facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




النقاط فوق الحروف في مسألة الإخوان المسلمين


إبراهيم غرايبة
24-04-2025 10:32 AM

تمنح قضية "الإخوان المسلمين" فرصة لإعادة الجدل وتقديم وجهة نظر أعتقد أنه يجب الإصغاء إليها. لقد أنشأت الأحداث المحيطة بالإخوان المسلمين والإسلام السياسي وتطورات العنف والصراع المرتبط بالدين والجماعات الإسلامية حاجة كبرى لمراجعة استراتيجية للعلاقة بين الدين والدولة وبين الدولة والجماعات الإسلامية السياسية، ويبدو واضحا اليوم أن الحالة التاريخية التي كانت قائمة ومستقرة في تنظيم هذه العلاقة لم تعد تصلح للاستمرار، وأن ثمة حاجة لتصورات ومبادئ جديدة لتنظيمها. الحال أن الدول والمجتمعات والجماعات استدرجت نفسها إلى حالة دينية أقرب إلى الإغراق والهوس؛ لا يريدها الله ورسوله ولم يطلبها الدين ابتداء.

إن قضية الجماعات الإسلامية السياسية بكل أطيافها وتدرجاتها في التطرف والعنف أو المشاركة السياسية بمحتوى متطرف أو منفصل عن الواقع هي في الحقيقة جزء من ظاهرة أكبر وأشمل، الحال أن الجماعات الإسلامية السياسية ليست سوى جزء من حالة شاملة تشارك فيها المؤسسات الرسمية والمجتمعات، ويجب الاستماع جيدا إلى مقولة إنه لا فرق بين خطاب الجماعات الإسلامية السياسية والخطاب الديني السائد في المؤسسات التعليمية والرسمية كما هو أيضا الخطاب نفسه لدى داعش والقاعدة والجهاد. لم يقدم الخطاب الرسمي خطابا بديلا، ولم يعارض أو ينتقد ما تقوله داعش أو القاعدة او الجهاد او الإخوان المسلمون أو حزب التحرير.

وقد شاركت المؤسسة الدينية الرسمية وفي أحيان كثيرة انفردت بمواجهة "التنوير والاعتدال" على سبيل المثال لم تكن الجماعات الدينية هي التي فصلت علي عبد الرازق أو طه حسين او نصر حامد أبو زيد او صادق جلال العظم وغيرهم كثير من أعمالهم وضيقت عليهم. وليست مسؤولية الجماعات حالة المناهج التعليمية في المدارس والجامعات وما يجري في المساجد وحال حرية الاعتقاد وقوانين الأحوال الشخصية، فما تقوم به المؤسسات الرسمية تنطبق عليه مقولة "تشجيع التطرف ومحاربة المتطرفين!"

وعلى سبيل المثال؛ من يقرأ الرسالة الموجهة إلى البغدادي رئيس "داعش"، والموقع عليها من قبل 126 عالما من أنحاء العالم الإسلامي، والمتبناة رسميا والتي وزعت على نطاق واسع بأكثر من لغة؛ يتأكد لديه أن المصادر الفكرية والدينية للمتطرفين هي نفسها المصادر القائمة والمتقبلة لدى النخب الدينية على مدار التاريخ العربي والإسلامي؛ وأن المتطرفين لا يستخدمون في واقع الحال أدلة ونصوصاً مختلفة عن النخب الدينية، وأن الصراع في الحقيقة ليس حول الدين لكنه صراع على الدين!

لقد عرضت الرسالة أفكارا وحججا تجعل المواطنين يخافون من السلطات الدينية القائمة في العالم العربي، أكثر مما يخافون من الجماعات الدينية، وأنه لا أمل لهؤلاء المواطنين في التحرر من "الأوليغاركية" المهيمنة على النفوذ والموارد والفرص، وأن الإصلاح السياسي والديمقراطية والحريات هي حلم مستحيل، لا يختلف على استبعاده السلطات السياسية والنخب الدينية المتحالفة معها كما الجماعات الدينية سواء بسواء.

هل كانت مشكلة جماعات الإسلام السياسي بكل أطيافها وتدرجاتها في العنف والتطرف؛ هي الخطأ في تفسير النصوص الدينية؟ وهل تعتقد الحكومات العربية والإسلامية أن بيان حكم الشريعة الإسلامية سوف يقضي على التطرف؟ وهل ينقص الناس في بلاد العرب والمسلمين كما المؤيدون للجماعات المتطرفة بيان الحكم الشرعي؟ ومن يملك هذا الحكم الشرعي؟ ولماذا كان الصراع على مدار التاريخ العربي والإسلامي على السلطة، ولم تجر حروب ولا خلافات في يوم من الأيام على أركان الإسلام وأركان الإيمان، وسائر العبادات والأحكام الدينية؟

الرسالة ترى الخلافة من الدين، وواجبا يجب أن نسعى إلى تحقيقه، وكل ما تفعله الجماعات أنها أخطأت الوسيلة. وكان اعتراضها على جماعات القتل والعنف أنها تقتل دون تحوط خلافا للحديث النبوي الذي مفاده "أنه يجب قتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" ألا يعني ذلك، حسب الرسالة، أننا مأمورون بقتال كل الأمم والدول، من الآسيويين والأفريقيين والمسيحيين أيضا، وما يمنعنا من ذلك ليس إلا عجزنا؛ وأن من مصلحة العالم، بل وواجبه، أن نظل فقراء عاجزين، لأننا بغير ذلك سوف نقاتل العالم كله حتى يقول الناس لا إله إلا الله؟ والواقع أنه حسب رسالة العلماء، فإن اليهود فقط هم الذين لا يشملهم الأمر بالقتال؛ فكل من عداهم يمكن اعتبارهم لا يقولون لا إله إلا الله.

واسترشادا بتجربة الإخوان المسلمين في الأردن أقترح المبادئ التالية لتنظيم هذه العلاقة

1- إعادة التكييف القانوني لوجود وعمل الجماعات والأحزاب والجمعيات والمؤسسات والشركات على أساس القوانين المنظمة للعمل العام والسياسي، وعلنية ووضوح العضوية والتمويل والقوانين والافكار والتمويل والموارد والإنفاق، وولاية مؤسسات الدولة ومرجعيتها.

وبمزيد من الوضوح إن النص على إسلامية الأحزاب والجماعات والجمعيات والمستشفيات والبنوك والمحاكم والشركات ينشئ حالة متميزة تمييزا مزورا وتستثني الآخرين من الإسلام برغم أنهم مسلمون أيضا، وحين تدرس في المناهج والجامعات الأنظمة الإسلامية متميزة عما سواها فإنها تنشئ اعترافا رسميا بعد الإسلام!

2- تشكل إعادة تسجيل الجماعة باعتبارها جمعية تعمل في إطار الجمعيات التطوعية مبادرة إيجابية وديمقراطية لصالح الدولة والإخوان المسلمين معا، بحيث يتمتع الإخوان المسلمون بفرص العمل الحر والعلني، وأن تمارس الدولة دورها القانوني والسيادي في تطبيق القانون والتنسيق والمراقبة، وأن يكون القضاء والمحاكم مرجعا للاحتكام في الخلافات سواء بين الجماعة والحكومة أو بين اعضاء الجماعة أنفسهم.

3- التأكيد على حياد الدولة في تنظيم الشأن الديني ووقف دورها المباشر في التعليم الديني والإرشاد وإسناد هذا الدور للمجتمعات، مع التأكيد على الدور السيادي للدولة والقضاء وبسط القانون. ومراجعة وإصلاح التشريعات التي تتضمن تمييزا ضد الآخر، مثل الميراث، والحضانة والإشارة الى الدين في الوثائق والزواج، وضرورة بسط قانون مدني للأحوال الشخصية، مع السماح للمؤسسات الدينية بممارسة دور لا يتناقض مع القانون المدني، وأن يكون للمواطنين والمقيمين خيار اللجوء إلى قوانين ومحاكم مدنية في الاحوال الشخصية.

