أولا وأخيراً .. مصلحة الأردن فوق كل اعتبار
فيصل تايه
12-02-2025 02:49 PM
في المؤتمر الصحفي الذي جمع بالامس جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وسمو ولي العهد الامير الحسين بالرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، كان من الواضح ان حديث جلالته حديث دبلوماسي عميق الدلالات برفض التنازل عن مصالحنا الوطنية العليا من خلال ما دلل عليه قوله "سأفعل الأفضل لبلادي"، ما يشير الى "الحصافة السياسية" التي يتمتع بها جلالته، وحرصه على عدم دفع الاردن الى صدام مع امريكا "القوة العظمى" ومع ذلك، فمن الواضح ان الايماءات التي صدرت عن جلالته اخفت ما بداخله من امتعاض من تصريحات "ترامب"، حيث كانت ردود فعله واضحه لكنه تصرف بذكاء سياسي ، وتحمل كل الضغوط ، مؤجلا الرد المباشر باسلوب مقتضب ورزين.
لقد تصدى جلالة الملك بكل اتزان للسردية "الصهيو-امريكية" ونيابة عن العرب كافة، ذلك بعدم إعطاء الرئيس الأمريكي "المتصهين" ما يريد سماعه من تهجير لسكان غزة ، وبذلك فقد اكد جلالتة ان "قوة الموقف" تأتي من وحدة الصف العربي ، وليس من ردود فردية مباشرة ، رغم محاولة "ترامب" إحراج جلالته ووضعه في موقف ضغط مفاجئ ، حيث أنه لم يكن متفق أن يكون اللقاء "صحفيا" ، لكن ذلك كان نوعاً من "الخبث السياسي" في محاولات لكسب تصريحات تكون بمثابة "وعود" ، لكن جلالته كان اذكي من ذلك "الفخ الترامبي" ورد ردودا "محنكة" بل قال بوضوح إن ذلك سيتم بحثه مع "الأشقاء العرب" الذين لهم كلمتهم معه ، ومع مصر والسعودية تحديداً، الأمر الذي يعني بأن العرب مجتمعون مسؤولون عن "الملف" بتفاصيله الكاملة وليس الأردن وحده ، وآن الوقت ليتوحد موقفهم بوجه الإنحياز الأمريكي للكيان الإسرائيلي .
اننا وفي متابعتنا للقاء ، ومن خلال قراءتنا لملامح جلالة الملك نعي حجم المسؤولية الملقاه ، ونستوعب المعاني العميقة والدلالات التي عبّر عنها من نظراته ، حيث المهمة ليست كما يتصورها البعض ، اذ كنا نعي تماما أن اللقاء لن يكون سهلا ً، وكنا بانتظار تصريحات جلالته ، حيث فاجأ ترامب برد دبلوماسي "والشاطر يفهم" عندما طرح جلالته استقبال الفي طفل مريض من غزه ، في خطوات ذكيه من لدن جلالته استبق فيها الموقف وتدارك الاحراج ، فتحدث بدهاء قاطعا الشك باليقين باننا نتعامل بانسانيه ومع الحالات الإنسانية ونستقبل من هم في امس الحاجة للعلاج خاصة الأطفال ومنهم مرضى السرطان .
لقد عاد جلالته واكد موقفه من مقترحات ترمب بعد اللقاء مباشرة ، حيث أطلق عدة تغريدات - على منصة إكس - بين فيها أن مصلحة الأردن واستقراره، وحماية الأردن والأردنيين بالنسبة لي فوق كل اعتبار ، معيداً التأكيد على "موقف الأردن الثابت ضد تهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية"، مذكّراً بأن ذلك يندرج ضمن "الموقف العربي الموحد" ، مشددا على إعادة إعمار غزة كاولوية دون تهجير أهلها، والتعامل مع الوضع الإنساني الصعب في القطاع"، ومذكّرا بأن "السلام العادل على أساس حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة". ، كما أكد جلالته ضرورة وقف التصعيد في الضفة الغربية تجنباً لتدهور الأوضاع هناك، بما سينعكس بآثار سلبية على منطقة الشرق الأوسط بأكملها وهذا يتطلب تفعيل الدور المتسيد للولايات المتحدة ويدفع في الاتجاه الصحيح.
اننا جميعا كأردنيين نعلم حجم المسؤولية التي يواجهها جلالة الملك ويعلم الجميع السرديه الاردنيه في مواجهة سرديه "النتن ياهو" ونعلم موقف جلالة الملك بوضوح تجاه التهجير ، ولنكن اكثر صراحة فقد "استفتى الشعب"حين تحرك مجلس النواب بشكل عاجل من أجل إقرار قانون يمنع التهجير "بدسترة" فك الأرتباط ، فكان القرار قرار الشعب الاردني عبر قنواته الدستوريه وممثليه في مجلس النواب ، لياتي القرار "مدستراً" وليس من لدن الحكومة الممثل للسلطة التنفيذية .
اننا كأردنيين من واجبنا ان نعي بأن خوض المعركة السياسية لا تقل أهميتها وفي حجمها عن المعارك العسكرية ، وواجبنا بأن "نلتف" حول الوطن وقيادته "بالفعل" لا بالشعارات وترديد الكلمات ، فأعداء الاردن في ازدياد مضطرد ، من خلال بث الاساءات المتعمدة للاردن وقيادته وشعبه عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة ومنها للأسف الشديد وسائل إعلام عربية معروفه.
ان هذا ليس بالأمر الجديد علينا في الأردن بأن تمارس علينا ضغوطات يعتقد المشككون أنها فوق طاقتنا وقدرتنا ، لكننا بفضل الله أولاً ، وبهمة وتلاحم شعبنا قد تجاوزنا وسنتجاوز كل تلك الضغوطات التي تريد المساس بوطننا وثنيه عن مواقفه الثابتة إتجاه قضية فلسطين وأهلها مهما طال الزمان ، وسنقف بإذن الله مع الوطن ومع قائد الوطن .
وأخيرا علينا جميعاً نشر الوعي وفضح المخططات الراميه لتمزيق تلاحمنا ، فلا يجب أن نسمح للدعاية الكاذبة بالانتشار، بل علينا مشاركة الحقائق وإيصال الصورة الحقيقية للعالم بان الفلسطينيين يواجهون محاولة متكررة لاقتلاعهم من أرضهم، لذلك يجب ان نقف صفًا واحدًا مع الأردن ووراء قيادته ، ندعم جلالة الملك في مواقفه الشجاعة ، وندعم وحدة الصف العربي في مواجهة أي مخطط يستهدف فلسطين وأهلها ، وان كرامتنا العربية خط أحمر ، ونرفع شعار "لا للتهجير" ، لا لفرض "الحلول" بالقوة ، نعم "لكرامة الامة" ، نعم لحقوق الشعب الفلسطيني.
وحفظ الله الأردن وأهله وقيادته بكل خير .