facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تأنيث الصفوف الأساسية: التحديات والحلول الواقعية


هيلدا عجيلات
29-04-2025 01:05 PM

أثير في الآونة الأخيرة جدل واسع حول تأنيث الصفوف الأساسية في المدارس الأردنية، خصوصًا في المرحلة الابتدائية الدنيا (من الصف الأول إلى الثالث). وقد تباينت الآراء بين من يرفض هذا التوجه بدعوى أنه لا يستند إلى منطق تربوي، أو أنه يُقصي الشباب الذكور من فرص العمل، وبين من يرى أن الأمر يرتبط بمتطلبات المرحلة العمرية للطلبة، وبكفاءة المعلم/ة أكثر من جنسه. ولكن لفهم هذه المسألة بشكل موضوعي، لا بد من العودة إلى الواقع الميداني والاحتياجات الفعلية للنظام التعليمي.

تشير البيانات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم إلى أن أكثر من 70% من كوادر التعليم في الأردن هن من الإناث، وترتفع هذه النسبة في الصفوف الأساسية الأولى. هذه النسبة لم تكن نتيجة قرار إداري بتأنيث التعليم، بل هي استجابة لحاجة حقيقية، ناتجة عن عزوف عدد كبير من الذكور عن الانخراط في مهنة التعليم، خاصة في المناطق النائية أو في الصفوف الدنيا التي تتطلب مهارات خاصة بالتعامل مع الأطفال. لذا، فإن تعيين معلمات لتدريس هذه الصفوف كان في كثير من الأحيان حلاً عمليًا لسد الفجوة، وليس قرارًا إقصائيًا تجاه المعلمين الذكور.

على الصعيد التربوي، توصي المنظمات الدولية مثل اليونيسف، اليونسكو، والبنك الدولي بأن يكون المعلم في الصفوف الأساسية الدنيا قادرًا على توفير بيئة آمنة، مشجعة، وراعية نفسيًا للطفل. وهذه الخصائص لا ترتبط بجنس المعلم بقدر ما ترتبط بتأهيله واستعداده النفسي والتربوي. وقد بينت دراسات أجريت في دول مثل كندا والدنمارك أن وجود المعلمات في الصفوف الأساسية لم يؤثر سلبًا على الهوية النفسية للأطفال الذكور، بل ساهم في تعزيز مهاراتهم الاجتماعية وتقليل القلق المدرسي.

ورغم وجاهة المبررات التربوية والواقعية لهذا التوجه، إلا أن رفض تأنيث الصفوف الأساسية لا يزال حاضرًا في الخطاب المجتمعي، وغالبًا ما يُربط بمشكلة بطالة الشباب الذكور. ومع أن البطالة هي فعلاً من أبرز التحديات الوطنية، إلا أن حلها لا يكون عبر توظيف غير المؤهلين في مهن حساسة كالتعليم. مهنة التعليم، خصوصًا في السنوات التأسيسية، تتطلب مهارات خاصة وتدريبًا دقيقًا، ولا يمكن اعتبارها مجرد “فرصة عمل” تسد بها الفجوات الاقتصادية.

ما يحتاجه الأردن اليوم هو معالجة جذرية لمشكلة نقص المعلمين في الصفوف الأساسية، من خلال مراجعة شاملة لمنظومة التعليم الأساسي، وتطوير سياسات متكاملة تبدأ بتوفير برامج تأهيل تربوي مخصصة للشباب الذكور الراغبين في دخول مهنة التعليم، مقرونة بحوافز واقعية تشجعهم على الالتحاق بهذه المرحلة الدراسية تحديدًا. كما ينبغي إعادة النظر في آليات توزيع الكوادر التدريسية جغرافيًا، بما يضمن عدالة وفعالية في تغطية احتياجات المدارس. وفي الوقت ذاته، من المهم إطلاق حملات توعوية تساهم في تصحيح المفاهيم المجتمعية الخاطئة، وتعزز القناعة بأن الكفاءة والتأهيل هما المعيار الأساسي في اختيار المعلم المناسب، وليس الجنس.

إن معالجة هذا الموضوع تتطلب مقاربة واقعية وعلمية، لا تتعامل مع التعليم كحقل للمساومة، بل كمجال يحتاج إلى أهلية ومهنية عالية. تأنيث الصفوف الأساسية لم يكن خيارًا سياسيًا أو أيديولوجيًا، بل استجابة لحاجة ميدانية وواقع يفرض مرونة في اتخاذ القرار، دون المساس بجوهر العملية التعليمية. إن الإصرار على الرفض من منطلقات اجتماعية تقليدية فقط، دون النظر إلى الكفاءة أو مصلحة الطفل، يُفقد النقاش توازنه، ويؤخر تطوير النظام التعليمي الذي نطمح إليه جميعًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :