facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كتاب وقارئ 1 .. كتاب ثروة الأمم لـ آدم سميت


إبراهيم غرايبة
03-03-2025 05:24 PM

يعدّ كتاب "ثروة الأمم" تأليف آدم سميث (1723 – 1790) أساسا لعلم الاقتصاد الكلاسيكي الحديث والاقتصاد السياسي. وقد عرف سميث بالتوافق بين الصالح العام والصالح الخاص، وبالقاعدة الأكثر تداولا في الاقتصاد والاجتماع؛ وهي إن العدالة تقتضي أن يكون لمن يوفرون الغذاء والكساء والمسكن للشعب في مجموعه نصيب من ناتح عملهم يهيئ لهم أن ينالوا غذاء وكساء ومسكنا مناسبا. وقد أثر سميث في الاشتراكية وإن لم يكن اشتراكيا. ويسود بين الباحثين الاقتصاديين تقدير عام أن سميث وضع أصول نظرية كاملة في التقدم الاقتصادي.

جاء كتاب ثروة الأمم في مقدمة وخمسة كتب؛ الإنتاج والتوزيع وتطور الثرة في مختلف الشعوب، والنظام الاقتصادي الزراعي والتجاري، وموارد المالية العامة والضرائب.

تلقى سميث طابع فلسفة عصره؛ فالقرن الثامن عشر تميز بفلسفة القانون الطبيعي التي تقول إن ثمة مجموعة من القواعد تبين ما هو صواب وما هو عدل، ومتمشي مع الأخلاق بعامة، وإنه من الممكن التعرف على هذه القواعد عن طريق العقل أو البداهة الفطرية والاخلاقية، كما تقول أيضاً إن لهذه المجموعة من القواعد سلطة أعلى ما تمليه سلطة الحاكم الإنساني، أو يقضي به العرف، وقد حاول آدم سميت أن يكشف عن هذه القواعد بالنسبة للنظام الاقتصادي.

كان النصف الثاني من القرن الثامن عشر قد شهد بدء التحول إلى النظام الرأسمالي الصناعي القائم على المنافسة ، وبدأت تحلّ الحرية الواقعية أساسا للعمل والتجارة والمبادلات. ووجد سميث أن المصدر الأول للثروة هو العمل وليس الأرض، وبالتالي فإن ثروة الأمم تزداد كلما زادت قوة العمل، وتتحقق هذه الزيادة في رأي آدم سميث عن طريق التخصص وتقسيم العمل، وكذلك بسبب الآلات واستخدامها في الإنتاج، وكذلك تزداد ثروة الأمم بازدياد عدد العمال المشتغلين على نحو يتمشى مع زيادة عدد المستهلكين (عدد السكان) لكن ما هي القوى التي تعمل على أن تبلغ الثروة أقصاها وبفضلها يتحقق تقسيم العمل وتوزيع الاستثمار على أوجه النشاط على النحو الأمثل؟

یری آدم سمیت أن ثمة غريزة قد ركزت في الإنسان وهي المصلحة الشخصية التي تدفع به إلى محاولة تحسين حاله. هذه الغريزة التي تحكم تصرفات الأفراد تؤدى إلى تحقيق الخير كله للجماعة. وذلك لأن الأفراد عند سعيهم لتحقيق مصلحتهم الشخصية، تقودهم كما يقول آدم سميث يد خفية تقودهم إلى غاية لم يقصدوها وهي تحقيق الصالح العام.

النظام الطبيعي عند آدم سميث نظام تلقائي ينبثق عن الدوافع النفسية للإنسان، وهو نظام يؤدى إلى تحقيق الصالح العام ما دامت هناك حرية اقتصادية. فتقسيم العمل مثلا لم يأت نتيجة تفكير إنسان نظم العالم، بل إنه ينشأ من سعي الإنسان لتحقيق مصلحته. فالفرد الذي يعيش في جماعة يعرف أنه يستطيع الحصول على ما يريده من إنتاج الآخرين لو باعهم فائض إنتاجه، ولذلك يتخصص في إنتاج السلعة التي تمتاز في إنتاجها ثم يستبدل بها السلع الأخرى. فتقسيم العمل أساسه رغبة الفرد في تحسين حالته، كما أن أساسه غريزة المبادلة وكذلك الحال بالنسبة للنقود فإنها لم تنشأ من قرار من السلطة العامة، ولكنها خرجت من الغريزة الإنسانية، فكل فرد يسعى إلى أن يكون لديه كمية من مواد أو منتجات معينة، مكن أن يستعملها لتسهيل عملية المبادلة للحصول على ما يحتاج إليه من منتجات هذه السلع التي تتميز بالقبول العام في جماعة معينة هي الأصل التاريخي للنقود، فالنقود أيضاً تعود بشأنها إلى الغريزة الإنسانية، وكذلك تكوين رأس المال يتم بصورة طبيعية تلقائية نتيجة سعى الأفراد إلى تحسين حالتهم. فهذا الميل يدفع بهم إلى الادخار، ويحثهم على استثمار هذه المدخرات، وبالتالي يؤدى إلى زيادة رؤوس الأموال وإلى زيادة إنتاجية العمل وزيادة عدد العمال المشتغلين، أي إلى زيادة ثروة الأمة.

یری سميث أن يقتصر دور الدولة على محاولة توسيع نطاق السوق بشق الطرق وتنظيم النقد وضمان تنفيذ العقود تنفيذاً أميناً. وعلى الدولة أن تعمل على تحقيق حرية الصناعة والتجارة بامتناعها عن التدخل، فعليها أن تلغى نظام المنح ونظام الإعانات، وأن تمتنع عن التدخل في التنظيم الصناعي وأن تترك الحرية الكاملة للعمل ورأس المال، إذ أن رأس المال في هذه الحالة سيتجه تلقائياً الاتجاه الذي يتمشى مع صالح صاحبه ويؤدى إلى زيادة الثروة القومية.

يوافق سميث أنه نظام اقتصادي (الحرية والفردية) يؤدي إلى مخاطر وعيوب كثيرة، منها الجشع وتعطيل النظام نفسه من العمل على أساس المنافسة، فما من اجتماع إنساني حتى لو لمجرد التسلية، إلا ويتضمن قدرا من التآمر والغش. لكن يمكن بناء تنظيم اقتصادي اجتماعي يحقق الاتزان والنسبية، مثل تحديد الفائدة لتفادي خطر الربا، وتنظيم إصدار النقود، ومساعدة الصناعات الوطنية، والمعاملة بالمثل مع الدول.

ينحاز سميث إلى الطبقة العاملة، وينتقد ما يلحق بالعمال من حيف. فيقول إن الريع والربح يبتلعان الأجر، وإن الطبقات العليا من المجتمع تظلم الطبقات الدنيا. ويقول: يتفق أرباب الأعمال على تخفيض الأجور، ويحب الملاك العقاريون أن يحصدوا ما لم يزرعوا.

يتحدث سميث عن "القيمة" والقواعد التي تحدد قيمة مبادلة السلع بعضها ببعض، فيقول إن كلمة قيمة لها معنيان مختلفان، فهي أحياناً تعبر عن منفعة أشياء معينة وفي أحيان أخرى تعبر عن قوة شراء هذه الأشياء السلع أخرى. ويمكن تسمية القيمة الأولى قيمة الاستعمال وتسمية القيمة الثانية قيمة المبادلة. الأشياء التي تكون لها أكبر قيمة للاستعمال تكون قيمة مبادلتها ضئيلة في كثير من الأحيان.

السلعة التي يحوزها شخص لأجل مبادلتها وليس استعمالها تساوي كمية العمل، ثم يبين أن الذهب والفضة هما اللذان يستخدمان فعلا في تحديد نسب المبادلة. ثم يصل إلى نتيجة مفادها أن ثمن معظم السلع يتكون من الأجر والربح والريع. لكن قيمة هذه الأجزاء الثلاثة هي كمية العمل التي يمكن لكل جزء منها شراؤه أو التحكم فيه.

تقوم نظرية آدم سيمت على فكرة النظام الطبيعي الذي يحكم تطور ثرة الأمم ويؤدي إلى زيادتها، ذلك إذا ترك الأفراد أحرارا في اتباع غرائزهم، وسعوا لتحقيق مصالحهم الشخصية، وكفلت لهم الدولة الأمن والعدالة والتعليم.

ويقسم سميث العمل إلى منتج وغير منتج. الأعمال المنتجة هي التي تزيد من قيمة المواد التي تتركز عليها، أما الأعمال غير المنتجة فهي الأعمال التي قد تكون نافعة ولكنها لا تزيد من تلك القيمة. وهذه الأعمال كما يقول سميث تهلك في نفس لحظة أدائها، فالخدمات لا تدخل عنده في باب الأعمال المنتجة.

ورتب أهمية أوجه النشاط في التقدم وفقاً لما أسماه السير الطبيعي للأمور ، وأعطى المرتبة الأولى للنشاط الزراعي، باعتباره أكثر صور النشاط توظيفاً للعمال، ثم أعطى المرتبة الثانية للنشاط الصناعي، والثالثة للنشاط التجاري ، مقسماً هذا النوع الأخير إلى درجات متفاوتة الأهمية . وتزداد إنتاجية العامل تبعاً لمدى تقسيم العمل، وبالتالي تزداد ثروة الأم كلما انتشر فيها تقسيم العمل .ذلك لأن تقسيم العمل يؤدى إلى زيادة مهارة العامل وإلى توفير الوقت اللازم للإنتاج، كما أن التخصص الذي يترتب على تقسيم العمل يؤدى إلى الوصول إلى أفضل الطرق لأداء العمل وإلى اختراع الأدوات التي تساعد العامل على زيادة الإنتاج.

ويرى آدم سميث شروطاً لا يمكن بدونها أن يتحقق تقسيم العمل، كما قدّر حدوداً لإمكانيات التقدم؛ تجمع رؤوس الأموال اللازمة لإمكان تقسيم العمل. ويرى أن الادخار شرط ضروري لتجمع رأس المال فيقول إن كل زيادة أو نقص في رأس المال تؤدى بطبيعته إلى زيادة أو نقص كمية الصناعة وعدد الأيدي المنتجة وتؤدى بالتالي إلى زيادة أو نقص قيمة مبادلة الناتج السنوي؛ أي للثروة الحقيقية ودخل كل سكانه، و تزداد رؤوس الأموال بقبض اليد وتنقص بالسفه وسوء التصرف.

ویری سميث أنه إذا بدأ التقدم نتيجة لتقسيم العمل فإنه يأخذ في التزايد المستمر، بفضل الادخار وتكوين رؤوس الأموال. وذلك لأن تقسيم العمل وما ينطوي عليه من تخصص يؤدى إلى إدخال تحسينات مستمرة على فن الإنتاج، وتؤدى هذه التحسينات بدورها إلى التزايد المستمر في الإنتاجية، وأشار أيضاً إلى أن نمو وسائل النقل في منطقة ما قد يؤدى إلى تخفيض النفقة بالنسبة للصناعات التي تستخدم وسائل النقل. وأدرك بالتالي تماسك أجزاء الاقتصاد الوطني وترابطها، وأوضح الحدود التي رأى أنها تقصر التقدم وتوقفه عند وضع معين، فتقسيم العمل يحده الطلب على المنتجات، أو نطاق السوق . فإذا كان السوق ضيقاً كان احتمال تقسيم العمل محدوداً .

وكانت احتمالات زيادة الثروة أو ما نسميه الآن احتمالات التقدم الاقتصادي محدودة أيضاً، ولكن ثمة حدّ آخر هو بلوغ البلد حالة السكون، وهي حالة تمثل في نظره أعلى درجات الغنى التي تسمح بها ثروة أرضها ومناخها، وتسمح بها علاقاتها بالبلاد الأخرى، فالنظام الطبيعي عند آدم سميث يتضمن عوامل متحركة تؤدي به إلى التطور والنمو المستمر، ولكنه لا يتصور نظاماً لا نهائي النمو . ویری أن حالة التطور والنمو تفيد الطبقة العاملة بعكس حالة السكون. ويصف تطور الأجر والربح في حالتي السكون والنمو، متمثلا بمنطقة ما موارد طبيعية غنية. ففي مبتدأ الأمر يكون رأس المال المستخدم في الإنتاج بالنسبة للموارد الطبيعية قليلا، لكن زيادة النشاط الاقتصادي تؤدي إلى زيادة الأجور، وزيادة المنافسة بين أصحاب الأعمال، والمنافسة تؤدي إلى تقليل الربح لصالح المستهلك والعامل.

وتؤدي زيادة الأجور إلى زيادة عدد العمال، فتنخفض الأجور إلى مستواها الطبيعي. وتؤدي زيادة رأس المال إلى زيادة الإنفاق ومن ثم تآكل رأس المال وتراجع الاقتصاد. هكذا فإن حراك النمو الاقتصادي والأجور يتفاعل في دوره تجعله تقريبا في النظام الطبيعي.

ختاما فإن الكتاب يعتبر أحد أهم الكتب الكلاسيكية في علم الاقتصاد، وقدم تفسيرا معقولا للظواهر الاقتصادية، وأسس للنظر في القوانين الاقتصادية الكبرى مثل تقسيم العمل والنقود والقيمة، وربما تكون نظريته في قيمة العمل أساسا للمذهب الاشتراكي ونظريات كارل ماركس، لكن التطور الاقتصادي والتكنولوجي اللاحق أظهر نقاط ضعف وعجز في نظريات سميث، وإن كانت أحداث وتطورات اقتصادية وسياسية قد حدثت كما تنبأ بها سميث. ويظل كتابه حتى اليوم نظرة إنسانية عميقة ومصدرا ملهما في الفكر والتنظيم الاقتصادي والسياسي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :