بين زعامات المشهد وابطال الولاءات
فيصل تايه
27-04-2025 10:08 AM
لكلٍ وجهة موليها، ومهما ابتعدنا أو اقتربنا فإنها تظل حاضنة الانتماء الجماعي بمختلف مفرداته وتأثيراته ، لكن البعض يتخذ من "قميص يوسف" ديباجة للولاء ، كما ويدعي كل حامل راية أنه بشيرها، فيحار المرء بين اقوال تناقض الفِعال ، وفعال تغتال المقال، كوننا بارعون في تقمص المثالية الأخلاقية والمسؤولية الإجتماعية، "أدعياء لا رسل سلام" لا تخطئنا صوابية السرد، ولا تفوتنا مهارة لَيّ الأحرف وتطويعها، وتسخيرها من أجل الانتصار لرغباتنا وطموحاتنا على حساب الوطن!
ومن خلف كل ستار ، فريق من النفعيين يصادرون الحقيقة ويوجهونها في مساق يليق برغباتهم ويشبع حاجتهم وانتمائهم الضيق ، وكالعادة نتعثر أمام أول عتبة في مضمار اختبار الصدق ، نتصادم عند أول محطة تتقاطع فيها المصالح ، ثم نسارع بتوجيه اللوم على الآخر متهماً إياه باللاوطنية والنكوس المريب ، لتُعاد الكرة من جديد في اذكاء الخصومة وتبرير المواقف والانسلاخ من كافة الالتزامات والتوافقات المعلنة وغير المعلنة.
رصيد من الاخفاقات يدفعنا للبحث عن لغة صادقة تترجم واقعياً لا أن تّوظف للاستهلاك والمتاجرة نحو تفاهمات تنعكس على حياتنا ، ليظهر غلى حسابنا زعامات للمشهد وأبطال للزيف ، لكن يبقى الوعي قائماً على الاستفراد والهيمنة بمفاهيم الغلبة والاستحواذ ، ونزعة السيطرة الغاشمة وعدم الاقتران بالمواطنة والشراكة والديمقراطية وهتك ماتبقى من قيمنا ، فضلاً عن ذلك لاتزال العصبوية تفرض حالة متفاقمة من شخوص يدعون الولاء ، لكن حقيقتهم ايقاظ الفتنه عبر عبارات تحريضة يرددونها صباح مساء وكان علينا تقبلهم بالرغم من كل التعب والقهر .
أن الشعور بالانتماء للوطن ليست مجرد عاطفة عابرة بل هي عاطفة وعقل معاً يترسخان كلما عرف الفرد أهمية فكرة الانتماء المتكامل وضرورته ؟ فكم نحتاج إلى مجتمع الانتماء والمواطنة والعدل والمدنية والشراكة ونرفض فكرة البعض الموتور بأن تكون هناك أيه تصنيفات للمواطنين داخل جسم البلد الواحد ، وما يهم في المقام الأول من اجل ذلك هو دعم اتجاه المحاسبة والمساءلة والنقد والكشف والشفافية.
المؤسف ان يوصلنا البعض الى متاهاتهم ، وفي ممارساتهم التي تسيء للوطن اولاً ، ثم لمختلف جوانب الانتماء وتعود بنا الى قاع الاحباط ولا ايجابية تستحق الذكر بسبب أنانيات وأزمات هؤلاء الذين مارسوا ويمارسون الخداعات بأبشع صورها بمفاهيم وأدوار لا تحترم مكانه المخلصين أو حتى بأحلام الوطن العادل والكريم ، فهم وحدهم من يمتلكون افكاراً مازومة تتمادى بشكل سافر باستخدام مختلف وسائل القصف العشوائي عبر الفضاء المفتوح ، ليقودونا الى انكسارات متوالية.
لسنا اليوم بحاجة لنتنازع صكوك الوفاء والوطنية ، فمن يفتقر إليها سيستبسل كي يثبتها في نفسه ، فالوطن أكبر من الجميع ، وهناك سبل أمثل للعمل النافع بعيداً عن التخوين والمزايدات والتبريرات ، وفي نفس الوقت لن نقلق على هذا الوطن فقد جادت هذه الأرض برجال عاهدوا الله مخلصين ، لا تحركهم المصالح والمطامع الشخصية أو الدنيوية او المحسوبيات وإنما يحركهم ضميرهم الحي الذي لا ينام ولا يقبل حتى بالإغفاءة أو أنصاف الحلول ، وبذلك تتسم وتتجلي سعادتنا الوطنية بمخافة الله عبر تحقق العداله التي هي وحدها من يجابه كل أصناف الإعاقات وينقذنا من متواليات التراجعات القيمية جراء تفاقم هشاشة قيم البعض وخوائهم في بعض المسؤوليات.
وبالتوكل على الله .. نستمر في نهجنا الوطني طالما تلمسنا الطريق باتجاه العطاء الصحيح لا الركون إلى تدبير وتفكير غيرنا من البشر الذين هم اوهن من خيط العنكبوت ، ثم نبتهج بناء للحياة لا هدماً لجمالها المرسوم فطرة بداخلنا بعيداً عن كل المنغصات والمعيقات لنكمل مسيره العطاء بفكر ورثناه عن الاباء والاجداد ووريث معزز هاشمي صنديد وعقل دوله راشدة متحضره تعي ما تفعل ، ليبقى الأردن عصي على النائبات وبعيد عن دنس الأيدي الملوثة ، والأبدان الغريبة عن هويته روحاً ومودة وحياة وطن .
وكفى بالله وكيلا ..