في لقائه بالرئيس الامريكي وفي عين العاصفة وبكلمات واضحة وصريحة وحازمة، يكرر جلالة الملك موقفه حيال خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من ارضهم، ويرفض طروحات ضم الضفة الغربية لاسرائيل ويؤكد على موقف الاردن الثابت بشأن هذه الطروحات.

وبنبرة حادة وصارمة يقول جلالته انه سيعمل ما فيه مصلحة الاردن معبراً عن الضمير العربي الهاشمي ومتحدثاً باسمنا جميعاً.

وفي عين العاصفة وأمام العالم أجمع، نجح الملك في احباط محاولات ترامب لتكرار رغبته بتهجير الغزيين والاستحواذ على غزة، فبمقابل خطة ترامب التهجيرية الاستحواذية واقتراحه تخصيص قطعة ارض في الاردن لاستقبال لاجئين غزيين يقول جلالته بكل وضوح:

“Well, Mr. President, I think we have to keep in mind that there is a plan from Egypt and the Arab countries. We’re being invited by Mohammad bin Salman to discussions in Riyadh. I think the point is, how to make this work in a way that is good for everybody”.

والترجمة الدقيقة لهذه العبارة هي كالتالي: "حسناً السيد الرئيس،علينا ان نأخذ بالاعتبار أن هناك خطة من مصر والدول العربية وانه قد تم دعوتنا من قبل محمد بن سلمان للمناقشة في الرياض. وانه (اي جلالته) يعتقد بإن المسألة هي كيف ستعمل هذه الخطة (اي الخطة العربية وليس خطة ترامب) بطريقة جيدة للجميع". وبالطبع نعلم جميعاً ان الخطة العربية تقوم على مبدأ إعادة اعمار غزة دون تهجير اهلها. وفي هذا جواب واضح وبلغة وعبارات دبلوماسية حصيفة بإن "لا للتهجير".

لقد تناولت الصحف العالمية واسعة الانتشار حديث الملك سواء ذلك الذي جرى في المؤتمر الصحفي او تغريدات جلالته على منصة (X) حول ما تم في الاجتماع المغلق مع الرئيس ترامب. ومن هذه الصحف: صحيفة الجارديان البريطانية وصحيفة التايمز البريطانية و نيويرك تايمز وواشنطن بوست الامريكيتين وجيروسالم بوست و"تايمز اوف اسرائيل" الاسرائيليتين. وقد تصدرت الصفحات الاولى من هذه الصحف خبر تأكيد الملك في لقائه مع ترامب على موقف الاردن الثابت في رفض تهجير سكان غزة او الضفة الغربية او تحريكهم من بلادهم. والرفض هنا هو رفض مطلق بمعنى رفض تهجيرهم لأي بقعة في العالم. وهذه الصحف الاجنبية لا تخطيء في فهم لغتها ولا تخرج الكلمات من سياقها.

وفي مبادرة انسانية عظيمة، قال جلالة الملك في المؤتمر الصحفي أن الاردن سيستقبل ألفي طفل غزَي مريض للعلاج في المؤسسات الطبية الاردنية. هذه المبادرة اطلقها الملك في المؤتمر الصحفي دون ان يكون ترامب على علم مسبق بها بل كانت مفاجئة له. وهذه المبادرة التي لو علم بها ترامب قبل المؤتمر الصحفي، لظننته يقول انه ناقشها مع جلالة الملك لكي يعطي الانطباع بإنه قد طلب ذلك من الملك وحصل على الموافقة. انها الحنكة والحصافة التي ورثها جلالة الملك كابراً عن كابر. ثم أن جلالته قد رمى الكرة بمرمى ترامب عندما أشار الى أنه ربما يتطلع لمساعدة امريكا للتحقق من ان الجهات الاسرائيلية المعنية ستعمل على أن تتم عملية نقل الاطفال الى الاردن باقصى درجات الفاعلية ذلك أن السبيل الافضل لنقلهم سيكون بواسطة طائرات هيليوكبتر. ويفهم من ذلك أن جلالته يبعث برسالة واضحة للرئيس ترامب مفادها ان الجانب الاسرائيلي هو من يعيق عمليات الانقاذ وأن على امريكا ان تضغط على اسرائيل لتسهيل عملية اجلاء الاطفال المرضى.

خلاصة القول هنا، ان جلالة الملك، الذي يتسلح بإرثه العربي الهاشمي العظيم وشرعيته الدينية والتفاف الاردنيين حوله، قد رفض خطة التهجير التي اقترحها ترامب ورفض طروحات ضم الضفة الغربية لاسرائيل ويتمسك بحل الدولتين، وأكاد أجزم ان جلالته، وبالضربة القاضية، قد اجهض خطة ترامب التهجيرية الاستحواذية، فليقل ترامب ما يشاء إذ المهم عندنا هو ما يقوله جلالة الملك.

وبانتظار عودة جلالتة من امريكا، اقول أن من واجبنا أن نستقبل القائد المنتصر في وجه عاصفة ترامب استقبالاً شعبياَ حاشداَ دعماً ومؤازرة وعرفاناً.