facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مقترح التهجير، إلهاء أم جنون ..


د. نضال القطامين
07-02-2025 04:01 PM

منذ اللحظة التي انتخب فيها الأمريكيون جداً دونالد ترامب رئيساً لأربعٍ عجاف أخريات، أنهم موافقون على أن يعتلي صهوة الجواد الأمريكي مصارع مقامر، وأن على أمريكا الضاحكة للعالم على امتداد العقود، أن تدير ظهرها لهذا العالم الآن، وتعود كما كانت، رجال عصابات اختلف بهم المولد واختلف العِرق، ورعاة بقر جلف، العالم أمامهم ليس سوى ميداناً لصهيل الخيول، والناس ما زادوا أن يكونوا أحجاراً على رقعة الشطرنج، يحرّكونهم كيفما شاء، ثم النهوض واستئناف العمل على تحويل قوّة عظمى إلى جمهورية موز، الصوت العالي فيها سيد الموقف، والكلمة للدهماء والسوقة.

في مستهل رئاسته، قبل أن يدفىء كُرسيّه، بدأ ترامب بوعاء غزة قبل أوعية الإقتصاد والبطالة والحرائق. ومثل كل الذين يقدموا بالمجّان تاريخ بلادهم قرابين للصوت اليهودي هناك، بدا لترمب أن يسوّق حلولا عقارية للعدوان على غزة، بتهجير سكانها من غزة إلى الأردن ومصر، وهي وصفة يصحّ أن يطلق عليها "أن إطلاق الغازات من البطن، أهون ما تكون على المتكىء".

شكّل مقترح الرئيس الحماسي صدمات حتى لرئيس الحكومة الإسرائيلي ذاته. أطلق الرئيس قنبلته، وترك لإدارته مهمة تضميد الجراح وواجب رتق الخرق، فسمع العالم تفسيرات ساذجة لم تغيّر من رأيه شيئا، ولا زالوا يقولوا أن تنفيذ هذه الخطة وفق القوانين الدولية يستحيل، وأن هذه المقترحات تعكس نهجًا سياسيًا يعتمد على إلقاء الأفكار المثيرة للجدل لصرف الإنتباه عن الأزمات الحقيقية.

ويتسائل الناس في واشنطن وضواحيها وفي امتداد أمريكيا وولاياتها، عن مناورة إعلامية مقيتة تهدف إلى إلهاء الأمريكيين والعالم عن تطورات خطيرة تجري في الداخل وهم الذين رأوا الرئيس لطالما يستخدم هذا الأسلوب، بدءً من اقتراحه شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك في 2019، مرورًا بفكرة احتلال بنما للسيطرة على قناتها الاستراتيجية، وصولًا إلى فرض ضرائب جمركية عقابية على دول أوروبا وكندا والصين تحت شعار “أمريكا أولًا”. كانت هذه الأفكار تُقابل بالاستهزاء والسخرية في البداية، ولكنها كانت تؤدي وظيفتها بفاعلية مذهلة: إشغال الإعلام والنخب السياسية بسجالات جانبية، بينما يتم تنفيذ تغييرات جوهرية خلف الكواليس. وكما وصفها مستشاره السابق ستيف بانون، التي وصفها ب"إطلاق النار باسرع معدل".

في الوقت الذي تنشغل فيه وسائل الإعلام بتحليل “رؤية ترامب لغزة”، تجري في واشنطن عملية إعادة تشكيل كاملة للحكومة الفيدرالية.

فخلال الأسابيع الماضية، تمكن إيلون ماسك وفريقه من السيطرة على أنظمة البيانات المالية الأمريكية، وإلغاء بروتوكولات أمنية حساسة، وطرد مسؤولين كبار، وحتى إغلاق وكالات حكومية بالكامل دون سابق إنذار.

وفيما كانت الصحافة الدولية تناقش تفاصيل فرض سكان غزة على الأردن ومصر، كانت إدارة ترامب تعمل على تقديم حوافز مالية لموظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) ووكالة المخابرات المركزية (CIA) للاستقالة طوعًا، في خطوة تهدف إلى تفريغ أجهزة الأمن الأمريكية من كوادرها الأساسية. بل إن ترامب ذهب إلى أبعد من ذلك، بمطالبته بالكشف عن هويات العملاء الفيدراليين الذين حققوا في اقتحام الكونغرس في 6 يناير 2021، مما يعرضهم وعائلاتهم للخطر.

ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة ليس مجرد صراع سياسي تقليدي، بل هو إعادة تشكيل جذرية لنظام الحكم. إذ يتحول النفوذ تدريجيًا من المؤسسات الفيدرالية إلى الشركات العملاقة. فإيلون ماسك، الذي أصبح عمليًا أحد أكثر الشخصيات نفوذًا في واشنطن، بات يتحكم بمفاصل حساسة في البنية التحتية الأمريكية، من أنظمة البيانات إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي.

حتى داخل البيت الأبيض، يبدو أن هناك ارتباكًا حول مدى سلطة ماسك، حيث نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مصادر أن الرئيس الفعلي للولايات المتحدة قد لا يكون ترامب، بل ماسك نفسه.

إذا مضى هذا المسار إلى نهايته، فقد نشهد عالمًا جديدًا حيث تتحكم الشركات الكبرى في سياسات الدول، بينما تتحول الحكومات إلى كيانات شكلية. قد تكون فكرة تهجير الغزيين مثالًا واضحًا على ذلك - حيلة إعلامية لإشغال العالم، بينما يتم إعادة هيكلة السلطة الحقيقية داخل الولايات المتحدة.

بينما ينشغل العالم بهذه المسرحيات السياسية، يجري تفكيك النظام الدولي القائم منذ الحرب العالمية الثانية، وتُفرض قواعد جديدة يكون فيها الاقتصاد والتكنولوجيا أدوات نفوذ أقوى من الجيوش والسياسات التقليدية. قد يكون ترامب مجرد واجهة، ولكن اللعبة الحقيقية تجري خلف الستار، بقيادة رجال الأعمال والمليارديرات الذين لم يعودوا يكتفون بالثروة - بل يسعون الآن إلى السيطرة المطلقة.

بين يدي لقاء جلالة الملك المرتقب مع ترامب، ينبغي القول أن جلالته يذهب إلى اللقاء بثوابت أردنية عربية ودولية. يذهب مسنودا بموقف المجموعة العربية (مصر والسعودية وقطر والإمارات) الموحد إزاء فكرة التهجير، ومسنودا بموقف العالم والاتحاد الأوروبي في الطليعة.

موقن أن جلالة الملك وهو ينهض بتمثيل الصوت العربي في لقائه، سيقول ما يقوله الأردن دوما، لا للتهجير وألف لا للوطن البديل، وقد سمع ترمب ذلك جيدا، رغم إصراره الأحمق على تكرار الفكرة.

على امتداد حملات الوقوف في وجه الغطرسة والصلف والتباهي، التي تتشكل الآن في العالم ينبغي بشكل كبير أن يقول الناس لترامب، أن من تخاطبهم في العالم وفي أمريكيا، ما زال لديهم بعضاً من عقل فاحترمه، وأنه لزاما عليك وعلى إدارتك، الخروج من وحل التناقض والتضاد في مواقفك المعلنة تجاه إخراج المهاجرين من الولايات المتحدة وتهجير الفلسطينيين من غزة، وقبل ذلك وبعده، أن تكون رئيسا للولايات المتحدة التي كان لها سبق التنمية في العالم، لا أن تكون رئيسا لمجموعة فنادق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :