترض صاحبة قرار نفسها.
مؤسف أن العدوان على غزة اقترب من الوصول إلى الشهر الخامس دون توقف، ومؤسف أن يأتي هلال رمضان على غزة، ويجبر أهلها بفعل الجوع على الصيام القسري دون أن يجدوا عند أذان المغرب لقمة أو شربة ماء، وأجزم أن غزة ستصوم، وستقيم الصلوات، وسيحمد أهلها ربهم على كل حال، ويواصلون مناجاة السماء دون أن يسلّموا أو يستسلموا، ودون أن يهاجروا أو يُهجّروا.
نتنياهو فقد صوابه، ولم يعد يمتلك ذرة من رشد أو عقل، وأظنه مأزوم مهزوم، سيستمر في العدوان، وإذا تم الضغط عليه لتوقيع اتفاقية لوقف النار، فإنه لن يوافق على إعادة أهل شمال غزة، وأظنه سيوسع العدوان على لبنان للبقاء على سدة الحكم بعد أن تأكد أن الحرب هي الضمان الوحيد لبقائه فوق السلطة، وأما واشنطن فما زالت متواطئة، مواقفها ركيكة متذبذبة منافقة، وهي ما زالت تمنح الضوء الأخضر لاستمرار العدوان، والغرب بعامة خافت الموقف ركيك، وقلت أكثر من مرة أن المواقف العربية بعامة هي دون مستوى الكارثة.
وإذا توجه الجيش الإسرائيلي الغازي إلى رفح، فلن يجد فيها إلا ما وجده في جحر الديك، وجباليا، وخان يونس، وأما الموقف الإسرائيلي اتجاه رمضان في الضفة الغربية، ومنع أهل فلسطين من الوصول للصلاة في المسجد الأقصى، فسيكون سبباً في إشعال الطوفان في مدن الضفة الغربية وقراها، ما يؤدي إلى مواجهة قد تؤدي إلى انتفاضة ثالثة لا تستطيع إسرائيل لجمها أو كبح جماحها.
وفي كل الأحوال فإن الهجرة والتهجير، والتسفير و"الترانسفير"، حكايات من الماضي لن يرضى بها الفلسطيني، ولن يقع فريسة لمخططات إسرائيل في اقتلاعه من أرضه والضحك على ذقنه مهما كلف الثمن، سواء في غزة، أو في الضفة الغربية، والقدس ستبقى في مقدمة المواجهة، وستبقى البوصلة، وسيبقى المسجد الأقصى، ليس قبلة المسلمين الأولى فقط، ولا ثاني المسجدين فقط، ولا ثالث الحرمين الشريفين فقط، ولا معراج نبينا الكريم فقط، ولكن رمز أهل فلسطين، عقالهم، وجههم الحضاري، وتظل قبة الصخرة المشرفة وساحات المسجد الأقصى مكان اللقاء، الملتقى ونقطة العودة والانطلاق والارتقاء.
والدنيا تتغير، فالأسئلة التي توجهها هذه الأيام 52 دولة، بناء على طلب الأمم المتحدة، فتوى محكمة العدل الدولية، حول التبعات القانونية لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1967 وفي مقدمتها القدس الشرقية، ستضاف إلى الدعوى التي أقامتها دولة جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، متهمة إياها بارتكاب مجازر إبادة في قطاع غزة، ويحدث ذلك بعد 57 عاماً من احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة بما في ذلك القدس الشرقية، ولم تواجه دولة الاحتلال مثل هذه الحالة من قبل، ولم تتوجه لإسرائيل أصابع إدانة واتهام كما يحدث اليوم، ولم تشهد القضية الفلسطينية في تاريخها مثل هذا الدعم والتعاطف الرسمي والشعبي الذي ينبئ بأن القفز عن القضية الفلسطينية، بات في حكم الوهم، وأن الاحتلال إلى زوال مهما طال المطال.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :