facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عيد الاستقلال والشباب: عبق الماضي وأمل المستقبل


د.مأمون الشتيوي العبادي
25-05-2025 01:23 AM

في الخامس والعشرين من أيار كل عام، ينبض قلب الأردن بفرح خاص، حيث يحتفل الأردنيون بعيد الاستقلال، تلك المناسبة الوطنية التي تحمل بين طياتها أسمى معاني العزة والكرامة. ففي مثل هذا اليوم من عام 1946، أعلن الأردن استقلاله التام عن الانتداب البريطاني، ليبدأ فصلًا جديدًا من فصول تاريخه المجيد، ويخطّ أولى خطواته نحو بناء دولة ذات سيادة، تستمد قوتها من انتماء شعبها وقيادتها الهاشمية الحكيمة.

لم يكن الاستقلال حدثًا عابرًا أو قرارًا سياسيًا فحسب، بل كان ثمرة كفاح طويل خاضه الأردنيون بكل شجاعة وصبر، وتجلّت فيه أسمى صور التضحية والإصرار على الحياة بحرية وكرامة. وقد شكّل إعلان الاستقلال إيذانًا بولادة دولة حديثة تقوم على أسس القانون والمؤسسات، وتحمل على عاتقها مسؤولية حماية إرث الأجداد وبناء حاضر ومستقبل مشرق للأجيال القادمة.

إن الحديث عن الاستقلال لا يقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل يتعداه إلى مضامين أعمق تتعلق بالهوية الوطنية، والانتماء، والنهضة الشاملة في مختلف المجالات. فالاستقلال الحقيقي لا يكتمل إلا عندما يكون الوطن قادرًا على الاعتماد على أبنائه، فيتحول كل فرد إلى شريك في صون السيادة وتحقيق التقدم.

لقد سطّر الأردنيون خلال العقود الماضية قصة وطنية ملهمة، تمكنوا فيها من تجاوز التحديات، وبناء مؤسسات وطنية راسخة، وتعزيز مكانة الأردن على الساحة الإقليمية والدولية. فالتنمية، والتعليم، والرعاية الصحية، والعدالة الاجتماعية، والحرية السياسية، كلها مظاهر للاستقلال المتجدد الذي يتطلب وعيًا شعبيًا ويقظة دائمة.

ومن هذا المنطلق، فإن الاحتفال بعيد الاستقلال ليس مجرد تذكير بحدث تاريخي، بل هو فرصة سنوية للتأمل في مسيرة الوطن، واستحضار البطولات، وتقدير الإنجازات، ومراجعة الذات الوطنية لاستشراف المستقبل بعيون مفتوحة وهمم عالية.

لا يمكن الحديث عن الاستقلال دون التوقف عند دور الشباب، فهم عماد الأمة وسر نهضتها. فالشباب ليسوا مجرد فئة عمرية، بل هم مرحلة زاخرة بالحيوية والأفكار المتجددة والطموح اللامحدود. وقد أدركت القيادة الهاشمية، منذ عهد الملك المؤسس عبد الله الأول، مرورًا بجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، وصولًا إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وولي عهده الامير الحسين بن عبد الله، أن الشباب هم الثروة الحقيقية للوطن، وهم الأقدر على مواصلة مسيرة البناء والتحديث.

وقد حرصت الدولة الأردنية على تمكين الشباب عبر التعليم، وتوفير الفرص، وتشجيعهم على الابتكار والمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. واليوم، يشهد الأردن نشاطًا شبابيًا مميزًا، يظهر في ريادة الأعمال، والمبادرات التطوعية، والمنتديات الفكرية، وفي مواقع القيادة المحلية والوطنية، مما يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية الدور الذي يجب أن يضطلع به الشباب في المرحلة المقبلة.

إن ما يميز الشباب الأردني هو وعيه الوطني، واعتزازه بانتمائه، واستعداده لتحمّل المسؤولية، وهو ما يؤهله ليكون شريكًا حقيقيًا في الحفاظ على استقلال الأردن وتطويره.

رغم الإنجازات التي تحققت، إلا أن الشباب الأردني لا يزال يواجه العديد من التحديات التي تتطلب تكاتف الجهود لمعالجتها. من أبرز هذه التحديات: البطالة، وضيق فرص العمل، وضعف التدريب المهني، والمساهمة الفاعلة في الحياة السياسية.
لهذا السبب، فقد اولى جلالة الملك عبد الله الثاني وولي عهده سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني اهتمامًا خاصًا بالشباب وقضاياهم، وخاصة في مواجهة التحديات الأساسية مثل البطالة، وضيق فرص العمل، وضعف التدريب المهني، والمشاركة السياسية. وفيما يلي عرض لأبرز الجهود والحلول التي قدّماها

أولاً: على صعيد التوظيف وفرص العمل

1. إطلاق برامج وطنية للتشغيل:

الملك عبد الله الثاني وجّه الحكومات المتعاقبة لإطلاق برامج تشغيل وطنية تستهدف الشباب، مثل:

•برنامج “خدمة وطن” الذي يجمع بين التدريب العسكري والمهني لإعداد الشباب لسوق العمل.

•صندوق التشغيل والتدريب والتعليم التقني والمهني، الذي يقدم التمويل والدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

2. دعم المشاريع الريادية:
•تم إنشاء صندوق ريادة لدعم الأفكار الريادية ومشاريع الشباب.

