facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




والقافلة تسير


آية عويدي العبادي
01-04-2024 10:14 AM

جِيَاد كابدتْ الأرْض مُحَملَة بِأثْقالهَا ، قَافِلة أُنْهِكتْ بِنباح ، ونواح ، فكانتْ لِلْكرامة ولعزَّ النفس عُنْوان.

حطت القافلة رحالها على رَواسِي الأرْض فمَا كان لَهَا إِلَّا أن تَسترِيح على أَكُف البسيطة وأحْوالهَا ، ساقتْهَا جِيَاد صافنَات ، صابرَات على حَوادِث الزَّمَان ، ومُرَّ الأيَّام . تِلْك القافلة حَملَت أثْقالهَا، ومشتْ على نبات الأرْض وَشوكِه ، انهَا قَافِلة حَيَاة ، اعترضها َ من يُحَاوِل إِيقافهَا ، إِلَّا أَنهَا أبتْ إِلَّا أن تُكْمِل مسيرَهَا ، نَحْو الحيَاة .
فتلْك اَلقُرى اَلتِي مَرَّت خِلالَهَا ، مِنهَا مِن أروى عطش رُكْبانهَا، لأنها قُرَى عَامِرة بِالْحبِّ والْخَيْر ، وَمِنهَا مِن رجمتها بِالْحجارة والْأشْواك ، حيث الاَنفُس الشُحٍّ ، التي لَم تَعرِف لِلْفضيلة طريقا ، ولم تَعرِف لِلْخيْر وَالوِد بابا.

عَاثُوا فِي الأنْفس فسادًا وإفْسادًا ، مُتسلِّقين على ظُهُور الكرَام أَبنَاء الكرَام، وكان هذَا لهم سهْلا ويسيرا ، فَأمَّا أَبنَاء الكرَام فلم يتعلَّموا إِلَّا أن تَجُود أَنفُسُهم بِالْخَيْر والرَّحْمة ، حيث ان الخسَّة والنَّذالة لَم تَكُن فِي قواميسهم ، ومنهم الراقصون على الجراح المارقون المنتفعون من أوجاع الاخرين ، ومَا مَثَّل اَلقُرى إِلَّا كَمثَل البشر فِي حَياتِنا، فهي اما كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ فمِا لها من قرار، واما كَشجرَة طَيبَة أَصلُها ثَابِت وَفَرعهَا في السماء.

لَا يَكَاد رُبَّان القافلة أن يَتْعب ف، َفِي مَقاصِد الأرْض الكثِير الكثِير . كان فِي عيْنيْه بصيص مِن نُور لَا يُمْكِن إِنْكاره، رَغْم كُلِّ المصاعب والمتاعب اَلتِي تُحيط بِه، ورغم الذاكرة التي تعج بالألم، تعلم ألا يرقص على حوادث أحد من الناس، فما لحوادث الدنيا بقاء.

قد لَا يُلاحِظه الجمِيع ، لَكنَّه كان هُنَاك مُتوهِّجًا بِشَكل خَافِت، يُنبئ عن إِصرَار وَأمَل لَم يَفقِده، يَبدُو أنَّ الحيَاة قد اِخْتبرتْه بِأقْسى الطُّرق ، لَكنَّه مَا زال مُتمسِّكًا بِخيوط مِن أمل يجْعله يُوَاصِل السَّير فِي هذَا اَلطرِيق الشَّاقِّ .

رَغْم الأسْمال البالية العتيقة والْعَصَا المعْوجَّة ، كان هُنَاك شَيْء فِي هذَا الرُّبَّان يَنبِض بِالْحياة ، قِصَّة لَمِّ ترو بَعد ، دَرس فِي الصَّبر والتَّحدِّي يُمْكِن لِلْجمِيع تَعلمِه .

رُبمَا كان يَبحَث عن شَيْء ، أو رُبمَا كان يَحمِل رِسالة ، لَم يَكُن واضحًا ، لَكِن الواضح هُو أَنَّه لَم يَكُن مُجرَّد رقْم عاديًّ، وَفِي كُلِّ خُطوَة يخطُّوهَا، كَانَت الأرْض تَتَحدَّث عن قِصَّة كِفاحه، حَتَّى اَلْهَواء مِن حَولِه بدَا أَنَّه يَحتَضِن قِصَّته بِكلِّ تفاصيلهَا .

لَم يَكُن طريقه سهْلا ، وَلَكنَّه كان مُلْهمًا فِي وُجوده، تَتَجلَّى قِصَّة إنْسانيَّة بِكلِّ مَا فِيهَا مِن مُعانَاة وَأمَل ، تَذكِرك بِأَنه حَتَّى فِي أَقسَى الظُّروف ، هُنَاك دائمًا فُرصَة لِلنُّور أن يَشُق طريقه مِن خِلَال الظَّلَام ، فرغْم النُّبَاح والنُّواح لَازالتْ القافلة تسير، ستمضي القافلة وتصل إلى مبتغاها لكنها لن تنسى قسوة أحوال الطريق.

وكما قال محمد بن إدريس الشافعي
دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ.
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ.
وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ .
وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ.
تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ.
وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً فَإِنَّ شَماتَةَ الأعدا بَلاءُ.
وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ .
وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ.
وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ .
إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ.
وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ.
وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ .
دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواء.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :