facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الثقافة و الشباب 6: الدولة أم الفرد


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
12-12-2024 10:53 PM

صوّر المعتقلون في سوريا تثير سؤال مهم و هو ما أهمية الدولة لفرد نزعت روحه و هو حي و هذا يعيدنا للسؤال الفكري الثقافي الدولة أم الفرد.

الدولة مفهوم حديث نسبيا لايجاد اطار للتجمع البشري و الذي يعكس بالأساس حاجة الانسان الى الامان النفسي و المادي (الجسدي) و الذي تجلى في أشكال مختلفة مثل القبيلة، الطائفة، القومية، الاثنية، الامبرطورية، الدولة المدينة و غير ذلك من الصيغ.

جاءت فكرة الدولة نتاج للفكر الاوروبي لتكون مساحة جغرافية محددة يسكنها أفراد بهويات فرعية متعددة تجمعهم هوية الدولة و تديرهم سلطة سياسية تحتكر الادارة و العنف و تدير من خلال عقد اجتماعي ممثل بالدستور و ما ينبثق منه من مؤسسات و قوانين و انظمة و تعليمات و اسس. أي ان الفرد تنازل عن جزء من حريته الفردية لصالح المجتمع.

بالتالي فإن الاسرة تمثل نموذج مصغر لفكرة الدولة (عائلة تعيش في بيت واحد يمتلك فيها الوالدين حق الادارة و السلطة وفق العقد الاجتماعي القائم على مسؤولية الحماية و التمويل من الاب و الرعاية من الام) و تعتبر الامم المتحده الشكل الاوسع من الدولة (مجموعة دول تشكل المجتمع الدولي على مساحة جغرافية هي الارض باستثناء القطب الجنوبي ترتبط بعقد اجتماعي هو ميثاق الامم المتحدة).

مفهوم الدولة تعرض لتحديات و اعادة تشكيل و كان أحدها صعود ألمانيا (التي تشكلت كدولة قبل ما يقارب 150 عاما فقط) و تسبب ذلك بحربين عالميتين اعادة تشكيل الدول لتستقر على شكلها الحالي القائم منذ الحرب العالمية الثانية.

كون أي تجمع بشري يقوم على عاملين و هما آلية الانتاج (الاقتصاد) و آلية تفكير (الثقافة) و التي تمثلان الاليات التي تدير بها الادارة السياسية المجتمع على أرض الدولة فقد جربت المجتمعات أشكالاً من النظريات الاقتصادية مثل الرأسمالية باشكالها و الشيوعية باشكالها الى ان استقر العالم اليوم على الرأسمالية و كل دولة اختارت احد اشكاله.

أما النموذج الثقافي فما زال الإشكالية القائمة خصوصا في الشرق فقد حسم الأوروبيون مبكرا المطالبات بدولة دينية او لادينية باقرار نموذج مدني يحترم الانتماء الديني للفرد و لكن مع علمانية الدولة في حين ما زال الشرق لم يحسم امره حيث هنالك تيارات تريد دولة قومية و اخرى دينية و اخرى قبلية و اخرى اثنية و طائفية الى آخر نماذج الخلاف التي تولد هويات فرعية من هويات فرعية أخرى.

أما الإشكالية الاخرى فهي الحرية الفردية ففكرة الدولة تتأرجح بين الغاء حرية و تفكير الافراد لصالح نموذج الادارة العامة إلى رفع الحريات الفرعية الى مصاف تحدي الدولة و المجتمع و الاعراف و العقد الاجتماعي و قليل من المجتمعات التي وصلت لنموذج متوازن نسبيا و أقرب مثال على اشكالية النموذج الثقافي هي الولايات المتحدة و التي يتنافس داخلها الليبرالية الديموقراطية التي تؤمن بالحرية اللامحدودة للفرد في مقابل الجمهورية المحافظة التي تحدد حرية الافراد ضمن معايير متعددة.

رغم هذه الاشكالات لكن الجميع ما زال متفقا على وجود الدولة لان البديل هو فوضى و صراع لامتناهي و سيادة الاقوى. لذلك فإن الإشكالية الحقيقية ليست في وجود الدولة و لكن في اختيار النموذج الثقافي في الادارة السياسية بحيث يحترم الحقوق الفردية و المدنية و يسعى لمحاربة الفقر و تحقيق العدالة الاجتماعية دون ان يلغي الاخر و ادارة الخلاف و الاختلاف بالحوار و التعددية و ليس بالقمع و التسلط و احتكار الحقيقة.

الملخص ان الغرب وصل لنموذج اقتصادي و ثقافي يستطيع تحسينه و تعديله بما يحقق مصالحه و سيادة دوله في حين أن الشرق لم يستقر بعد على نموذج ثقافي و هذا ليس فقط على مستوى الادارات السياسية بل الاخطر على مستوى الافراد و الجماعات فما زال هنالك تيارات تريد دولة دينية و اخرى تصبو لدولة قومية او اثنية او طائفية او عرقية بما في ذلك من اقصاء و الغاء للهويات الفرعية الاخرى داخل المجتمع الواحد الذي يشكل الدولة. بالتالي فإن الاتفاق على هوية ثقافية واحدة جامعة يساوي في أهميته برأيي الحفاظ على سيادة الحدود الجغرافية فالاولى هي روح الدولة و الثانية هي جسدها.






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :