facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الذكاء الاصطناعي في الجامعات: خارطة طريق للتطوير والابتكار


د. علي الروضان
03-04-2025 10:51 AM

تعيش الجامعات اليوم مرحلة ديناميكية تتقاطع فيها الفرص الواعدة مع التحديات المتزايدة، وذلك في ظل تصاعد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي بوصفه ركيزة محورية من ركائز الثورة الصناعية الرابعة. ومع تزايد الوعي بأهمية تطوير التعليم العالي وتحديث أدواته، تسعى المؤسسات الأكاديمية إلى تبنّي أحدث التقنيات الرقمية وتوظيف أساليب التعلّم الذكي، بهدف إعداد كوادر مؤهلة تمتلك مهارات متقدمة في مجالات التقنية، والتحليل، والابتكار. وفي خضم هذه التحولات المتسارعة، تبرز حاجة ملحّة إلى وضع تخطيط استراتيجي متكامل، يضمن توظيف الذكاء الاصطناعي بفعالية في تعزيز جودة البرامج الأكاديمية وتحقيق تطلعات الجامعات نحو مستقبل أكثر ابتكارًا وتنافسية.

ولا يمكن إغفال الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في تحسين بيئة التعلم ورفع كفاءة الخدمات الجامعية. إذ بإمكان الجامعات اعتماد نظم إلكترونية متقدمة ترتكز على تقنيات التعلّم التكيفي (Adaptive Learning)، ما يتيح تجربة تعليمية أكثر تخصيصًا تقوم على رصد نقاط الضعف لدى الطالب واقتراح أنشطة تعليمية تتناسب مع مستواه وقدراته. كما يمكن توظيف خوارزميات تحليل البيانات في مجالات الإدارة الجامعية لتسهيل إجراءات القبول والتسجيل، وتحسين مسارات الإرشاد الأكاديمي، والتنبؤ بمعدلات التخرج، إضافة إلى تحديد احتياجات الجامعة المستقبلية من التخصصات وفق معطيات دقيقة وموثوقة.

وفي هذا السياق، يُعدّ إنشاء مراكز متخصصة في الذكاء الاصطناعي داخل الجامعات خطوة محورية لتحقيق التحول الرقمي وتعزيز القدرات البحثية والتعليمية. إذ تُمكّن هذه المراكز من تجميع الكفاءات البشرية المؤهلة، والبنية التحتية التقنية، والدعم الفني تحت مظلة تنظيمية موحدة، ما يعزز فاعلية الجهود المؤسسية ويضمن استدامتها على المدى الطويل. وتتولى هذه المراكز وضع استراتيجيات بحثية تركز على تقديم حلول تقنية للتحديات التنموية، إلى جانب تنظيم ورش عمل وبرامج تدريبية موجهة لأعضاء هيئة التدريس والطلبة، بما يسهم في ترسيخ ثقافة الذكاء الاصطناعي في الحرم الجامعي. كما تلعب دورًا محوريًا في بناء شراكات فعّالة مع القطاعين العام والخاص لدعم وتمويل المشاريع التطبيقية، وتطوير تقنيات تعليمية متقدمة تواكب معايير الجودة الوطنية والدولية. ولا يقتصر دور هذه المراكز على الجانب البحثي فقط، بل يشمل أيضًا دعم تكامل الذكاء الاصطناعي في البرامج والمقررات الأكاديمية، من خلال تقديم الاستشارات الفنية للكليات، وتصميم محتوى معرفي مشترك يعزز الفهم العملي والتطبيقي للتقنيات الحديثة ضمن سياقات تخصصية متنوعة. وبهذا، تصبح هذه المراكز ركيزة أساسية في خارطة طريق الجامعات نحو بيئة تعليمية أكثر ابتكارًا وتنافسية.

وإلى جانب إنشاء هذه المراكز، يُعدّ تحديث المناهج والبرامج الأكاديمية عنصرًا جوهريًا في عملية دمج الذكاء الاصطناعي ضمن البيئة الجامعية. فمن الضروري أن يتعرّف الطلبة، منذ السنوات الأولى في مرحلة البكالوريوس، على مفاهيم البرمجة والتعلم الآلي، بغضّ النظر عن تخصصاتهم، وذلك بهدف تأسيس قاعدة معرفية صلبة تمكّنهم من فهم التقنيات الحديثة وتطبيقاتها المتنوعة. كما يُستحسن أن تتبنى الجامعات مسارات تعليمية مرنة تُعزز التخصصات البينية التي تجمع بين الذكاء الاصطناعي ومجالات علمية أخرى، الأمر الذي يسهم في تنمية مهارات التفكير النقدي والتكامل المعرفي، ويواكب في الوقت ذاته متطلبات سوق العمل المتزايدة لكفاءات قادرة على الربط بين المعرفة التقنية والواقع العملي في مختلف القطاعات.

وفي ضوء هذه التوجهات، تبرز الحاجة إلى توفير برامج تأهيلية متكاملة لأعضاء هيئة التدريس، تُمكّنهم من توظيف التقنيات الذكية بفاعلية في عمليتي التدريس والتقويم. إذ تسهم الدورات التدريبية وورش العمل المكثفة في إكسابهم المهارات اللازمة لاستخدام أنظمة التحليل الآلي لرصد أداء الطلبة، وتصميم سيناريوهات دراسية تفاعلية، وتوظيف أدوات التقييم الإلكتروني، ما يعزز تحولًا إيجابيًا في دور الأستاذ الجامعي من ناقل للمعرفة إلى موجّه وميسّر لعملية تعليمية قائمة على الابتكار والتكنولوجيا.

أما على الصعيد المؤسسي، فإن اكتمال هذه المنظومة يتطلب تحديث السياسات واللوائح الجامعية بما يضمن استمرارية المبادرات وتوسيع أثرها. ويمكن في هذا الإطار إنشاء لجان إشرافية متخصصة تُعنى بمتابعة تنفيذ برامج الذكاء الاصطناعي وتقييم مدى فاعليتها في تحسين جودة التعليم. كما يُستحسن ربط دعم وتمويل البحث العلمي بالمشاريع المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتشجيع الكليات كافة على الانخراط في مبادرات ابتكارية عابرة للتخصصات، تحت مظلة التحول الرقمي.

وفي الختام، فإن توظيف الذكاء الاصطناعي في الجامعات لا يُعد مجرد خيار تقني، بل هو استثمار استراتيجي في مستقبل التعليم. استثمار يُعزّز من مكانة الجامعات على خارطة الابتكار، ويُمكّنها من إعداد جيل يمتلك أدوات الثورة الرقمية وفهمًا عميقًا لتطبيقاتها. ومع تضافر جهود إدارات الجامعات، وأعضاء هيئة التدريس، والطلبة، ومراكز الأبحاث، إلى جانب دعم الشراكات مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، تتشكل ملامح مشهد جامعي متجدد يواكب التحولات العالمية، ويثري المنظومة التعليمية الوطنية، ويُسهم في بناء مؤسسات تعليم عالٍ قادرة على المنافسة والتأثير محليًا وعالميًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :