غزة ليست صفقة رابحة للبيع
فيصل تايه
06-02-2025 11:47 AM
عاصفة التصريحات العبثية المثيرة للجدل لسيد البيت الابيض "ترامب" خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي "النتن ياهو" في البيت الأبيض امس ، والتي اكتنفها الكثير من الغموض ، شكلت صدمة للعالم ، خاصة فيما يتعلق بمصير ومستقبل أهالى قطاع غزة ، اذ بدا مصراً هذا الرجل "برعونته المعهوده" على إخلاء القطاع من سكانه ، ويطالب لهم بأوطان بديلة ، في بادرة انسانيه " كما يزعم" ليطرح مخطط نقل الفلسطينيين في غزة إلى موقع جديد توفره دولة أو أكثر في الشرق الأوسط، مدعياً ان غزة لم تعد صالحة للعيش ، وأن من المستحيل تصديق أن أي شخص يريد البقاء في المنطقة التي مزقتها الحرب ، ومؤكداً في الوقت نفسه ان الولايات المتحدة ستتولى "بسط سيطرتها" على القطاع ، وسيكون وحكومته مسؤولين عن تفكيك جميع القنابل غير المنفجرة الخطيرة والأسلحة الأخرى ، وسيسوي الموقع بالأرض ، ويتخلص من المباني المدمرة ، ويعيد بناءها ، لكنه لم يتحدث عن عودة لأهالى القطاع بعد اتمام عمليات البناء المزعومة.
ان خلاصة الحوارية الترامبية الدراماتيكية تتلخص في الكلام المطاطي والعبارات النمطية الجوفاء ، وتتمحور في مضمونها حول شرعنة فكره التطهير العرقي وخطة الترانسفير ، لذلك فان هذا "الهذيان" الترامبي الاستعلائي ما هو الا بمثابة إعلان حرب على الشعب الفلسطيني ، ومحاولة لإعادة إنتاج نكبة جديدة ، كما ويعد الانقلاب الأكثر "تطرفاً" في الموقف الأمريكي الراسخ تجاه الصراع العربي الإسرائيلي في التاريخ الحديث ، وسوف يُنظر إليه باعتباره "تحدياً" لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي ، ويكشف النوايا الحقيقية للإدارة الأمريكية الجديدة في تصفية القضية الفلسطينية عبر بوابة التهجير وتوطين اللاجئين .
يجب ان تعي الادارة الأمريكية الترامبية أن غزة هي جزء أصيل من فلسطين وليست عبئًا ولا مشكلة تبحث عن “حلول”، بل هي رمز للصمود والمقاومة، ولن يكون مصير أهلها "الترحيل" أو الاقتلاع من ارضهم ، بل البقاء والثبات والنضال حتى تحرير الأرض واستعادة الحقوق المسلوبة ، وليعلم هذا "المرابي" أن غزة ليست صفقة للبيع ، وأهلها لن يغادروها باي ثمن ، ولن يمر هءا الامر إلا على جثث الشعب المقاوم والصامد في غزة وكل فلسطين ، وستُحبط هذه المؤامرات كما أُحبطت مشاريع سابقة حاولت اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه ، وان اي خطة تروج لها واشنطن لن تؤد إلا إلى تفاقم الصراع، وإبراز انحياز الإدارة الأمريكية الكامل للكيان الإسرائيلي .
ليس المطلوب اليوم رفع شعارات استنكارية وعبارات رافضة لهذا الطرح ، لكن من الواجب ايجاد تحالف عربي وتفعيل دور "الجامعة العربية" بالدعوة الى قمة عربية طارئة ، لتحويل الموقف العربي الرسمي والشعبي الواضح والرافض لمخططات التهجير إلى إجراءات وقرارات وخطوات ملموسة على الأرض ومن بينها استخدام كل مقدرات الأمة كأوراق ضغط على الإدارة الأمريكية ، فالمهم أننا الآن بحاجة الى ان يدرك هذا المجنون "ترامب"، ان التحالف العربي سيبقى قوة بين ايدبنا .
بقي ان اقول ، ان غزة رغم الجراح والإبادة ستبقى عصية على الكسر، وسيظل شعبها يقاوم حتى التحرير أما مخططات ترامب ومن يدور في فلكه ستكون في مزبلة التاريخ، كما كان مصير كل المستعمرين الذين ظنوا أنهم يستطيعون اقتلاع هذا الشعب من أرضه.
وأخيرا فان ما يدعو للاستغراب كيف يسمح الوضع العالمي بصراعاته ومتغيراته بهذه البلطجة الأمريكية وبهذا الخطاب المستفز وبهذا الغلو والعنجهية اللامنتهيه ؟!
والله ولي الصابرين