facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




على طريق السلط ..


د. صبري ربيحات
22-05-2025 09:22 PM

منذ عام ١٩٦٦ حين زرتها للمرة الاولى وانا احمل مشاعر الدفء والتقدير للسلط واهلها، لقد تغذى هذا الحب من روايات شفهية للعشرات من ابناء عيمة والطفيلة الذين جاءوا بقطعان مواشيهم الى البلقاء في سنوات القحط التي توالت على الجنوب في ستينيات القرن الماضي، وتكرست هذه الصورة المشرقة التي رسمها اصحاب القطعان لعشائر السلط ومروءتهم بعدما تعرفت على الالاف منهم في ميادين التعليم والجندية والاعلام وجوانب الحياة المختلفة ..

حقيقة الامر ان هؤلاء الاهل حافظوا على قيم العروبة وتراث الامة وتناقلوها من جيل الى جيل عبر حكاياتهم وتوادهم وتعاطفهم وعبر مجالسهم ومدارسهم التي لا تزال ماثلة للعيان، في السلط لكل عشيرة ديوان يرتاده الجميع في مناسبات الافراح والاتراح وفضاءات اوجدوها لاستيعاب مناسباتهم التي يأتي اليها الكبار والصغار .

في كل مرة اعود فيها الى المدينة وجوارها استرجع الصور التي وردت في روايات اخي وابناء عمومتي التي اعادوها على مسامعنا عشرات المرات عن كيفية استقبال وتعامل اهالي الرميمين وزي وام جوزة وام الدنانير والبقعة والصبيحي لهم في الايام التي شحت عليهم المراعي واضطرتهم الظروف الى ان يقطعوا الصحاري والجبال بحثا عن الماء والمرعى.

عبر الأيام و العقود كان الاعجاب بالسلط يتنامى مع كل خطوة اتخذتها باتجاه البلقاء واهلها وكلما تعمقت معرفتي بالاردن وطباع اهله . كنت ولا ازال اشعر بألفة بالغة كلما التقيت اهل السلط ولا اتردد في ان ازورها مرة واحيانا مرتين في اليوم لاشعر و كأني في محمية للتراث والخلق الاردني الأصيل .حتى وانا في عمان كان ذكر السلط يؤنسني .وفي كل مرة اعبر شارع السلط ينتابني شعور بالامل والتغيير الحميد ...

مع التحاقي بالجامعة الاردنية اصبح المرور بشارع السلط مرورا اجباريا " كما تمنى عرار لوادي السير " وكنت من وقت لاخر احبذ ركوب الحافلات المتوجهة للسلط او العائدة منها لأرى لفائف التبغ العربي واسمع الحديث المؤنس لابناء هذه البلاد الخيرة .

في سبعينيات القرن الماضي كانت رحلتنا اليومية بين قاع المدينة والجامعة الاردنية عبر شارع السلط حيث تشعرك لافتات المباني باهمية المكان ورمزية كل ما على جوانبه من البنك المركزي الى بنك الدم ومن ودائرة الجمارك الى وزارة المالية ومطعم جبري والقدس فدور السينما ...و مباني شرطة العاصمة ووزارة التربية والتعليم ووزارة العمل والقيادة العامة ووزارة الداخلية وكل الصحف الاردنية التي اتخذت مقراتها على جانب الطريق الممتد بين المدينة الرياضية وبوابة الجامعة .

كانت الرأي والدستور والشعب ولاحقا العرب اليوم قبل ان تختفي بعض هذه الصحف ويتلاشى الاكتراث لما تقدمه من مضامين ...

طريق السلط اليوم لا تتعب الرجلين كما ظن عمر العبداللات فالسير باتجاهها يبعث الفرح وتشعر ان فيها ما يجذبك نحوها ويدفعك باتجاهها .

كنت ولا ازال احرص على زيارة السلط كلما انخفض مخزوني المعنوي لاجدد ثقتي بان هذا الحمى بخير ولاستعير شيئا من ايمان اهل السلط وثباتهم واكسب نفسي بعضا من الراحة التي يتمتع بها هؤلاء الناس الذين يشعرونك بصغر الاشياء وهامشية الضجيج خارج حدود هذه الجبال .

هنا في السلط ورغم كل شيء لا يزال بمقدورك ان تشعر بقدر من الإيمان والوطنية والكرم والحب واليقين الذي قد يتسلل إليك وانت تطل على حفرة الانهدام او تستمع للسلطية وهم يتحدثون عن الخضر وشعيب وحزير او وانت تطالع أضواء القدس واريحا ونابلس وتنتقل إليك هذه الشحنة من الثقة والايمان وانت تصافح رجالاتها الذي يدورون أحرف العربية في حناجرهم ويعطون للكلمات والمواقف حقها لفظا ومعنى .

اليوم زرت بمعية الصديقين سمير الحياري وفادي الجزازي بيتين للعزاء الاول لعشائر الجزازية بفقيدهم ناصر الداود والثاني لعشائر الخريسات بفقيدهم جمال القماز ..

في دواوين عشائر السلط التي يؤمها غالبية ابناء المدينة واصدقاءهم ومعارفهم يلتقي الاردنيون بعفوية ليتبادلوا ودون كثير من الكلام الاحترام ورسائل شفوية عميقة تتحدث عن وحدة المشاعر والتعلق والايمان والخوف والالتزام ويعبرون عن إيمانهم بقدرة هذه الارض المباركة واهلها على تجاوز المحن ايا كان حجمها وعمقها ومداها...

على طريق العودة اقترح رفاق الرحلة التوقف لتذوق زاد السلط في مطعم السرو الذي يقع على الواجهة الاخرى باتجاه جامعة عمان الاهلية فاكرمنا الباشا سمير الحياري بدعوته لنا على العشاء بعد ان التحق بنا المهندس غسان خريسات، فشكرا للسلط التي بقيت نبعا نرتوي منه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :