يبدو بان الرئيس السوري السيد احمد الشرع والقيادة الجديدة في سوريا قد حسمت امرها للانضمام إلى محور الاعتدال العربي والإسلامي.
وتجلى ذلك في زيارات الرئيس الشرع إلى كل من المملكة العربية السعودية التي تمثل بيت المال والاعتدال، وتركيا صاحبة تجربة الإسلام السياسي المعتدل، واخيراً زيارته للأردن الذي يشكل رأس الحربة في الحكمة والواقعية السياسية والمدينية.
فقد حملت زيارته القصيرة بالأمس الى عمان رسالة واضحة بان الركب السوري ينوي اللحاق بالدول الراسخة والمتزنة والجانحة للسلم بعيدا عن الشعارات الرنانة التي ابتليت فيها المنطقة العربية لعقود طويلة.
وقد التقطت هذه الدول الإشارات الايجابية التي تصدر من سوريا وفتحت اذرعها لاستقبال الزعيم السوري ومعاملته كرؤساء الدول وبالأخص هنا في الأردن الذي كان المبادر الاول للانفتاح على النظام الجديد لما للأردن وسوريا من مصالح مشتركة بينهما وصلت إلى حد تنقل المواطنين بالهوية الشخصية بين البلدين قبل ان يلغيها النظام السابق. ويمكن القول بان زيارته للأردن رغم قصرها كانت الأهم بين هذه الزيارات للاطلاع على نتائج زيارة الملك الأخيرة لواشنطن وزيارات ولي العهد إلى كل من مصر وتركيا وقرب انعقاد القمة العربية القادمة والاستماع إلى وجهة النظر الأردنية حول هذه القضايا إضافة إلى المواضيع الثنائية المشتركة مثل الوضع على الحدود وتهريب الأسلحة والمخدرات وعودة اللاجئين السوريين.
من جهة ثانية، فقد شكل الخطاب الذي ألقاه السيد الشرع في مؤتمر الحوار الوطني مؤخرا ارضيات صلبة للاعتدال الحاسم ورسم فيها شكل النظام القادم في سوريا. فمن لا للتقسيم، إلى حصر السلاح بيد الدولة، مرورا بنبذ اللطم والتعويل، وبدء ورشة التعمير متفاديا بذلك المنزلقات لبعض الدول التي حلت جيوشها والغت دساتيرها وسلحت طوائفها وغدا فيها قرار الحرب والسلم بيد طوائفها وليس بيد حكوماتها الأمر الذي أبعدها عن الاستقرار والاعتدال.
مما لا شك فيه بان سوريا تشهد تغيرا ايجابياً ستمحي فيه كل الآثار السلبية السابقة التي خلفها النظام الأسدي بالرغم من البطء الذي يسود عملية التغيير حيث لا زالت هناك بعض القضايا الملحة بحاجة إلى الحسم السياسي والأمني والاقتصادي والتي يمكن لدول الاعتدال العربي ان تلعب دورا مهما في مساعدة سوريا على حلها تفاديا لذهاب سوريا نحو المجهول وإعادة اختطاف الحالة السورية بعيدا عن محور الاعتدال.