facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الصين دخلت المستقبل مبكراً


صالح سليم الحموري
07-12-2024 04:02 PM

في الوقت الذي تتسابق فيه الدول بخطى متأنية أو مدروسة نحو المستقبل، تبرز الصين كاستثناء ملهم لهذا المشهد. فهي لا تكتفي بالسير نحو المستقبل، بل تتجاوزه لتصل إليه قبل أوانه، وكأنها تطبق منهجية 10X التي تدعو إلى تحقيق ما يُخطط له بعد عشر سنوات، بدء العمل عليه الآن. بفضل وتيرة تطور مذهلة وابتكارات متواصلة، تعيد الصين صياغة مفاهيم النمو الاقتصادي والتنمية التكنولوجية، وتضع مدينة شنجن في الصدارة كرمز مميز لهذا التحول، حيث تُجسد رؤية استباقية لمستقبل يُصنع اليوم.

تعد مدينة "شنجن" رمزًا للتطور السريع والابتكار الجذري في الصين الحديثة. منذ بداية القرن الحادي والعشرين، تحولت من قرية صغيرة إلى مركز عالمي يُعرف بـ"وادي السيليكون الصيني". هذا التحول كان نتاجًا لاستراتيجيات حكومية مدروسة وإصلاحات اقتصادية شاملة، ما جعلها نموذجًا فريدًا في العالم.

تضم "شنجن" مراكز لشركات عملاقة مثل هواوي وتينسنت وBYD، مما عزز مكانتها كقاعدة رئيسية لصناعة التكنولوجيا المتطورة.

بفضل "سياسات تدعم ريادة الأعمال"، أصبحت "شنجن" بيئة حاضنة للابتكار، حيث يتم تصميم وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، والطاقة المتجددة.
تسعى "شنجن" لأن تكون أول "مدينة ذكية في العالم"، معتمدة بشكل كبير على حلول رقمية شاملة تشمل الاقتصاد والخدمات الحكومية والحياة اليومية للسكان.

تجسد "شنجن" إمكانيات هائلة للنمو الحضري المستدام، حيث تجمع بين الابتكار والتكنولوجيا مع الالتزام بمعايير الاستدامة البيئية والتصميم الحضري المبتكر. إنها مدينة تتحدى المألوف وتعيد تعريف مفهوم المدن الذكية، لتصبح نموذجًا عالميًا يُحتذى به.

وكل من يزور مدينة "شنجن" يشعر وكأنه في مدينة خيالية خرجت من شاشة أحد الأفلام المستقبلية، حيث تمتزج التكنولوجيا المتقدمة مع البنية التحتية الفائقة في تجربة تثير الإعجاب والدهشة، وكأنها بوابة نحو المستقبل الذي طالما تخيلناه.

لم تعد الصين تكتفي بالسوق المحلي؛ فقد أصبحت منافسًا قويًا على الساحة العالمية، بفضل علامات تجارية قوية غيّرت قواعد اللعبة وأزاحت العديد من العلامات التجارية التي كانت مهيمنة على الأسواق العالمية. هذه الثورة على الهيمنة الغربية تتجلى في العديد من القطاعات التي تشمل التكنولوجيا، السيارات، الأجهزة الطبية، والطاقة الشمسية:

• التكنولوجيا والاتصالات:
o هواوي (Huawei): رائدة في شبكات الجيل الخامس عالميًا، حيث قادت تطوير هذه التقنية على مستوى العالم.
o تينسنت (Tencent): من خلال منتجات مثل "وي تشات"، أثرت على حياة ملايين المستخدمين، وأصبحت لاعبًا رئيسيًا في مجال التكنولوجيا.
• التجارة الإلكترونية:
o علي بابا (Alibaba): عملاق التجارة الإلكترونية الذي قدم تجارب تسوق مبتكرة، محدثًا تحولًا في كيفية التسوق عبر الإنترنت.
o شي إن (Shein): غيّرت مفهوم التسوق الإلكتروني في عالم الأزياء، وأصبحت من أبرز المنصات العالمية في هذا المجال.
• سوق السيارات:
o BYD وNIO: تقودان الابتكار في السيارات الكهربائية، لتصبح الصين لاعبًا رئيسيًا في سوق السيارات العالمية، متجاوزة بعض العلامات التجارية التقليدية.

• الأجهزة الطبية:
o أصبحت الصين مصدرًا رئيسيًا للمعدات الطبية المتطورة، بما في ذلك أجهزة التصوير الطبي، والروبوتات الجراحية، والمعدات الصحية الذكية، مما يجعلها منافسًا بارزًا في هذا المجال الحساس.

• سوق الطاقة الشمسية:
o LONGi Solar وJA Solar: شركات صينية رائدة عالميًا في صناعة الألواح الشمسية والتقنيات المرتبطة بها، مما ساهم في تعزيز مكانة الصين كقائد في سوق الطاقة المتجددة.

هذه الشركات الصينية لم تكتفِ بالنجاح في السوق المحلي، بل توسعت لتصبح منافسًا قويًا على المستوى العالمي، محدثةً تحولًا في العديد من الصناعات ومزاحمةً للعلامات التجارية الغربية التقليدية، لتؤكد الصين أنها تسير بخطى ثابتة نحو قيادة المستقبل.

تقدم الصين وخصوصا "شنجن" دروسًا هامة للمدن والدول الطامحة للابتكار الجذري والتقدم:

1. التركيز على الابتكار: تُظهر تجربة "شنجن" كيف يمكن للتخطيط الاستراتيجي أن يحوّل مدينة واحدة إلى مركز عالمي للتكنولوجيا، اذن السر في "الابتكار"
2. الدعم الحكومي: لعبت "السياسات الحكومية الاستباقية والداعمة" دورًا محوريًا في تعزيز مكانة "شنجن" كبيئة خصبة للتطوير والنمو.
3. التصميم الحضري المستدام: أثبتت شنجن أن الجمع بين "الابتكار والاستدامة" يمكن أن يُحدث تحولًا جذريًا في التنمية الحضرية.

من "الذكاء الاصطناعي" إلى "المدن الذكية"، الى "المدن الذهنية" المتمركزة حول الانسان وجودة الحياة، أثبتت الصين، بقيادة مدينة مثل "شنجن"، أنها في طليعة دول المستقبل. إن الجمع بين "الابتكار، وخصوصًا الابتكار الجذري"، و"استشراف المستقبل"، و"رشاقة المؤسسات الخاصة والحكومية"، و"التخطيط الاستراتيجي"، إلى جانب "الدعم الحكومي" من خلال "سياسات عامة استباقية، داعمة ومحفزة"، جعلها نموذجًا عالميًا ملهمًا للدول الأخرى.

مدينة "شنجن" ليست مجرد قصة نجاح صيني؛ بل هي دليل عملي على أن "التطوير المبتكر والاستدامة" يمكن أن يتكاملا لخلق مستقبل أفضل. لقد تحولت من "قرية صغيرة إلى مركز عالمي للتكنولوجيا"، وهي اليوم ترسم ملامح الغد وتحجز المقعد الأول في قطار المستقبل. بهذه الإنجازات، تؤكد الصين أنها ليست فقط جزءًا من المستقبل، بل هي القوة التي تصنعه وتوجهه.

* صالح سليم الحموري
خبير التدريب والتطوير
كلية محمد بن راشد للادارة الحكومية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :