جولة روبيرو في المنطقة وما بعدها
خلدون ذيب النعيمي
19-02-2025 11:17 PM
في جولته الاولى مع تسلم حقيبة السياسة الخارجية الامريكية بعهد الإدارة الجديدة تبدو ملامح جولة ماركو روبيرو في المنطقة سياسية واقتصادية الهدف منها الترويج لرؤية رئيسه ترامب في التهجير والتوطين كوسيلة لتعمير قطاع غزة الذي دمرته الحليفة اسرائيل دون ان تحقق أي من اهداف عدوانها الذي استمر 15 شهراً بل وخرجت منه بسجل قتل وابادة لمدنيي غزة يضاف لرصيدها الحافل على مدى تاريخها ، وهي الزيارة التي أعقبت لقاء ترامب الأخير مع جلالة الملك عبدالله الثاني حيث أخفق في فرض رؤيته الترانسفيرية وتسويقها من خلال محاولة أيهام الجميع بحرصه على اعمار غزة التي دمرت بأسلحة اميركية ، وهي الزيارة التي تأتي ايضاً في وقت تشهد فيه السياسية الاميركية مع العهد الجديد تحديات ضخمة شعارها الإطاحة بتحالفات سياسية واقتصادية وتقوية الخصوم التقليديين لواشنطن وهو ما نراه جلياً في اوروبا وكندا والشرق الاقصى واميركا اللاتينية بالإضافة للشرق الاوسط .
"أبواب الجحيم" العبارة التي قالها ترامب سابقاً رددها نتينياهو أيضاً امام ضيفه روبيرو بعيد عناقهما ليرد عليه الأخير ان أسرائيل مثال جيداً للعالم متمنياً وجود "مثايل" لها في الشرق الاوسط ليكون هذا الشرق أكثر سلاماً وهدوءاً ..!! ، عالعموم هذه هي نظرة اميركا التقليدية في المنطقة ولن تفلح ملامح روبيرو اللاتينية ان تغير في الذهن العربي العام النهج الأنجلو الساكسوني لهذه النظرة من بدءً من هاري ترومان الى بايدن ، فقد تعودت المنطقة تاريخياً على جولات سكرتير الخارجية الاميركية التي ترى في قوة اسرائيل وسيلة لهذا الهدوء والسلام خاصة بعيد الاخفاقات العدوانية لها ، فكانت جولات كسينجر بعد حرب تشرين الاول 1973م وشولتز بعد غزو لبنان 1982م ورامسفيلد بعد الفشل في التعامل مع الانتفاضة الفلسطينية التي انطلقت عام 1987م ، والجولة الحالية لروبيرو لا تختلف عن سابقاتها اذا اضفنا اليها الفشل الاسرائيلي الذريع في غزة وما تبعه من رفض رسمي وشعبي عربي لخطط ترامب التي تؤكد نسف ما حاولت ان تردده الإدارات الأميركية حول تبني خيار الدولتين .
دفاتر الحياة العامة وليس بعيداً عنها مضمار العلاقات الدولية والسياسية يشير بقوة ان العدو الصريح خير ألف مرة من الصديق المتلون الود ، وهي الميزة التي يتصف فيها هنا ترامب عن سابقه بايدن ، وبالتالي فحتى حديث روبيرو عن اهمية الهدنة الحالية في غزة تأتي في اطار تسويق رؤية رئيسه في تهجير اهل غزة ، ففي الوقت الذي يسبقه بزيارته للمنطقة خبر الافراج عن صفقة القنابل الأميركية لإسرائيل وبشكل يتوقع فيه تجدد الحرب على غزة يحاول روبيرو ان يكسب "دعماً سياقتصادي" لرؤية رئيسه من خلال زيارة الرياض وابو ظبي بعد الرفض السياسي الذي واجهته من المعنيين مباشرة في عمان والقاهرة فضلاً عن الرفض الشعبي المدوي لأهالي غزة انفسهم .
"رب ضارة نافعة" ، فهل يكون الرفض العربي الواحد الذي سيتلقاه روبيرو من نظرائه العرب بمثابة بدء نهج تنسيقي لولادة حقيقية للمشروع العربي الواحد الذي يحفظ حقوق الامة في فلسطين وغيرها في وجه المشاريع الاقليمية والدولية في المنطقة ؟ ، عالعموم هو وقت استثنائي والعرب قادرون أن توفرت الإرادة لديهم خاصة مع وجود ترامب ومعاركه المتعددة مع حلفاءه واقطاب العالم ، فالسقوط يبدأ عند المرء لحظة قرار معاداة الجميع وذلك مهما امتلك من أوراق القوة ، وفي التاريخ شهوداً على ذلك .