الاستقرار الإقليمي وأولوية تعزيز الجبهة الداخلية
د. أشرف الراعي
26-01-2025 01:21 PM
كان الأردن دائماً ركناً أساسياً في استقرار المنطقة، نظراً لموقعه الجيوسياسي ودوره التاريخي في الدفاع عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومع التطورات العالمية والإقليمية الأخيرة، يواجه الأردن تحديات مركبة تتطلب التعامل معها بحكمة ورؤية شاملة، وهي رؤية أظنها موجودة وقادرة على التعامل بحكمة لا سيما في ظل الدعوات الأخيرة لتهجير أشقائنا الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة إلى المملكة.
الأردن، بحكم الجغرافيا والتاريخ، يتعرض لضغوط متزايدة، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية، وهنا يجب أن نستذكر أنه وفي الملف الفلسطيني، كان للمملكة دور ريادي في الدفاع عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، باعتبارها صاحبة الوصاية الهاشمية على الرغم من محاولات الاحتلال فرض واقع جديد على الأرض، فقد أثبتت القيادة الهاشمية التزامها بموقفها الرافض لأي تسوية تنتقص من حقوق الفلسطينيين أو تهدد هوية القدس.
لكن ورغم هذا الدور المحوري، لا يمكن إنكار أن التحديات الداخلية أصبحت أكثر إلحاحاً؛ ف لأوضاع الاقتصادية، التي تفاقمت بسبب الأزمات العالمية وتداعيات جائحة كورونا، أثرت بشكل كبير على المواطنين، وكذلك ارتفاع نسب البطالة، وتراجع مستوى المعيشة، وزيادة المديونية العامة، وهذه جميعها مشكلات تستوجب حلولاً جذرية وسريعة.
إن تعزيز الجبهة الداخلية الأردنية يجب أن يكون أولوية قصوى، فلا يمكن للمملكة أن تواجه التحديات الخارجية بفعالية دون مجتمع متماسك يشعر بالأمان والاستقرار، كما أن الإصلاح الاقتصادي يجب أن يترافق مع إصلاح سياسي يعزز ثقة المواطن بمؤسساته، ويضمن شفافية أكبر في إدارة الموارد وتوزيعها، فضلا عن الاستثمار في الشباب الأردني وتمكينهم من الوصول إلى الفرص وهو ما يجب أن يكون محور أي استراتيجية مستقبلية، خاصة وأن الأردن يمتلك ثروة بشرية شابة قادرة على الإبداع إذا توفرت لها الظروف المناسبة.
بالإضافة إلى ذلك، مطلوب اليوم أن يستمر الأردن في التنسيق مع الدول العربية الشقيقة لتوحيد الجهود لمواجهة التحديات الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؛ فالشعب الفلسطيني يعتمد، بعد الله، على دعم جيرانه العرب، والأردن، بحكم موقعه ودوره التاريخي، يبقى خط الدفاع الأول عن الحقوق الفلسطينية، سواء في المحافل الدولية أو على أرض الواقع.
لدى المملكة كل المقومات لتجاوز هذه التحديات؛ فالإرادة السياسية القوية، والتفاف الشعب حول قيادته الهاشمية، والوعي الشعبي بضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار، جميعها عوامل تمنح الأردن القدرة على مواجهة أي ضغوط، لكن المفتاح يبقى في الإسراع بحل الأزمات الداخلية لتبقى المملكة نموذجاً للاستقرار والتنمية في وسط منطقة مضطربة.. ولمواجهة أي ضغوط خارجية.