facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ترامب و "العدالة" العرجاء في "البؤساء"


سعد حتر
09-02-2025 06:48 PM

طفل في سن الرابعة عشرة يسرق رغيف خبز ليقتل به الجوع. عدالة منقوصة تودعه السجن، حيث يتمكن "من الأكل مجاناً". ذلك المشهد السريالي قدح لدى الأديب الفرنسي فيكتور هوغو شرارة روايته الأيقونية "البؤساء" في منتصف القرن التاسع عشر.

اليوم، يستحضر رئيس أمريكا العدالة المعوجّة على شكل فكرة خبيثة بتهجير الغزيين المُثخنين بالجراح إلى الأردن ومصر، بحيث يتحمل الضحايا وزر مرتكبي المذابح في القطاع الخارج من فاجعة تدمير ممنهجة بقنابل أمريكية وأدوات إسرائيلية.

وصفة للخراب
ويبدو أن الرئيس الجمهوري دونالد ترامب مصمم على نقل عواقب استمرار أطول احتلال دموي في العصر الحديث من زعماء الاحتلال المتزمتين إلى الدولتين الأرسخ استقرارا في المنطقة خارج منظومة الخليج، الوحيدتين المرتبطتين بمعاهدتي سلام مع الدولة العبرية وتحالف استراتيجي مع واشنطن.

دهشة مجرم الحرب بنيامين نتانياهو بجانب ترامب في المكتب البيضاوي توحي بأن الأخير ربما ارتجل مشروعه خلال محادثات الرجلين دون إبلاغ دوائر صنع القرار والتشريع في بلاده.

وفي حال إصراره على تطبيقه، سيغدو هذا التهور وصفة للخراب فوق الدمار على امتداد الإقليم الذي يعيثه الاحتلال منذ ثلاثة أرباع القرن.

شواهد سابقة
على أنه يمكن التصدّي لهذا الصلف ووقف الخطر الداهم من خلال موقف عربي موعد يحمله إلى واشنطن الملك عبد الله الثاني.

قبل 20 سنة، انزلقت الدبلوماسية الأمريكية صوب "تعهدات مكتوبة" غير قابلة للتطبيق قدمها الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن إلى رئيس وزراء إسرائيل السابق آرييل شارون.

إدارة أزمات

ففي منتصف 2003، سارع الملك عبدالله الثاني لاحتواء الضرر الذي خلفته تعهدات الرئيس الجاهل بمجاهل شرق المتوسط، محذّرا من أن تجاهل أركان السلام المتجذرة في القرارات الأممية سيشعل المنطقة بأسرها. أعقب ذلك حربا كونية بزعامة أمريكا أطاحت بعرش صدام حسين في بغداد.

في المحصلة، تراجع بوش الابن عن زلّته وشارك في قمّة خماسية في العقبة برعاية الملك ومشاركة قادة مصر، كيان الاحتلال والسلطة الفلسطينية. تلك القمة أعادت عملية السلام إلى السكّة بوضع خارطة طريق وتشكيل لجنة رباعية لمتابعتها، قبل أن تنزلق المنطقة مجددا إلى استعصاء قاتل بفعل سياسات نتانياهو وزمرته التدميرية.

في ذلك الزمن، طلب الملك من إدارة بوش "ضمانات" واضحة بأن تندرج خطة انسحاب إسرائيل المعلنة من قطاع غزة وبقع استيطانية ثانوية في الضفة الغربية ضمن خارطة طريق صوب إقامة دولة فلسطينية.

ما أشبه اليوم بالأمس
سيلتقي الملك عبدالله الثاني مع ترامب الثلاثاء المقبل في أول لقاء معلن بين الزعيمين منذ منتصف 2018، قبل 18 شهرا من نهاية ولايته الأولى.

مسلحا بتشبيكاته العميقة مع دوائر صنع القرار والتشريع في "عاصمة العالم" وتنسيق استباقي مع معظم الدول العربية، سيشرح الملك لساكن البيت الأبيض عواقب تهجير مليوني غزّي مكلوم؛ 70 % منهم أبناء وأحفاد فلسطينيين طردتهم العصابات الصهيونية من ديارهم خلال نكبة 1948 وما بعدها.
يصل الملك إلى واشنطن مستندا إلى موقف عربي بعد التنسيق مع قادة معظم دول الإقليم خصوصا السعودية، قطر، مصر، الإمارات العربية المتحدة وفلسطين. وسينبه الصوت العربي ترامب إلى خطر اشتعال المنطقة المضطربة إن أصرّ على ترحيل سكان الأرض الأصليين من غزة.
محاولة احتواء الضرر؟
يبدو أن الدولة العميقة في أمريكا سارعت لتخفيف ارتدادات إعلان ترامب الصادم على شعوب المنطقة. ها هو وزير الخارجية مايك روبيو يحاول شرح خطة التهجير على أنها "مؤقتة" لحين إعادة إعمار غزة المهدمة بقنابل واشنطن. كذلك فعلت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولين ليفت، التي رأت في "عيش الناس (بغزة) في هذه الظروف "المزرية "شر" غير مبرر.
لا بد أن ليفيت نسيت أو تناست كيف أحيلت غزة إلى "موقع هدم"، وفق وصفها للقطاع الذي تعرض لقصف إسرائيلي ممنهج بقنابل أمريكية على مدى 15 شهرا.
وزير الخارجية سعى إلى تخفيف وطأة قنبلة ترامب بالقول إنه كان يقصد "نقل" الغزّيين "مرحليا" لحين إكمال مشاريع إعادة إعمار قطاعهم.
"مرحلي"؟ "مؤقت"؟
أكيد الدبلوماسية الأمريكية والبيت الأبيض بمزحوا؟
التاريخ يعيد نفسه
بعد أشهر على وقوع الضفة الغربية في قبضة الاحتلال، اعترض الأمير حسن بن طلال – ولي العهد آنذاك - على إقامة مخيم نازحين/ لاجئين في البقعة، أكثف حوض مائي في وسط المملكة. جاءه الرد من مسؤولين غربيين وأمميين: "هذا مخيم مؤقت وسيعود اللاجئون إلى مدنهم وقراهم خلال أسابيع".
بعد قرابة ستة عقود، تضخم مخيم البقعة ليؤوي ربع مليون مهاجر؛ معظمهم من الجيلين الثالث والرابع للاجئين الذين اقتلعوا من ديارهم.
شبهات مماثلة تحوم حول استضافة مليون ونصف المليون من الأشقاء السوريين فوق أحواض تتجه للنضوب في الأزرق والزعتري وسط الصحارى شمالي المملكة.
اليوم عاد أقل من 20 ألفاً منهم إلى سوريا رغم مرور شهرين على انهيار سلطة بشار الأسد؛ السبب المعلن وراء هجرة السوريين منذ اندلاع الحرب هناك قبل 14 عاما.
بيع الوهم
عقود من الأكاذيب والمماطلة أغرقت المنطقة في دوّامات عنف وعدم استقرار، تخللتها حروب موسمية مدمّرة.
في الأثناء، تنهمك شعوب المنطقة وقياداتها في مطاردة سراب سلام واستقرار، بينما يسعى "بؤساء" فيكتور هوجو إلى إحقاق العدل المفقود على الأرض.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :