استراتيجية الدور الأردني بإعادة الإعمار في سورية
خلدون ذيب النعيمي
09-02-2025 11:08 PM
تنبع أهمية استراتيجية الدور الأردني في اعادة إعمار سورية من الحسابات الجغرافية والتاريخية والاقتصادية والخصائص الديمغرافية البينية، فقد وصل حجم التجارة البينية قبل الأزمة السورية التي أندلعت في آذار 2011 إلى 800 مليون دولار لتنخفض إلى 180 مليون دولار بعدها، ولعبت السياسة الاردنية بعدم الانخراط بالصراع الداخلي السوري إلا بالقدر الذي يحفظ وحدة واستقرار سورية دورا كبيراً في الافضلية التي يتمتع بها الاردن كمنطلق رئيسي لإعادة الإعمار فيها.
ومن هنا يتشعب المطلوب في تأكيد فعالية الدور الأردني في هذا المجال لبدء عملية الأعمار بدأً من الجهد الدبلوماسي لإعادة أخراط سورية في الأسرة الدولية ورفع العقوبات عنها المقيدة بهذا الخصوص، فضلاً عن إعادة النظر بالقوانين والتعليمات المحلية في مجالات الشحن والخدمات الجمركية والطاقة وغيرها بالشكل الذي يمكنها من أن تكون عوامل قوة وفعالية لدور الأردن لا عوامل شد عكسي له.
معلوم أن عملية أعادة الأعمار تمثل مفهوم متكامل يشمل كل ما تتطلبه مرحلة الانتقال من حالة ما بعد الحرب في البلد المستهدف بالعملية إلى حالة الاستقرار والسلم وذلك من خلال بدء إعمار شامل اقتصادي أساسه بناء قبول اجتماعي سليم فيه، وهنا في الحالة السورية بعيداً عن رؤية الفساد والرشوة والمحسوبية التي عانى منها المجتمع السوري خلال المرحلة السابقة بشكل اصبحت فيه شيء طبيعي، وتلعب التنمية الاقتصادية هنا دوراً محورياً في استدامة جهود إعادة الإعمار فيما تتمثل الأهمية الاجتماعية "والتي يتبوأ الأردن بأفضلية كبيرة فيها على الأرض السورية" بما يمثله المجتمع المحلي كشريك أساسي مساعد لمختلف القطاعات المعنية بالأعمار فضلاً عن كونه الحكم الرئيسي والمقيم للجهود المبذولة.
المستمع لحديث مدير عام شركة تطوير المفرق ليزا الدغمي حول إقامة ميناء المفرق البري كمنطلق لأعمار سورية يشعر مدى الأمل والثقة والاصرار على العمل والنجاح بالنظر للمقومات المختلفة التي يتمتع بها الأردن في هذا المجال فضلاً عن خصوصية المفرق وواجهتها الحدودية الكبيرة بقرب كبير من مختلف المواقع المستقطبة لإعادة العمار في وسط وجنوب سورية ومن ضمنها العاصمة دمشق ، ولا شك أن السيدة الدغمي تعي جيداً أن التحديات هنا ستكون كبيرة فضلاً عن كون المنافسة الاقليمية والدولية لن تكون سهلة وبالتالي تسعى ان يكون للأردن الدور المركزي كبوابة إقليمية ودولية لجهود الاعمار السورية نظراً للعلاقات الجيدة والثقة التي يتمتع بها الاردن من الجميع دولاً ومنظمات أممية واقليمية، ومنها بالطبع الإدارة السورية الجديدة فاستقرار سورية مصلحة أردنية عليا سيما أن الاردن من اكبر المتضررين من الأزمة السورية وعانى الكثير جراءها ، وبالتالي تبرز هنا أهمية تعزيز القنوات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في القطاعين العام والخاص في البلدين بما يعود بالخير عليهما.
سورية في هذه المرحلة من تاريخها تحتاج الكثير في مجالات القطاع الإنشائي والبنى التحتية والطاقة والامن الغذائي والصحي فضلاً عن أعادة استقبال وإعادة تأهيل اللاجئين والنازحين نفسياً واجتماعياً بعد مرارة اللجوء وأهوال الحرب وأعادة توطينهم، والأردن بجهوده في أن يصبح منطلقاً لإعادة أعمار سورية سيكون على قدر العزم بأذن الله ويغدو نموذجاً ناجحاً كمنطلق لمشاريع وجهود أعادة الأعمار على مستوى المنطقة وذلك ما يمتلكه من مقومات كبيرة في مختلف الأصعدة وتكاتف قطاعي العام والخاص لتحقيق هذا الهدف الحيوي للجميع.