الرؤية المتجددة: الرياضة الأردنية بين طموح النشامى وتحديات الأندية
د. محمد خالد العزام
29-05-2025 03:11 PM
في عالم الرياضة، حيث تتلاطم أمواج المنافسة بين الإصرار والإمكانات، وقف سمو ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ليتحدث بصفاء رؤية العارف، مستقرئًا واقع الكرة الأردنية بعيون لا تخطئ البوصلة. حديثه، الذي امتزج بالدفء الوطني والصرامة التحليلية، لم يكن مجرد كلمات تُلقى على عواهنها، بل كان مرآة تعكس نبضًا حقيقيًا ومسؤولية متجذرة في عمق الانتماء.
حين تطرق سموه إلى المنتخب الأردني، بدا وكأنه ينسج من روحه عباءة للفريق، يلف بها عزيمتهم ويشد على سواعدهم، مؤكدًا أن الأردن اقترب غير مرة من اعتلاء منصة العالمية، لكن الأمل اليوم يلوح أكثر إشراقًا، أقرب من أي وقت مضى. لم يكن هذا الحديث مجرد أمنيات، بل قراءة دقيقة في إمكانات النشامى، الذين لطالما أثبتوا أن الشجاعة ليست شعارًا يُرفع، بل مبدأ يُمارس داخل المستطيل الأخضر.
أما حين انتقل إلى الأندية، لم يجامل ولم يهادن، بل رفع الستار عن واقع يستحق التغيير. انتقاداته لإدارات الأندية لم تكن نقدًا عابرًا، بل إضاءات كاشفة على أزمة حقيقية حالت دون صعود المواهب الأردنية إلى المكانة التي تستحقها. الإدارة التي تتحكم بها عقلية قديمة، والأداء الذي لا يواكب التطور، جعل بعض الفرق تدور في دوامة التكرار، بدلاً من أن تحلق بأجنحة المجد. الحديث عن الشفافية الإدارية والمالية لم يكن ترفًا لغويًا، بل شرطًا جوهريًا لأي نهضة كروية مرتجاة.
وسط هذه الرؤية الطموحة، يبقى التحدي الأكبر في ترجمة هذه التطلعات إلى واقع ملموس، حيث تُبنى فرق قوية وتُصقل مواهب واعدة بعيدًا عن الحسابات الضيقة التي لا تخدم إلا مصالح محدودة. إن إعادة هيكلة الإدارة الرياضية وفق أسس حديثة تُراعي الاحترافية والشفافية، ليست مجرد مطلب، بل ضرورة حتمية تضع الرياضة الأردنية على خارطة الإنجازات الدولية، فلا يكفي أن نمتلك الحماسة دون أن نؤسس لمنظومة تدعمها وترتقي بها.
إن حديث سمو ولي العهد لم يكن مجرد استعراض للواقع، بل دعوة صريحة لإعادة التفكير، ولإطلاق مرحلة جديدة يتحول فيها الشغف إلى إنجاز، والإرادة إلى فعل مؤثر. وما بين أصوات الجماهير التي تهتف في المدرجات، وأقدام اللاعبين التي تخط ملاحمها فوق العشب الأخضر، يبقى الأمل قائماً، ليس بانتظار صدفة عابرة، بل بعمل دؤوب يبني أمة رياضية تعكس روح الأردن الطموحة، وتجعل من كل مباراة، وكل هدف، قصة تروى للأجيال القادمة.
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده الأمين
والله من وراء القصد