facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




استشراف المستقبل .. أن تكون أو لا تكون


صالح سليم الحموري
09-08-2024 07:31 PM

في عام 2016، كنت أعمل جنبًا إلى جنب مع معالي الدكتور أحمد ذوقان الهنداوي عندما تلقينا طلبًا من إحدى المؤسسات الكبرى في دبي لتقديم دورة متخصصة في "استشراف المستقبل" للمدراء. كانت هذه الفكرة حديثة على مستوى العالم، وخصوصاً في القطاع الحكومي. وافقنا على التحدي وعكفنا بسرعة على تجميع مجموعة من المراجع من مختلف بيوت الخبرة العالمية. لم يكن الحصول على هذه المراجع سهلاً، ولكن بفضل الجهود المشتركة، قمنا بمراجعتها والخروج بمادة تدريبية متخصصة في موضوع الاستشراف، مع ابتكار مجموعة من الحالات العلمية كخبراء في التميز المؤسسي. بالفعل، تم تقديم الدورة بنجاح من قبل الدكتور أحمد وكنت مساعداً له في التحضير والتقديم. لاحقاً، نُفذنا الدورة عشرات المرات لمؤسسات متعددة، ومن ثم قمنا بتجميع المواد وطرحها في كتاب متخصص، والذي كان أول كتاب يتناول هذا الموضوع باللغة العربي بعنوان "استشراف المستقبل وصناعته".وشاركت معنا بالكتاب الاستاذة رولا المعايطة.

في عالم الأعمال المتسارع، لا بد للمؤسسات من أن تستشرف المستقبل وتكون في طليعة التغيير والتطور إذا أرادت البقاء والازدهار. ومع ذلك، نجد عبر التاريخ أمثلة لشركات كبرى لم تتمكن من مواكبة التغيرات ومنها التكنولوجية، مما أدى إلى تأخرها أو حتى زوالها. هذا الواقع لا ينطبق فقط على الشركات، بل على الدول التي تتجاهل التكيف مع التحولات العالمية.

على سبيل المثال، رفضت شركة "نوكيا" اعتماد نظام الأندرويد في الوقت الذي كان يشهد فيه انتشارًا سريعًا. بدلاً من الاستفادة من هذا التحول، اختارت الشركة التمسك بنظامها الخاص، مما جعلها تفقد حصتها الكبيرة في السوق لصالح منافسين مثل سامسونج الذين استغلوا الفرصة لتقديم منتجات مبتكرة.

أما شركة "ياهو"، فقد أتيحت لها فرصة ذهبية لشراء "جوجل" بمبلغ زهيد نسبيًا في بداياتها، لكنها رفضت الصفقة. اليوم، نرى جوجل تحتل مكانة عملاقة في عالم التكنولوجيا، بينما تراجعت ياهو بشكل ملحوظ. وبالمثل، كانت "كوداك" رائدة في عالم التصوير الفوتوغرافي، لكنها رفضت التوجه نحو الكاميرات الرقمية، مما أدى إلى انهيارها في النهاية مع تحول السوق بالكامل إلى التصوير الرقمي.

تعلمنا هذه الأمثلة أن التوقيت واستشراف المستقبل هما عنصران حاسمان في عالم الأعمال والشركات التي لم تستغل الفرص المتاحة، مثل "نوكيا" و"كوداك"، وجدت نفسها في نهاية المطاف متخلفة عن الركب. لذلك، على الشركات أن تكون مستعدة لاحتضان الابتكارات الجديدة، لأن رفض التغيير قد يؤدي إلى فقدان الحصة السوقية لصالح المنافسين الذين يستفيدون من الفرص الجديدة.

النجاح في الأسواق الديناميكية يتطلب القدرة على التكيف مع التغيرات المستمرة. الشركات التي ترفض التكيف مع الظروف الجديدة وأخذ قرارات استباقية تجد نفسها قديمة الطراز وتخسر مكانتها، كما حدث مع "ياهو" عندما رفضت فرصة الاستثمار في "جوجل". القدرة على التكيف ليست مجرد مهارة، بل هي ضرورة للبقاء والنجاح في عالم الأعمال.

