الرصيف الرمادي .. حين يختار الحزب الغياب في لحظة الاختبار
المحامي سلطان نايف العدوان
16-04-2025 07:29 PM
حين يصدر بيان عن أحد أكبر الأحزاب عن حدث مؤثر على مستوى الدولة…
الحزب الذي يفاخر بقاعدته النصف مليونية، فلا تقرأ ما كُتب فقط، بل فتّش عمّا تمّ حذفه عمداً.
في لحظة أمنية بحجم تفكيك خلية وتفجير واعترافات مصورة.
جاء البيان بلا اسمٍ واحد من المتهمين، بلا توصيف واضح للفعل، ولا حتى لمحة تضامن مع المجتمع الذي صُدم.
والأكثر خطورة: غاب عنه أي شكر أو إشادة بجهود الأجهزة الأمنية التي أحبطت ما كان يمكن أن يكون كارثة وطنية.
وكأن إحباط المخطط لم يكن يستحق جملة امتنان… أو حتى إشارة رمزية لرجال تصدّوا لما يهدد البلد.
البيان كُتب بلغة حسابات، لا بلغة موقف.
لغة تُخاطب قواعد الحزب لا ضمير الوطن، وتوازن بين الإنكار الضمني، والتبرؤ المغلف، وتحويل المشهد من قضية أمن إلى خصومة سياسية.
كل حرف فيه حذر، وكل جملة مشروطة، وكل موقف مسبوق بـ: “إن ثبت”، “إن صح”، “على فرض”… في ظل الإشهار بأحداث مصورة على لسان مرتكبيها!!
وحتى مصطلح “الإرهاب”، غاب.
استُبدلت الكلمة الأثقل وطنيًا بمفردات محايدة، وكأنّ الحديث عن إشاعة لا عن جريمة أمنية. لأن الاعتراف بالتوصيف، يُلزم بالموقف… وهم لا يريدونه.
ثم لا شيء عن مراجعة داخلية، وقد ورد على لسان بعض المتهمين في التسجيلات إشارات إلى انتمائهم الفكري أو التنظيمي، وبالمقابل لا تحقيق حزبي كما يُمارس في كل الأحزاب المسؤولة، لا سؤال عن تسلل الفكر، لا محاولة لتحمّل المسؤولية كتنظيم، بل تم الاكتفاء بوصفهم أفرادًا، رغم أن التقاليد السياسية الرصينة تحتم وقفة مراجعة عند كل اختراق بهذا الحجم.
أما الدولة والوقوف حولها بكل عناصرها فلم تجده، وهذا وحده يكفي لفهم البيان.
وهنا لا يتحدث حزب سياسي بحجم نصف مليون، بل محامٍ يُرافع عن متهم، لا عن وطن.
ما غاب عن البيان، ليس تفاصيل فقط، بل الغاية الأهم:
أن تكون في خندق الدولة، لا على الرصيف الرمادي.
أن تقول: هذا خط أحمر، لا أن تكتفي بعبارة “نرفض أي استهداف”.
في المحطات المفصلية.. واحتراما المسؤلية الوطنية والأخلاقية ، وجب التنويه انه لا يُقاس الحزب بعدد مقاعده، بل بعدد كلماته الصادقة حين يُختبر أمننا الجماعي.