4- إسناد تنظيم الشأن الديني المباشر إلى المجتمعات، بحيث تتولى المجتمعات إدارة وتنظيم المؤسسات والممارسات الدينية من غير تدخل أو انحياز أو تأثير مباشر للحكومة أو الاحزاب والجماعات، وتتولى الدولة في ذلك تطبيق القانون والتنسيق والتدريب والمساعدة على أن يكون للأفراد والجماعات الحرية والمسؤولية في التعليم الديني والعبادة والأفكار والاعتقاد.

5- دمج المحاكم الشرعية بالمحاكم النظامية وتوحيدهما معا تحت مظلة السلطة القضائية، ومراجعة المواد والنصوص التي تشكل تمييزا ضد غير المسلمين في الزواج والميراث والحضانة والإشارة إلى الدين في الوثائق الشخصية.

6- إعادة النظر في فلسفة وإدارة التعليم الديني في المدارس والجامعات على نحو ينشئ علاقة صحيحة فرديا وجماعيا مع الدين والحياة.

7- إفساح المجال لتعدد القراءات للدين، والسماح لتيار تنويري إصلاحي بين المعلمين والدعاة، والتوسع في تدريس الفلسفة في المدارس والجامعات وإدراج المهارات المعرفية والثقافية العامة في امتحانات الكفاءة للمدارس والجامعات والتوظيف والترقية في القطاع العام والقطاع الخاص

8- تشجيع ونشر برامج خدمة المجتمع التطوعية في التنمية والثقافة والفنون والرياضة، وزيادة الاهتمام الاجتماعي والصحي بالأطفال والمعوقين وكبار السن وبرامج وأفكار التماسك والضمان الاجتماعي، وتشجيع برامج الحوار المجتمعية والمكانية في المدن والأحياء حول القضايا والأحداث التي تؤثر في حياة.

9- استهداف حالات الهشاشة وضعف المناعة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأجل رفع كفاءة وسوية الأفراد والمجتمعات وقدرتها على المشاركة الاقتصادية والاجتماعية.

10- التأكيد على حرية الاعتقاد والسلوك الشخصي والاجتماعي، ووقف التدخل الرسمي ومنع التدخل غير الرسمي في معتقدات الناس الدينية وأسلوب حياتهم.

ختاما فإن التطرف هو التشابه، والاعتدال هو التنوع والاختلاف. وإن أزمة الدولة ليست فقط مع الإخوان المسلمين ولكن مع حالة دينية سياسية غريبة وكاسحة. الحال أنه كما تشير استطلاعات الرأي أن 95 في المائة من المواطنين متطابقون تماما بمن فيهم غير المتدينين ومن يعتبروا معتدلين (لا يزيدون على 20 في المائة) في تأييد خطاب ديني جديد هو نفسه خطاب الجماعات الدينية السياسية والتنظيمية، وهو أيضا خطاب نشأ مع الدولة المركزية الحديثة ولم يكن موجودا من قبل، وأنشأته الدولة العربية الحديثة، وهو خطاب يتوسع كثيرا بخلاف ما كان عليه الحال على مدى القرون السابقة في "تديين" مفتعل ومزور لقطاعات سياسية واجتماعية وتنظيمية واقتصادية وإلحاقها بالدين كجزء منه، وإضفاء "المقدس" على ما ليس مقدسا، ونزع القداسة عما هو "مقدس". هذا الإغراق الديني لم تعرفه الأمة في أي عصر من عصورها السابقة.

وإذا لم تتشكل طبقات وفئات اجتماعية متعددة ومتنوعة في فهمها للدين وفي أسلوب حياتها لن ينشأ توازن وتدافع اجتماعي ولن تكون هناك طبقات وفئات اجتماعية تجد مصالحها ودوافعها في مواجهة التطرف. الحال أن موقف الحكومة يجعلها بمنظور ديني سياسي في مواجهة 95 في المائة أو 80 في المائة على الأقل من المواطنين يعتقدون بصحة موقف الإخوان المسلمين. معظمهم بالطبع ليسوا من الإخوان المسلمين ولا يؤيدونهم سياسيا لكنهم ينحازون لما تعلموه وفهموه في المدارس والجامعات والمؤسسات الرسمية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :