نتنياهو وتكتيكات الابتزاز
د. صبري ربيحات
10-02-2025 10:56 AM
في ذروة نشوته بوعود ترامب التي لم يكن يحلم بها عاد نتنياهو ليرشق بالاتهامات عددا من البلدان العربية التي كان يصفها بالاعتدال ويخطب ودها ورضاها. هذه الاتهامات والتصريحات لا هدف لها إلا ابتزاز هذه الدول ومحاولة تخويفها من إمكانية استخدام نفوذه مع الإدارة الامريكية لاجبارهم على القيام بما لا يودون القيام به.
يعرف نتنياهو -الملاحق جنائيا- ان ترامب لا يأبه للتاريخ ولا يقيم وزنا للشرعية الدولية فقد خلط الكثير من الأوراق وارتد عن كثير مما آمنت به الإدارات الامريكية ودعا اليه ميثاق الامم المتحدة الذي وجد ليحافظ على السلم ويردع المارقين ويقوي أواصر التعاون من اجل الامن الكوني والحفاظ على الاستقرار.
في استدارة سريعة ومفاجئة وسع نتينياهو دائرة الاستفزاز والتوريط للانظمة العربية التي اعتبرها معتدلة وذهب بخيالاته ابعد مما ذهب اليه ترامب حين اقترح بان تعمل السعودية على تأسيس دولة خاصة بالفلسطينيين على أرض الجزيرة العربية واتهم مصر بفرض طوق على غزة يمنع الفقراء منهم مغادرة الاراضي ويسمح للاثرياء مقابل رشاوي يدفعونها.
اللغة والاسلوب والمحتوى للمقترحات الاسرائيلية تنم عن حجم ومستوى التعنت والتمرد والاستخفاف الذي يمارسه نتنياهو وترامب حيال العالم العربي. فهما لا يحترمان العرب ولا يظنان ان العربي جدير بالاحترام ولا الحياة ولديهما تقديرات واقعية لما يمكن ان تكون عليه استجابة الامة العربية لمقترحاتهم وافكارهم واعتداءاتهم ومشاريعهم.
لا اظن ان نتيناهو يعني ما صرح به فمثلا هذا التصريح يناقض مواقفه وسياساته ويصطدم مع تطلعاته الوصول الى تطبيع مع العربية السعودية.
اغلب الظن ان ما اراده نتيناهو من هذا التصريح لا يعدو محاولة يائسة لخلق انطباع لدى الجمهور الاسرائيلي بأنه انتصر في الحرب وانه في موقف يسمح له بان يملي على الزعامات العربية ما يحلو له وانه يفكر بحلول خلاقة لاستبعاد التهديد والخطر عن حدود الكيان وان لديه تصورا يتجاوز حدود ما كان يفكر به ترامب.
جاء هذا الاقتراح المباغت كتعبير عن سخطه وغضبه من موقف المملكة الرافض للتهجير والداعم لموقف مصر والاردن فقد طرح هذا المقترح لاشغال الساسة السعوديون وتحويل موقف المملكة من قوة داعمة ومساندة يمكن الاستعانة بها والأخذ برأيها الى طرف متهم يدافع عن الاتهام ويصد المطلب الصهيوني ويصبح عديم التأثير ولا يملك ترف الإعلان والتصريح وإبداء الرأي حول ما يجري.
لقد أراد نتيناهو توريط السعودية فيما يحدث لكي يبتزها فهو من ناحية يجردها من سلطتها الأخلاقية ويحجم موقفها الرافض لخطة الادارة الامريكية ومن جهة اخرى يعمل على اعادة توجيه طاقتها لرفض الهجوم السياسي الذي وضعها في دائرة الاطماع الصهيونية واظن ان اقصى ما يتطلع له نتيناهو من التصريح لا يعدو توليد موقف حيادي او قريب مما تأمل به إسرائيل فيما يخص التطبيع معها.
فيما يتعلق بتصريحه الاخر حول مساهمة مصر في سجن الغزيين يبدو ان نتنياهو اصبح في سباق مع الزمن لتنفيذ المقترح الذي طرحه ترامب قبل ان تتزايد اعداد الدول والقوى الرافضة له. ويأمل ان يسهم اتهام مصر في دفعها لإثبات العكس..
المطلوب من العالم العربي وانظمته السياسية التمسك بالموقف الرافض لمقترحات ترامب والعودة الى الشرعية الدولية والتواصل مع كل قوى ودول العالم المحبة للحرية والعدل والسلام..