الصيت للمربعانية والفعل لشباط .. واقع متعدد الأحوال
خلدون ذيب النعيمي
12-02-2025 10:27 AM
قول شعبي أعتدنا سماعه من شيابنا يجسد حالة قيام احدهم بجهد معين فيما ينسب هذا الجهد لشخص أخر ويعرف بين هولاء الجميع بانه هو من قام به ، وتجسد هذا القول بالفعل في فترتنا هذه بعد ان منَّ الخالق عز وجل بأمطار الخير مع بداية شباط الحالي بعد انقطاع ملحوظ خلال المربعانية التي تشمل الثلث الاخير من كانون الاول مع كامل كانون الثاني الذي يوصف عادة بأنه "فحل الشتاء" الذي يلقح الأرض بامطاره لتخصب بعد ذلك خيراً وغلالاً ، وشباط كما هو معلوم تبتدأ به خمسينية الشتاء التي تسمى شعبياً بالسعودات وتنتهي مع بوادر الربيع في نهاية آذار .
في القصص الشعبية أن احدهم قام بشراء خروف ليذبحه ويوزعه عن روح والده المتوفى ولكونه يجهل عملية الذبح فقد طلب من جاره ان يذبح الخروف ، وعند عملية الذبح قام الجار بذبح الخروف وهو يردد بأنه عن روح والده هو وليس عن روح مالك الخروف الذي غضب غضباً شديداً وقام بشكوى جاره عند مختار البلدة ، فضحك المختار عندما سمع القصة واطلق مقولته "الله يعلم دفاع المصاري" أي أن الله تعالى يعلم من قام بدفع ثمن الخروف ، وبالتالي فأن عملية التدليس وسرقة جهود الاخرين يكون ضحيتها من قام بالتدليس نفسه رغم اعتقاده أنه المتذاكي هنا .
لا شك ان معادلة الصيت والجهد هنا تتجاوز أمطار شباط وخداع الجار في القصة لتصل الى نواحي كثيرة في هذه الحياة سواء على المستوى الشخصي او المستوى العام ، ولكن الحقيقة كالشمس الساطعة لا تغطى بالغربال ، فمهما استطاع المدلس ان يخدع اناس كثيرون بسرديته لفترة زمنية معينة فهو بلا شك لن يستطيع ان يخدع شخصاً بعينه الزمن كله ، وهو الأمر الذي لا يريد ان يتقبله هذا الشخص المدلس او حتى الدول "المتذاكية" بسردياتها الكاذبة العجيبة .
وعلى سيرة الدول فشباط هذا العام وان استطاع ان يثبت فعله في الموسم المطري فيحسب له أيضاً استطاعته تأكيد زيف السياسة الدولية في المثل والاخلاق الذي طالما نادت به قوى الديمقراطية وحقوق الانسان كما تحب ان توصف نفسها ، ففضلاً عن الفضيحة والعار الذي لحق بهذا العالم المتحضر على مدى 15 شهراً من استهداف شعب من الاطفال والنساء من عدو حاقد مدعوم من هذه القوى "المتحضرة" ، تعود كبيرتها وعلى لسان رئيسها لتدعو لتهجير هذا الشعب من ارضه وتشتيته بمشهد يسبق النكبة التي تمخض عنها قيام مدللتهم "المتحضرة" في وسط شرقي متخلف كما دأبوا على وصفها ، كأنهم هنا يسعون أن ينطبق القول الشعبي بأن الصيت لمدللتهم في أجرامها والفعل لهم كشركاء داعمين بقوة في القتل والتدمير والتهجير .
ألم أقل لكم أن شباط هذا العام مميز ، فقد كشف الكذب والتدليس في الزمان والانسان والسياسات أيضاً وذلك خلافاُ لما يحلو للبعض ان يصفه بالمراوغة وبأن كلامه ليس عليه رباط .