في خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة، يثبت الأردن مرة بعد مرة أنه دولة المؤسسات والقانون، ودولة الراية الواحدة التي لا تقبل الانقسام ولا العبث، ولا تسمح بأن تكون ساحة للمليشيات أو مرتعًا للفتنة والفوضى. وجاء بيان دائرة المخابرات العامة يوم أمس ليضع النقاط على الحروف، مؤكدًا أن هذا الوطن عصيّ على كل المؤامرات، قويّ بأجهزته، محصّن بقيادته، ومتماسك بشعبه الواعي.

الرسالة واضحة وحاسمة:
إحباط مخطط إرهابي منظم، واعتقال 16 شخصًا من أصحاب الفكر المتطرف الذين سعوا لتصنيع الصواريخ والطائرات المسيّرة، لم يكن مجرد إنجاز أمني، بل رسالة حاسمة تقول لكل من يفكر بالعبث بالأمن الأردني: “هنا يقف رجال لا ينامون، وهنا وطن لا يُخترق”.

الجهود الاستخبارية التي بدأت منذ عام 2021 وانتهت بالإطاحة بهذه الخلية، تؤكد أن أجهزة الدولة لا تنتظر وقوع الحدث لتتحرك، بل تسبق المخاطر بخطوات، وتحاصر الفتنة في مهدها، وتمنعها من التنفس.

وحدة الصف والموقف
ما يجعل الأردن صلبًا أمام هذه التحديات هو ذلك التلاحم الشعبي مع القيادة والأجهزة الأمنية. فقد بات الأردنيون يدركون أن الخطر لا يأتي فقط من الخارج، بل من داخل العقول المريضة التي تحاول زرع الفوضى وجرّ البلاد إلى نفق مظلم. لكنهم أيضًا يدركون أن الأردن ليس نسخة مكررة من دول انهارت بسبب التشتت والانقسام، بل هو وطنٌ تميز بتوازن موقفه، ورفضه الدائم لأن يكون أداة أو ساحة لأي صراع.

الأمن مسؤولية وطنية
هذا التبني القوي من قبل الدولة، والذي عبرت عنه المخابرات العامة، لا يجب أن يبقى في إطار العمل الأمني فقط. فالحفاظ على الأردن وطنًا موحدًا خاليًا من الفتنة والمليشيات، مسؤولية كل مواطن. المسؤولية تبدأ من الوعي، وتمتد إلى محاربة الفكر المتطرف، والدفاع عن قيم التعايش والاستقرار، ورفض الخطابات التحريضية أياً كان مصدرها.

لقد كان بيان المخابرات بالأمس موقفًا وطنيًا بامتياز، ينمّ عن شجاعة ووضوح، ويعبر عن إرادة راسخة في حماية هذا الوطن. ونحن كمواطنين نقف بكل فخر خلف هذه الأجهزة، ونجدد العهد بأن الأردن سيبقى كما كان: وطن الأمن والأمان، لا يُقسَّم، ولا يُختطف، ولا يُستخدم كأداة بيد أيٍّ كان.

حفظ الله الأردن، وأدام عليه أمنه واستقراره.