•توفير حاضنات أعمال في الجامعات والبلديات لتمكين الشباب من إطلاق مشاريعهم الخاصة.

•إطلاق مبادرات مثل “حاضنة الأعمال الملكية” و”مبادرة الشباب والتكنولوجيا” لدعم الابتكار.

ثانياً: على صعيد التدريب المهني والتقني

1. تحديث منظومة التعليم المهني:

•الملك عبد الله أكد مرارًا على ضرورة تطوير التعليم المهني والتقني كبديل فعّال للتعليم الأكاديمي التقليدي.

•تم تطوير شراكات مع دول وشركات عالمية لتقديم تدريب عالي الجودة.

•إنشاء مراكز تدريب بالتعاون مع القوات المسلحة لتوفير تأهيل مهني منضبط وعملي.

2. ولي العهد والمهارات الرقمية:

•الأمير الحسين أطلق مبادرة “مؤسسة ولي العهد” التي تشمل برامج مثل “مصنع الأفكار” (FabLab) لدعم المهارات التكنولوجية والابتكار لدى الشباب.

•دعم مبادرات تعليم البرمجة والتقنيات الحديثة للشباب في المحافظات.

ثالثاً: على صعيد المشاركة السياسية والمجتمعية

1. تمكين الشباب سياسيًا:

•الملك عبد الله وجّه بضرورة مراجعة قوانين الأحزاب والانتخاب لتوسيع مشاركة الشباب.

•إصدار قانون جديد للأحزاب 2022 الذي خفّض سن الانتساب للحزب، وفرض تمثيلًا للشباب في الهيئات التأسيسية والتنفيذية.

2. إنشاء مجالس شبابية:

•دعم تشكيل المجلس الأعلى للشباب (وزارة الشباب الآن) ومجالس شبابية محلية تعبر عن آراء الشباب في كل محافظة.

•تنظيم مؤتمرات ومنتديات شبابية وطنية مثل “لقاء شباب الأردن” و”منتدى شباب العالم”.

3. دور ولي العهد في تحفيز الخطاب الشبابي:

•الأمير الحسين خطب في الأمم المتحدة أكثر من مرة ممثلًا لصوت الشباب الأردني والعربي.

•يشارك شخصيًا في اللقاءات الشبابية ويزور الجامعات والمدارس بشكل دوري للتواصل المباشر.

رابعاً: دعم الشباب في المحافظات والبادية
•التركيز على الشباب في الأطراف وليس فقط في العاصمة، من خلال:
•إنشاء مراكز شبابية حديثة وملاعب رياضية ومكتبات في القرى والبوادي.

•دعم المشاريع الإنتاجية الصغيرة الموجهة للشباب في المناطق الريفية.

•ربط الشباب في المحافظات بفرص التدريب والعمل عبر الإنترنت.

رؤية ملكية متكاملة
الملك عبد الله الثاني يرى في الشباب مستقبل الأردن، ولهذا يُعلي دائمًا صوتهم في المحافل الدولية، ويحث الحكومات على تحويل الطاقات الشابة إلى إنتاج وابتكار. أما سمو ولي العهد، فهو يقدّم نموذجًا شبابيًا ملهمًا، ويعمل على تجسير الفجوة بين جيل الشباب وصانعي القرار.

أن العالم الرقمي والانفتاح على الثقافات الأخرى يطرح تحديات جديدة تتعلق بالهوية، والانتماء، والقيم، ما يستدعي تعزيز التربية الوطنية، وتوفير بيئات حاضنة للشباب تساعدهم على تحقيق ذواتهم دون أن يفقدوا روح الانتماء لوطنهم. وهنا يأتي دور المؤسسات التعليمية، والإعلام، والأسرة، والمجتمع المدني، في ترسيخ قيم الانتماء والمواطنة الإيجابية، وتعزيز ثقافة الحوار، وإعطاء الشباب الثقة والدعم اللازم ليكونوا في طليعة المدافعين عن الاستقلال وحملة مشروع النهضة الوطنية.

إن عيد الاستقلال والشباب مناسبة وطنية جامعة، تعيد إلى الذاكرة الأمجاد، وتفتح أبواب الأمل لمستقبل أفضل. فهي تذكّرنا بأن الاستقلال ليس لحظة من الماضي فقط، بل مسؤولية مستمرة تتطلب منا جميعًا، وفي مقدمتنا الشباب، أن نحافظ عليها ونغرسها في وجدان الأجيال القادمة.

وفي ظل التحديات الإقليمية والعالمية، تزداد أهمية الدور الشبابي في صون أمن الوطن واستقراره، وبناء اقتصاده، وحماية وحدته الاجتماعية والثقافية. فكل شاب يحمل بين جوانحه حلمًا، وكل حلم يمكن أن يتحول إلى مشروع وطني يخدم الأردن ويعلي من شأنه.
إننا، ونحن نحتفل بعيد الاستقلال، نجدد العهد بأن نبقى أوفياء للوطن، أمناء على قيمه، عاملين بكل جهد من أجل رفعته، لتظل رايته خفاقة، وكرامته مصونة، وشبابه مصدر فخر وقوة.
كل عام والأردن بخير، قيادةً وشعبًا، وعزةً واستقلالاً، وكل عام وشبابه مشاعل نور تهدي دروب المستقبل





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :