facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المقاولون والمناولون


د.سالم الدهام
08-05-2025 08:22 PM

في عالم الإنشاءات حيث تبنى المشاريع الكبرى وتشيد المدن، وتنفذ الطرق والجسور، وتحفر الأنفاق والسدود ثمة مقاولون كبار لديهم إمكانات ضخمة، وشبكات واسعة من العلاقات العامة العابرة للأسواق، القادرة على التشكل بأسماء وعلامات تجارية كبيرة، تناوب بأسماء متعددة تبعا لاختلاف المكان، لها قيم (سوقية) هائلة، وغالبا ما تشكل شركات المقاولات تلك تحالفات متينة لا تسمح بمرور صغار المتعهدين الذين لا يملكون مثل تلك العلامات العملاقة، وإن كانت لديهم خبرات متراكمة اكتسبوها من التصدي لأعمال مشابهة عبر سيرورتهم الزمنية الممتدة... في عالم المال والأعمال ذلك أمر معروف ومألوف، لكن من غير المألوف أن تنظمّ قطاعات حيوية كثيرة إلى سوق المقاولات رغم بعدها واختلاف طبيعتها عنه، ومن غير المألوف أيضا أن ينشأ لدينا مقاولون في هندسة الانتخابات، وآخرون في هندسة المجتمعات، وآخرون في هندسة القطاع العام وما أدراك ما القطاع العام، وهؤلاء يتبادلون الأدوار والمواقع، بوصفهم الهيئة التأسيسية للحاضر والمستقبل، وتبعا لذلك تولًد شركات المقاولات الكبرى تلك حلفاء من "المناولين " القادمين من مراكز اجتماعية نافذة، ومحمية من كبير المناولين، اجتمعت على هدف واحد وهو إقصاء الطامحين من المتعهدين وصغار الكسبة من مسرح العمل ودفعهم للانكفاء على اليأس والإحباط.

أما "المناولون" فيظهرون بين الناس يشاركونهم مناسباتهم، ويوهمونهم أنهم يتحدثون بألسنتهم ، ويتحسسون معاناتهم، ويرعون مصالحهم، ويحرصون على حاضرهم ومستقبلهم ، وهؤلاء "المناولون" يتجولون في القرى والبلدات يتحسسون الناس كما يتحسس البستاني ( الجنايني)الجاد أعالي الشجيرات الطامحة إلى الضوء وجوانبها الممتدة خارج أسوار الحديقة، فيشذبونها بمقصات حديدية كبيرة تعطيها شكلا هندسيا مقبولا، وتحافظ على قزميتها في الحدود التي تسمح بها الحدائق الضيقة، وفي الأحوال التي تستعصي شجيرة ما، يوصي البستاني" المناول" إلى كبير المناولين باقتلاعها. وكبير المناولين غالبا ما يكون اتصاله محدودا فقط بشبكة المناولين، وقلما يتواصل مباشرة مع عامة الناس؛ ذلك أن مركزه الاجتماعي الرفيع حيث قمة الهرم في التنظيم الاجتماعي يمنعه من ذلك، لكنه يسمح بعملية الاقتلاع، وقرارات كبيرالمناولين قطعية، وينفذها المقاولون دون تردد لما يحظى به لديهم من مكانة رفيعة حققها بفعل التنافذ المتبادل على الأختام الحساسة.

تلك هي الحقيقة التي لا تخفى على العارفين ببواطن الأمور، أما ما يجري في العلن من عجيج وضجيج وشعارات براقة فهو لذر الرماد في عيون المتفرجين البسطاء كي لا يبصروا الحقيقة المرة... ولكن الأمل يظل معقودا بعين ترقب المشهد بعد عين الله، وتلك هي عين عبد الله، وأظننا جميعا، وبعض الظن حق، بين أهدابها وتحت الجفون، ولولاها لابتلعنا المقاولون، واقتلعنا كبير المناولين دون رحمة أو شفقة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :