facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اللي عنده عنزة يربطها


17-05-2024 11:48 AM

في محادثة بين مراهق وصديقه حول ما يدور في عالمهم سمعت احدهم يقول للآخر بعد مرافعة عتب طويلة ومفصلة بلهجة لا تخلو من التحذير وتحمل شيئا من التهديد المبطن والوعيد" اللي عنده عنزه يربطها ".

اذهلتني نبرة الصوت وطبيعة التوظيف لهذه المقولة من قبل يافع لم يعش البداوة وقد لا يعرف الفرق بين العنز والتيس ... للحظة احسست وكأني في قرية من قرى جنوب الاردن في ستينيات القرن الماضي...

كنت قد سمعت المقولة للمرة الاولى قبل اكثر من خمسة عقود وقد كان ذلك في سياق الاحاديث التي تجري بين امي و جاراتها في القرية .وفي جلسات النقد والتحليل التي تعقب الاخبار التي تصل اليهن عن حوادث الاستغابة خصوصا بعدما تسمع احداهن ان غيرها قالت عنها كلاما لا تحبه ولا تقبل به .

كنت اسأل نفسي اذا ما كان الشاب يعي معنى ما يقول فسألته بعد أيام عن المعنى الذي يقصده الناس عندما يستخدم احدهم مثلا من الأمثال او قولا من الاقوال المأثورة او يقتبس حكمة من الحكم واسعة الاستخدام فاجابني بثقة ووضوح بأن التجربة الانسانية للأفراد والجماعات متشابهة وان اللغة تحوي الكثير من الرموز التي يمكن استعارتها لتغنينا عن الشرح والتوضيح.

لكي اتيقن من حقيقة وعيه بما قال تحدثت له عن خبرتي في الرعي يوم كنت في عمره وحاولت ان أبين الفرق بين العنزة والنعجة، وبين الكبش والتيس، والجدي والخروف. واسهبت قليلا في توضيح الفرق بين قطيع الاغنام في المرعى و بين تربيتها فرادا او باعداد محدودة لتلبية حاجات الاسرة من الألبان ومشتقاته وعن الاسباب والاخطار التي يمكن ان تتعرض لها العنزة والمخاوف التي تدعو لربط الشاة مع بيان الأوقات التي تربط او تطلق فيها.

لا اظن ان صاحبنا المراهق اهتم كثيرا لكل ما عرضته ولا اظن انه القى بالا لما رميت له وحاولت ايضاحه لكنه عرف وبما لا يدعو للشك المكان والسياق والمعنى الذي حمله القول " اللي عنده عنزة يربطها " وقد جاء استخدامها في ختام حديثه مع صاحبه كتهديد طلب له ان ينقله لرفيق اخرين نالوا منه وتحدثوا عنه بما لا يحب في غيابه.

الكثير منا يتناول الغير هذه الايام بكلام لا يجروء على قوله في حضوره والبعض يؤلف القصص ويحرف المواقف لتعبر عن عدم الرضا او الغضب او الكراهية للشخص موضوع الحديث...

المجاملة الزائدة وجه مزيف لمشاعر غير سليمة يعبر عنها الناس بالاستغابة . و يبحث الاشخاص الضعفاء والمنحرفون عن مناسبات او قد يختلقوها كمنصات لاستغابة من لا يستطيعون نقدهم او مخاطبتهم وجها لوجه .
في هذه الأيام التي يطغى عليها الزيف والتجمل يختبيء البعض وراء احلاف وصداقات وولاءات زائفة ويجتهدوا ليخلقوا خصوم وهميين ليتدربوا على استعراض مهاراتهم في النفاق والتزلف واضفاء قيم ومعاني على هذه الأمراض باعتبارها ادوات فاعلة للدفاع عن مباديء وولاءات وقيم غير موجودة اصلا .

ينصح كل من لديه عنزه ويريد لها أن تبقى سليمة ومعافاة ان يبقيها بعيدة عن مزروعات الجيران لكي لا يحذفها احدهم بحجر فيكسر ساقها او ينقض عليها صبية الحي فيسرقوا حليبها .

الثقافة بكل ما فيها من أقوال وحكم وتراث ملك لنا جميعا توارثناه جيلا عن جيل وهي كنزنا الابدي و هويتنا التي تميزنا عن الشعوب والامم وتمنحنا الراحة في التفكير والشعور والتعبير الذي يصلنا بالاصدقاء والخصوم ويحمل باطنها وظاهرها معان في غاية الدقة والبلاغة .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :