facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين الإنكار والحقائق الأمنية: جماعة الإخوان والمسؤولية الغائبة


أ.د تركي الفواز
15-04-2025 11:41 PM

في ظل المستجدات الأمنية التي كشفت عنها دائرة المخابرات العامة حول خلية إرهابية كانت تخطط لأعمال تخريبية داخل الأردن، وأُعلن عن ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة، سارعت الجماعة إلى إصدار بيان تنفي فيه صلتها بما جرى، معتبرة أن ما حدث "أعمال فردية" لا تعبر عنها، ومؤكدة في الوقت ذاته أنها كانت وما تزال "جزءًا أصيلًا من نسيج الوطن"، وأنها تضع مصالح الأردن العليا فوق كل اعتبار.

غير أن هذا النفي، في توقيته ومضمونه، يثير تساؤلات مشروعة حول المسؤولية السياسية والأخلاقية للجماعة، لا سيما في ظل المعطيات التي أعلنتها الجهات الأمنية، والتي تفيد بأن الخلية كانت تعمل منذ عام 2021 على تصنيع صواريخ محلية داخل الأردن، قبل أن يتم ضبطها في شهر شباط الماضي، فكيف يمكن توصيف مشروع يمتد على مدى أكثر من عامين، ويتضمن تصنيع أسلحة متطورة نسبيًا، بأنه "عمل فردي"؟ إن طبيعة النشاط، وزمنه، وتعقيده، ينفي عنه صفة العفوية أو الاجتهاد الشخصي، ويضعه في خانة التخطيط المنظم، الذي لا يمكن عزله عن الحاضنة الفكرية والتنظيمية التي يتحرك من خلالها.

وإذا كان البيان قد جاء بلغة تصالحية تدعو إلى الحوار والتكامل بين الدولة والمجتمع، إلا أنه في مضمونه يُعيد إنتاج الخطاب التقليدي الذي تتبناه الجماعة في كل أزمة: تبرئة الذات، وتغليف الموقف بعبارات وطنية فضفاضة، دون اتخاذ أي إجراء عملي لفصل الذات عن من ينسبون أنفسهم إليها أو يرتبطون بها فكريًا أو تنظيميًا، فغياب الإدانة الواضحة لما كشفت عنه الأجهزة الأمنية، وعدم إعلان الجماعة عن فتح تحقيق داخلي أو مراجعة ذاتية جادة، يضعها في موقع المتفرج على مشهد يحمل اسمها، بدل أن تكون طرفًا مسؤولًا يدافع عن نفسه بالأفعال لا بالبيانات.

ولا يُخفى أن استمرار هذا النهج من التجاهل والإنكار لن يعفي الجماعة من مسؤوليتها الأخلاقية، بل سيزيد من عزلة خطابها عن الواقع، ويعزز من المخاوف لدى الرأي العام تجاه نواياها وقدرتها على التفاعل الإيجابي مع الدولة ومجتمعها، فالمسألة لم تعد تتعلق باختلاف سياسي أو تباين في الرؤى، بل صارت متصلة بأمن الوطن وسلامته، وهو ما لا يحتمل التسويف أو التهرب من تبعاته، ولهذا فإن محاسبة الجهات أو الأفراد الذين سهلوا أو تستروا على مثل هذه الأنشطة التخريبية، أو كانوا على صلة بها تنظيميًا أو فكريًا، لم تعد خيارًا بل ضرورة وطنية لحماية الأردن من التهديدات الداخلية قبل الخارجية.

ما حدث لا يُعدّ مجرد قضية أمنية، بل هو اختبار حقيقي لمدى قدرة الجماعة أو ما تبقى منها على تقديم نموذج سياسي ناضج ومسؤول، فالاستمرار في سياسة النفي عند كل أزمة، دون الاعتراف بأخطاء الداخل أو مراجعة الذات بصدق، يفقد الجماعة ما تبقى لها من حضور سياسي أو تعاطف شعبي، ويعزلها أكثر عن المشهد الوطني، إن الأردن وهو يواجه تحديات أمنية واقتصادية معقدة، لا يحتاج إلى كيانات سياسية تتبنى خطاب الإنكار، بل إلى شركاء وطنيين حقيقيين يتحلون بالشفافية، ويتحملون مسؤولياتهم كاملة، ويضعون أمن الوطن فوق كل اعتبار.

لا بد من التذكير بأن المصداقية في السياسة كما في الأمن، لا تُبنى بالبيانات بل بالمواقف، وقد آن الأوان أن تعيد جماعة الإخوان وغيرها من القوى السياسية النظر في خطابها وسلوكها، وأن تتحمل عواقب ارتباطها بأعمال تهدد سلامة المجتمع، وأن تُحاسب كما يُحاسب أي طرف يعبث بأمن الدولة ويغامر باستقرارها.

وبهذا الصدد، نشيد بالجهود العظيمة التي بذلتها دائرة المخابرات العامة الأردنية، والتي أثبتت يقظتها العالية وكفاءتها في حماية أمن الوطن وملاحقة أي تهديدات إرهابية، إن العمل الدؤوب والمخلص لهذه المؤسسة الوطنية هو ما يعزز ثقة الشعب في قدرتنا على مواجهة الأخطار وحماية الاستقرار، جهودها المستمرة هي ركيزة أساسية في تعزيز الأمن والسلام في الأردن، ويجب أن تحظى بكل التقدير والاحترام على هذه الإنجازات الكبيرة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :