عمون - في لقاء استثنائي جمع بين الحكمة المتجذرة في الماضي والطموح نحو المستقبل، استضافت عضوات مجلس إدارة جميعة المباركون الصغار د. متحف عايد ترابين، مؤسس ومدير عام أكاديمية علم المتاحف الفلسطيني والعربي في باريس والباحث الأكاديمي في جامعة السوربون، في لقاء تفاعلي قدم من خلاله عرضًا حيًّا وملهمًا حول مفهوم علم المتاحف من منظور سردي وإنساني، مستندًا إلى رحلته الشخصية وإرثه العائلي الغني. وقدم الأكاديمية كحركة فكرية وإنسانية وامتداد لرسالة جدته وسلسلة النساء في عائلته اللواتي لعبن دورًا محوريًا في حماية الإرث الثقافي الفلسطيني من النسيان والضياع، لا سيما في وجه النزوح والشتات.

وتناول د. ترابين في حديثه سيرة نشأته الفريدة التي شكّلتها جدته الطبيبة حليمة عايد ترابين - إحدى أبرز شخصيات الطب التقليدي وحفظ التراث في فلسطين – التي تولّت تربيته منذ الطفولة. كانت هذه السيدة الجليلة طبيبة ومعالجة وصاحبة رؤية سبقت زمانها، إذ كرّست حياتها للحفاظ على الهوية الثقافية البدوية الفلسطينية من خلال إنشاء أول متحف خاص في النقب عام 1790، وجمعت آلاف القطع التي تعكس حياة الناس اليومية، لتكون بمثابة "دواء للذاكرة".

وسرد د. ترابين للحضور كيف أن هذه التجربة الاستثنائية مع جدته، التي ربطت بين الطب وعلم المتاحف، ألهمته لتطوير نهج جديد في المتاحف المعاصرة يقوم على السرد القصصي كمفتاح لفهم الذات الجماعية وربط الأجيال الجديدة بتراثها.

أكد د. ترابين على أن علم المتاحف الحديث يبدأ من الناس والقصص وعبق التراب وملمس الأشياء. وأضاف أهمية النساء الحافظات للذاكرة والفنون والتطريز، والحكايات، ولا بد من إتقان أساليب السرد المتحفي، والتوثيق الشعبي، والفكر التراثي المرتبط بالطب، والفلكلور، والعائلة.

وأضاف بأن المتاحف ليست مجرد أماكن لحفظ الأشياء، بل فضاءات تفاعلية تشفي الروح وتعزز الانتماء، لا سيما في المجتمعات التي عانت من النزوح أو فقدان الهوية.

تفاعل الحضور مع أهمية هذه الرسالة، ودار نقاش مفتوح حول إمكانية التعاون بين الأكاديمية والجمعية في مشاريع توثيقية محلية، وربط التراث النسائي في الأردن برؤية الأكاديمية الممتدة من النقب إلى باريس.

"التراث لا يُحفظ فقط في المتاحف، بل في القلوب والأيدي والقصص. نحن هنا اليوم لنتشارك ذاكرة، ولنبني مستقبلًا تسكنه الجدات ويتحدث بلغة النساء" – بهذه العبارة اختتم د. ترابين اللقاء، موجهًا دعوة صادقة لكل امرأة بأن ترى نفسها مرآة لذاكرة شعبها.

ويجدر بالذكر بأن ترابين هو أول فلسطيني يتخصص في دراسة علم المتاحف الأكاديمية داخل الاتحاد الفدرالي الروسي والجمهورية الفرنسية.

عن المباركون الصغار: جمعية المباركون الصغار الخيرية، غير الربحية، ممثلة برئيسة مجلس الإدارة السيدة أمل عيسى، تهدف الى رفع المستوى الاجتماعي والثقافي للأطفال من خلال تدريبهم على المهارات العلمية والفنية ومساعدة الأطفال اليتامى والفقراء من خلال تقديم المساعدات العينية والنقدية والفعاليات وغيرها من مشاريع إنتاجية لتحقيق أهدافها. وتعمل من خلال مقرها في العاصمة عمان.