بالمقابل، نجد أمثلة على شركات استوعبت أهمية التغيير وأخذت خطوات جريئة للاستحواذ على منافسين أو التعاون معهم. "فيسبوك"، على سبيل المثال، استحوذت على "واتساب" و"إنستغرام" إلى إمبراطوريتها، و"جراب" دمجت "أوبر" في جنوب شرق آسيا. هذه الأمثلة توضح أن القوة تكمن في القدرة على تحويل المنافسين إلى حلفاء واستغلال الفرص المتاحة لتعزيز الموقع الريادي.

ان النجاح لا يرتبط بعمر معين، بل بالإصرار والمثابرة، حيث نجد العديد من الشخصيات التي حققت نجاحات باهرة في مراحل متأخرة من حياتها. العقيد "ساندرز"، الذي أسس "كنتاكي" في سن 65، مثال حي على ذلك. على الرغم من تأخره في إطلاق شركته، إلا أن مثابرته وإصراره جعلاه يحقق نجاحًا كبيرًا. و"جاك ما"، مؤسس "علي بابا"، رغم التحديات التي واجهها ومن بينها رفضه للعمل في "كنتاكي"، أسس واحدة من أكبر شركات التجارة الإلكترونية في العالم.

النجاح لا يعتمد على العمر، بل على المحاولة المستمرة والتعلم من الفشل. فقط أولئك الذين يصرون على المحاولة ويتعلمون من أخطائهم ينجحون في النهاية. إنها رحلة مليئة بالتحديات، لكن الإصرار على النجاح والتعلم من الفشل هو ما يميز القادة العظماء عن الآخرين.

تأسست شركة "لامبورجيني" كنتيجة لرغبة مؤسسها في الانتقام من "إنزو فيراري" بعد تعرضه للإهانة. تلك الرغبة تحولت إلى قوة دفع لابتكار سيارات رياضية فاخرة أصبحت رمزًا للجودة والأداء العالي. هذه القصة تعكس قوة الإرادة والتصميم على النجاح، حتى عندما تأتي الدوافع من رغبة في الرد على الانتقادات.

نصيحة، لا تقلل من شأن أي شخص أبدًا، فكل شخص لديه القدرة على النجاح في ظروف معينة، حيث المثابرة والعمل الجاد هما مفتاح تحقيق الأهداف، واستثمار الوقت بحكمة يساعد في تحقيق الإنجازات. لا تخف من الفشل، فالفشل جزء من عملية التعلم والابتكار، والنجاح يأتي بعد المحاولات العديدة.

تعد ايضاً قصة "شات جي بي تي" نموذجًا حديثًا على أهمية الابتكار المستمر والقدرة على التكيف مع الاحتياجات المتغيرة، حيث تم تطوير "شات جي بي تي" ليكون أداة قوية في مجال الذكاء الاصطناعي، قادرًا على التفاعل مع المستخدمين بطريقة طبيعية وفعالة. هذا الابتكار لم يكن ليتحقق إلا من خلال الاستفادة من الفرص التكنولوجية والمرونة في التكيف مع التحديات الجديدة، وقد تتجلى قوة هذا النموذج في قدرته على التعلم والتطوير المستمر "التعلم العميق"، مما يجعله مثالاً حيًا على أهمية التحديث الدائم في عالم الأعمال، يقول "بيل غيتس" إن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل تحولاً كبيرًا يشبه في أهميته اكتشاف الإنترنت ويعتقد غيتس أن هذه التكنولوجيا ستحدث تغييرًا جذريًا في كيفية عملنا وتفاعلنا مع العالم.

استشراف المستقبل واحتضان الابتكار وعدم الخوف من التجارب الجديدة يمكن أن يؤدي إلى نتائج مذهلة، وأن التكيف مع التغيرات والرشاقة المؤسسية والاستجابة السريعة للاحتياجات المتغيرة "الاستباقية" هما مفتاح البقاء في المقدمة، والاستعداد لاستغلال الفرص الجديدة بحكمة يمكن أن يكون مفتاح النجاح للمؤسسات والدول، ولكن يجب استغلالها في الوقت المناسب "السرعة"، فالمستقبل قد بدأ بالفعل.


*خبير التدريب والتطوير
كلية محمد بن راشد للادارة الحكومية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :