أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال ولايته الحالية، طرح مقترح أثار الجدل والغضب، وهو تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن وهذه التصريحات تحمل في طياتها أبعادًا خطيرة، ليس فقط على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، بل أيضًا على الأمن القومي الأردني ومستقبل المنطقة بشكل عام، وإن هذا التصريح، يتجاهل كل المعايير الدولية وقرارات الشرعية،ويعكس محاولات مستمرة لفرض حلول أحادية لا تأخذ بعين الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني ولا سيادة الدول المجاورة.
الأردن، الذي كان دائمًا داعمًا قويًا للقضية الفلسطينية، لا يمكن أن يقبل بمثل هذه الأفكار التي تسعى إلى تحويله إلى وطن بديل للفلسطينيين، وإن هذا الموقف الثابت يعكس سياسة الأردن التي تعتمد على حماية مصالحها الوطنية والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتصريحات التي أطلقها ترامب ليست سوى محاولة جديدة للضغط على الأردن وتحميله تبعات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو أمر يرفضه الأردنيون قيادة وشعبًا.
ولطالما كان الأردن في عين العاصفة بسبب موقعه الجغرافي ودوره المحوري في المنطقة، إلا أنه استطاع على مر السنين أن يحول هذه التحديات إلى فرص. بفضل القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبد الله الثاني، وتمكنت الأردن من الحفاظ على استقرارها وأمنها، رغم الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالمنطقة، ومن أبرز مظاهر هذا الاستقرار موقف الأردن الراسخ من القضية الفلسطينية، الذي جعل منه صوتًا قويًا في المحافل الدولية، يدافع عن الحقوق العربية ويؤكد على الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، وإن الحديث عن تهجير أهل غزة إلى الأردن يحمل بين طياته مخاطر سياسية واجتماعية واقتصادية كبيرة، والأردن الذي استضاف على مدار العقود الماضية ملايين اللاجئين من فلسطين وسوريا والعراق وغيرها، تحمل أعباء كبيرة دون أن يتخلى عن مبادئه الإنسانية، إلا أن استضافة اللاجئين شيء وتحويل المملكة إلى وطن بديل شيء آخر تمامًا.
والقيادة الأردنية كانت واضحة وحازمة في رفض هذا الطرح، مؤكدة أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيرهم، والشعب الأردني، الذي لطالما وقف إلى جانب قيادته في مواجهة الأزمات، يرفض بشكل قاطع أي محاولة للمساس بهويته الوطنية أو سيادته، إن التصريحات التي أطلقها ترامب قوبلت بغضب شعبي واسع، لأنها لا تمثل فقط تهديدًا للحقوق الفلسطينية، بل أيضًا تعديًا على السيادة الأردنية، وإن هذه المحاولات، التي تسعى إلى إعادة رسم خريطة المنطقة على حساب الشعوب العربية، لن تلقى القبول، ليس فقط في الأردن، بل في كافة الدول التي تدعم العدالة وحقوق الإنسان والأردن، بحكمته السياسية ودوره الإقليمي المهم، قادر على مواجهة هذه التصريحات حيث أن التحديات التي ترافقها، لقد أثبتت المملكة مرارًا أنها رقم صعب في المعادلة الإقليمية، وأنها قادرة على الدفاع عن حقوقها وعن الحقوق العربية والتصريحات الأمريكية الأخيرة ليست سوى اختبار جديد للأردن، لكنه كما كان دائمًا سيخرج أقوى وأكثر تماسكًا.
و يبقى الأردن ثابتًا على موقفه، رافضًا لأي حلول على حساب الشعب الفلسطيني أو سيادته الوطنية وتصريحات ترامب، مهما كانت خطيرة، لن تغير من حقيقة أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في المنطقة، وأن حلها يجب أن يكون عادلًا وشاملًا، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية ويحقق الأمن والاستقرار للجميع والأردن، بقيادته الحكيمة وشعبه الواعي، سيظل صامدًا في وجه هذه التحديات، مدافعًا عن الحق العربي وعن سيادته ومصالحه الوطنية بكل ما أوتي من قوة.