رسوم ترامب الجمركية 20%: تحدٍ جديد للاقتصاد الأردني
أ.د تركي الفواز
03-04-2025 11:42 PM
في خطوة غير متوقعة، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية رسومًا جمركية بنسبة 20% على الواردات من الأردن، هذا القرار يعكس تطورًا في السياسة التجارية الأمريكية ويهدد بتأثيرات سلبية على الاقتصاد الأردني، وذلك لأن السوق الامريكي يعتبر من الأسواق الرئيسية للعديد من المنتجات الأردنية ،على الرغم من هذه التحديات واصلت الصادرات الوطنية إلى الولايات المتحدة الأميركية نموها منذ بداية العام 2024 وحتى نهاية تشرين الثاني، حيث سجلت 2.044 مليار دينار، مقارنة بـ 1.779 مليار دينار للفترة نفسها من عام 2023، بارتفاع نسبته 14.9%، وقد أشارت الأرقام المستندة إلى بيانات التجارة الخارجية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة إلى أن مستوردات المملكة من السوق الأميركي بلغت 1.134 مليار دينار في نفس الفترة، مقابل 1.083 مليار دينار للفترة نفسها من العام 2023، بارتفاع نسبته 4.7%، وبناءً على هذه المعطيات حقق الميزان التجاري للمملكة مع الولايات المتحدة الأميركية فائضًا مقداره 910 ملايين دينار.
تعتبر الولايات المتحدة أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للأردن، حيث تمثل سوقًا هامة للعديد من الصادرات الأردنية مثل الألبسة، الحلي والمجوهرات، الأسمدة، الأدوية، بالإضافة إلى خدمات تكنولوجيا المعلومات، مع فرض الرسوم الجمركية الجديدة، ستواجه المنتجات الأردنية زيادة في تكاليف التصدير، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه السلع في السوق الأمريكية، هذه الزيادة في الأسعار قد تحد من القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية أمام المنافسين من دول أخرى، مما قد يؤثر سلبًا على حجم الصادرات، أما تأثير فرض هذه الرسوم على قطاع الألبسة والملابس، إذ يعتبر من أكثر القطاعات تأثرًا، حيث يشكل جزءًا كبيرًا من صادرات الأردن إلى الولايات المتحدة،ان فرض الرسوم الجمركية على هذا القطاع سيرتّب عليه زيادة في الأسعار، مما قد يقلل من الطلب على الألبسة الأردنية في السوق الأمريكية، قد يؤدي ذلك إلى تراجع الإيرادات وتفاقم المشكلات الاقتصادية في هذا القطاع ، اما قطاع الحلي والمجوهرات، حيث يعتبر من القطاعات التي تساهم في صادرات الأردن إلى الولايات المتحدة، فزيادة الرسوم الجمركية قد ترفع من أسعار هذه المنتجات في السوق الأمريكية، مما قد يؤدي إلى تراجع الطلب عليها، وبالتالي انخفاض الإيرادات من هذا القطاع، اما قطاع الأسمدة مع فرض الرسوم الجمركيةعليه قد ترتفع تكاليف هذه المنتجات، مما قد يقلل من الطلب الأمريكي عليها، وعلى الرغم من أن قطاع الأسمدة قد لا يتأثر بشكل كبير في البداية، إلا أن استمرار فرض الرسوم قد يؤدي إلى تراجع الإيرادات في المستقبل،بالنسبة الى قطاع الأدوية والمستحضرات الصيدلانية حيث تعتبر الأدوية واحدة من القطاعات التي تمثل صادرات هامة للأردن، وفرض الرسوم الجمركية عليها قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليفها في السوق الأمريكية، على الرغم من أن الطلب على الأدوية قد يظل ثابتًا، فإن الزيادة في الأسعار قد تشكل عقبة أمام القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية.
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من أكبر الأسواق للصادرات الأردنية، وفرض الرسوم الجمركية سيؤدي إلى تحديات اقتصادية كبيرة، هذه الزيادة في التكاليف قد تؤدي إلى تراجع الطلب على المنتجات الأردنية في السوق الأمريكية، مما سينعكس سلبًا على الإيرادات الوطنية ويؤثر على الميزان التجاري بين البلدين، كما أن تراجع الصادرات قد يزيد من الضغوط على القطاعات الاقتصادية المحلية، ويؤثر على معدلات النمو الاقتصادي.
في مواجهة هذه التحديات، قد يتعين على الأردن أن يبحث عن أسواق جديدة لتعويض الفاقد من السوق الأمريكية، وهذا قد يتطلب من الحكومة الأردنية والشركات المحلية العمل على تعزيز العلاقات التجارية مع دول أخرى مثل الاتحاد الأوروبي أو أسواق دولية ناشئة، بما في ذلك الأسواق الإفريقية مثل الجزائر، نيجيريا، كينيا، وجنوب إفريقيا، إضافة إلى المغرب، إثيوبيا، غانا، تنزانيا، ساحل العاج، ورواندا، ان الأسواق الإفريقية بشكل عام تقدم فرصًا كبيرة، ولكنها تحتاج إلى استراتيجيات تسويقية مناسبة، والتغلب على بعض التحديات مثل البنية التحتية اللوجستية والاتفاقيات التجارية، كما يمكن التركيز على تحسين جودة المنتجات الأردنية وتطوير صناعات جديدة لتحسين القدرة التنافسية في هذه الأسواق البديلة.
يجدر بالذكر أن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة تعتمد على مبدأ المعاملة بالمثل، حيث تتناسب مع الرسوم التي تفرضها الدول على المنتجات الأمريكية، فمثلًا يفرض الأردن رسومًا بنسبة 40% على المستوردات الأمريكية، وفقًا لما تم نشره.، وعليه فإن على الحكومة الأردنية دراسة هذا الملف بشكل عاجل والتفاوض مع الجانب الأمريكي، لا سيما وأن الصادرات الأردنية تفوق بكثير حجم المستوردات، مما يستدعي تحركًا سريعًا لحماية المستثمرين الأردنيين وتعزيز موارد الدولة من العملة الأجنبية، بالإضافة إلى ذلك، يجب تقييم تأثير هذا القرار على اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين الأردن وأمريكا، والتي تمنح الأردن امتيازات خاصة.
فرض الولايات المتحدة الأمريكية رسومًا جمركية بنسبة 20% على صادرات الأردن سيكون له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الأردني، قد يواجه الأردن تحديات كبيرة في الحفاظ على مستوى صادراته إلى السوق الأمريكية، ومع ذلك فإن البحث عن أسواق جديدة وتحسين القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية قد يكونان السبيل لتقليل الأضرار الاقتصادية الناتجة عن هذه الرسوم.