عندما يَغدُرُ الأصدقاء * عمار الجنيدي
12-05-2011 06:31 PM
في لحظات الضيق؛ نلوذ إلى ذواتنا منكسرين محبطين من علاقات مورست علينا بقصد التشويه والإلغاء والنفي، فنحتمي بإنسانيتنا لنغسل جروحا أدمتها بعض العلاقات الاجتماعية المغلّفة بمنطق المنفعة والكسب، والمتخفّية وراء التكسّب للوصول إلى غاية شخصية، مستخدمة أساليب وأحابيل الغدر والخسّة والطمع للوصول إلى غايتها، حيث لا تُقام فيها أي اعتبار إلا لمعاير المصلحة الشخصية، حتى لو كانت على حساب الآخرين، والتي يكون النزوع فيها نحو إيذاء الآخرين مسلكاً منبوذاً ويُجمِعُ الكثيرون على محاربته لأن مغريات التمسّك والاحتماء به لا يجلب لصاحبه سوى المزيد من الرغبة في إيذاء الآخرين.
الغيرة والحسد عندما يعتملان في النفس البشرية الأمّارة بحبِّ الذات؛ تطغى حينها قيم المصلحة والمنفعة الشخصية على صوت الإيثار والتضحية التي من شأنها أن تُعلي من قيمة الصداقة المبنية على مفاهيم نبيلة بأبعادها التي ينشدونها ويتوقون لمغازلة مفرداتها المكنوزة بالقيم والمبادئ وكل الروابط المقدّسة ولأن فيها اعتبارات السمو والكبرياء والشموخ فوق كل اعتبار.
يضعف الإنسان أمام المغريات التي تُغريه بالمنفعة، لكن الكثير من الممارسات والمفاهيم يقف الإنسان المشغوف بحب الخير والساعي لترسيخ قيم التسامح والفضيلة ونبذ ومحاربة الشرّ عاجزا أمام تداعياتها، خاصة عندما يحسّ ويشاهد ويلمس الرابط القوي الذي يرتبط الغدر بالصداقة.
قصص الغدر الدامية التي لا تحمل في طيّاتها إلا معايير الخِسّة والنذالة و الجفوة والقطيعة؛ لا تحدث إلا بين الأصدقاء، وقديما قالوا بأن المستحيلات ثلاثة: «الغول والعنقاء والخِل الوفي»، فيظل ويبقى غدر وخيانة الأصدقاء من أخسّ وأحطّ وأنذل ما عرفته الإنسانية من بشاعة العلاقات الإنسانية من انتهاكات بحق الروح التي يُضحّي فيها الإنسان حتى بأعز ّ أصدقائه من اجل مصلحة شخصية طمعا ووصولاً إلى منافع ومكاسب؛ تائقين حدّ التوهّم ومؤمنين أن في بعض العلاقات الاجتماعية تسمو قيم المودة والرحمة والأُلفة، وأنها بعيدة عن العلاقات السطحية المنفعية، ومؤمنين بالترابط الحقيقي، وأن صديقك من صَدَقك فلا يكيد لك ويفرح لفرحك ويتألم لألمك ولا يغدر بك مهما تغيّرت قيم المجتمع، ومهما تأصّلت في النفس البشرية أخطاء ونزوات محكومة بالفوضى تكثر فيها ممارسات بلا ضوابط أخلاقية، يتم فيها الاعتداء على إنسانية الإنسان تفتقر إلى أدنى مستويات الخير، بل تتعملق فيها نوازع الإحساس بالخزي والعار نتيجة هذه الممارسات.
amrjndi@yahoo.com