facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ألممنا أكثر من اللازم؟


د. صالح سليم الحموري
19-02-2025 10:51 PM

"القمة العالمية للحكومات 2025"، تُفتح أمامنا كل عام "آفاق واسعة من المعرفة"، مما يدفعنا إلى التفكير بعمق في "حدود اكتشافاتنا العلمية والتكنولوجية.” في "سباقنا المحموم نحو المعرفة"، يبدو أننا اقتربنا أكثر مما ينبغي من كشف أسرار الكون والحياة.

لقد "جمعنا المعلومات، حللنا البيانات، واخترقنا الحواجز" التي كانت لعقود محصنة بأسوار الجهل أو الغموض. لكن يراودني تساؤل:
هل تجاوزنا الحد؟

هل أصبحنا نمتلك من الأسرار والمعرفة ما قد يُحدث اضطرابًا جوهريًا في طبيعة الحياة ذاتها؟

في عصر يتسارع فيه التقدم التكنولوجي بشكل غير مسبوق، هل نحن بصدد "قفزة علمية هائلة" تعيد تشكيل مفاهيمنا عن "الوجود والإنسانية"، أم أننا أمام "مفترق طرق حيث المعرفة المطلقة قد تحمل في طياتها تحديات تفوق قدراتنا على التحكم بها"؟

لقد وصل حجم البيانات المنتجة عالميًا إلى 149” زيتابايت بنهاية عام 2024"، أي ما يعادل 149 تريليون جيجابايت، وهو مقدار يفوق قدرة الإدراك البشري. ولو افترضنا أن كل جيجابايت يمثل كتابًا رقميًا، فإن هذا الكم من البيانات يكفي "لتغطية الأرض بعدة طبقات من الكتب"، مما يطرح تساؤلًا آخر: هل نحن على مشارف "تخمة معرفية" قد تعيد تشكيل علاقتنا بالواقع والوجود؟

لم يعد الإنسان يكتفي بمراقبة الطبيعة وفهم قوانينها، بل بات الآن قادرًا على "إعادة تشكيلها" تقنيات مثل "كريسبر “(CRISPR) لم تعد مجرد أدوات لتحليل الشيفرة الجينية، بل أصبحت "مقصًا جينيًا دقيقًا" يمكّننا من "تعديل الحمض النووي"، "وإعادة توجيه مسار التطور"، "وتصحيح العيوب الوراثية وحتى تحسين صفات الكائنات الحية" لم تعد هذه القدرة مجرد فكرة خيالية من روايات الخيال العلمي، بل حقيقة علمية تُستخدم اليوم في المختبرات حول العالم، وتمتد تأثيراتها إلى "الأغذية، والطب، والتصنيع، والسلع الاستهلاكية، بل وحتى مستقبل الجنس البشري ذاته".

لكن السؤال الأكثر إلحاحًا ليس ما إذا كنا قادرين على "تحرير وتعديل وكتابة الشيفرة الوراثية"، بل ما إذا كان علينا "فعل ذلك دون ضوابط"، كيف نضع حدودًا للتلاعب بالحياة؟ من يملك القرار في تحديد ما هو "تحسين" وما هو "تشويه"؟ هل نحن مؤهلون بما يكفي للعب دور الخالق في إعادة تشكيل ما صنعته الطبيعة عبر مليارات السنين؟

التكنولوجيا البيولوجية اليوم "ليست مجرد أداة للقراءة والتحليل"، بل أصبحت "قوة تغييرية" تتجاوز بكثير قدرتنا على استيعاب تداعياتها المستقبلية. تمامًا كما هو الحال مع "الذكاء الاصطناعي"، فإن "الهندسة الوراثية مجال سريع النمو، يتطور كل أسبوع، مدعومًا بحشد عالمي من العقول اللامعة"، مما يسرّع من وتيرة الابتكار والإمكانات المتاحة بشكل غير مسبوق.

لكن مع كل هذا التقدم، يقف أمامنا مشهد ضبابي من "الاحتمالات والمخاطر". إن قدرتنا على التلاعب بالحمض النووي و"إعادة برمجة الحياة ذاتها" تمنحنا إمكانيات هائلة لمعالجة الأمراض الوراثية، وإنتاج غذاء أكثر استدامة، وتصميم مواد مبتكرة بخصائص لم تكن متاحة من قبل. ولكنها في الوقت ذاته "تفتح الباب أمام احتمالات يصعب التنبؤ بها، من انقراض غير مقصود لأنواع طبيعية إلى ظهور كائنات معدلة ذات تأثيرات غير متوقعة على النظام البيئي".

"ألممنا أكثر من اللازم"؟ ربما. نحن الآن في نقطة مفصلية في التاريخ، حيث أصبح لدينا من المعرفة ما يمكن أن "يعيد تعريف الحياة كما نعرفها"، لكن السؤال الحقيقي ليس حول مقدار ما نعرفه، بل حول "كيفية استخدامنا لهذه المعرفة". هل سنتعامل معها بحكمة وتروٍّ، أم أننا سنندفع وراء بريق الاكتشاف دون أن نعي تمامًا العواقب؟

قد يكون امتلاك المعرفة "قوة عظيمة"، لكن "القدرة على التحكم في استخدامها هي الاختبار الحقيقي للبشرية".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :