في قلب الحكمة المتوارثة بين قبائل الهنود الحمر، تتجلى مقولة تحمل درسًا إداريًا عميقًا” إذا اكتشفت أنك تركب حصانًا ميتًا، فإن أفضل استراتيجية هي أن تنزل عنه “تعكس هذه العبارة ببساطة ووضوح عبثية الإصرار على استراتيجيات تجاوزها الزمن، مؤكدة على أهمية التغيير والابتكار كخيار حتمي للبقاء في عالم سريع التحول.
هذا المبدأ ينطبق بوضوح على واقع العديد من المؤسسات، لا سيما الحكومية، حيث يتمسك البعض بأساليب تقليدية لم تعد قادرة على تحقيق النتائج المطلوبة. في المقابل، نجد المؤسسات الرائدة تدرك أن "التغيير والابتكار جزء من ثقافة الفريق الحكومي، والوقوف في المكان نفسه يعتبر تأخرًا"، كما يؤكد سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صاحب الرؤية التي جعلت من دبي نموذجًا عالميًا في التطوير الحكومي.
الفرق بين المؤسسات الجامدة وتلك التي تقود المستقبل واضح: الأولى تكرر الحلول نفسها على أمل تحقيق نتائج مختلفة، بينما تتبنى الأخرى أساليب جديدة تواكب المتغيرات. من الأمثلة الشائعة على الجمود المؤسسي، تشكيل "لجان" لدراسة المشكلات بدلاً من إطلاق حلول عملية، مما يؤدي إلى إهدار الوقت وتأخير التطبيق الفعلي للإصلاحات. كما أن تغيير القيادات دون مراجعة جوهرية للسياسات والأهداف غالبًا ما يكون مجرد تغيير شكلي لا يحقق أي أثر حقيقي.
في بعض الحالات، يكون "التعليم والتدريب" هو الحل المقترح، لكنه لا يحقق النتائج المرجوة إذا ظل محصورًا في "أساليب تقليدية" لا تتناسب مع متطلبات العصر الرقمي. لذلك، تحتاج المؤسسات إلى إعادة ابتكار منظومات التعلم والتطوير بحيث تعزز "الابتكار والتفكير النقدي" بدلاً من مجرد تكرار المعارف نفسها.
الحل الجذري يكمن في جعل "التغيير والابتكار" ثقافة متأصلة في المؤسسات الحكومية، بحيث يصبح التحديث والتطوير المستمر هو القاعدة وليس الاستثناء. الاعتراف بالأخطاء والتعلم منها ليس ضعفًا، بل هو خطوة ضرورية نحو التميز والريادة. عندها فقط، يمكننا تجاوز فخ "ركوب الأحصنة الميتة"، والانتقال إلى مستقبل أكثر إبداعًا وفعالية.
فلنختر دائمًا طريق التجديد، لأن البقاء في المكان نفسه… هو تأخر عن الركب!
* صالح سليم الحموري
خبير التدريب والتطوير
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
الرد على تعليق