ماذا لو قامت مؤسسات الدولة بحملة "تكريم مبدعيها"؟
فيصل تايه
31-05-2025 09:51 AM
يُجسّد جلالة الملك عبدالله الثاني أسمى معاني الوفاء، بتكريمه نخبة من أبناء وبنات الوطن الذين أخلصوا في عطائهم وأسهموا في نهضته، تقديرًا لدورهم في ترسيخ مسيرة البناء والتميّز، وتعزيز الحضور الأردني المشرق في مختلف الميادين فكانت شرف عظيم ولفتة ملكية مقدّرة تشكل وسامًا معنويًا خالدًا ، فالتكريم الملكي يتعدى كونه وسامًا يعلّقه المكرمون على صدورهم ، إلى كونه اعترافًا رسميًا ورفيعًا بقيمة عملهم ، ورسالة بأن الجهود الصادقة والمثابرة تجد صداها وتقديرها في أعلى مستويات الوطن .
لقد دأب الأردنيون على هذا النهج بالاحتفال بهذه المناسبة سنويا ، لما تحمله رمزيتها من فخر واعتزاز بمسيرة بناء الدولة والتقدم والإنجاز الذي حققته، وهي تحث الخطى بثبات نحو مستقبل عامر بمزيد من الازدهار والتحديث والتطوير ، اذ يستمر تكريم المزيد من أبناء الأردن وبناته في المناسبات الوطنية المختلفة، تقديرا لجهودهم وإنجازاتهم وتضحياتهم، ممن الذين كان لهم إسهامات وتضحيات كبيرة في طريق بناء مؤسسات الدولة.
ان التكريم يمثل لمسة وفاء من الدولة والمجتمع نحو المبدعين ومنجزي التميز ، وهي رسالة مباشرة للمستحقين ليكون عنوانها التقدير والاحترام والفخر بإنجازاتهم ، ما يمثل تحريضا صريحا على التميز والتفوق، وتحفيزا ايجابيا على البذل والإصرار والإخلاص ، ودعوة صادقة لاستمرار الجهد ومواصلة العطاء ، ليتوسد التكريم ويتجذر كثقافة وقيمة وسلوك في فكرنا وقناعاتنا ، لأنه المحفز على البذل والعطاء والإخلاص، والمحفز على ديمومة التميز والإبداع والإنجاز ..
انا اقول : ما الذي يمنع اية جهة حكومية وغير حكومية وعلى كافة المستويات من وزارات ومؤسسات ومنظمات وجمعيات وغيرها ، ان تنتهج النهج ذاته بتنظيم فعاليات تكريم للمخلصين ، كجزء "رمزي" لرد الجميل لمن خدموا وافنوا عمرهم خدمة لوظائفهم ذلك باقامة احتفاءات تكريمية مفتوحة للإلتفات لمن خدموا المجتمع في كافة مناحي الحياة ، ذلك بالقيام برصد قائمة مبدعيها ، ضمن معايير ثابته ووفق سياقات الابداع المعروفة والابتعاد عن الشخصنه وتاثير العلاقات الخاصة ، ليكون التكريم مسؤولية وطنية وامانة كبيرة في اعناقنا ، لنصون الامانة هذه ونجعل من التكريم عامل تحفيز للمبدعين لا مهرجانات هزيلة بتكريم مبدعين مزورين .
كيف يمكن أن نتذكر القامات من الرجالات الذي قدموا خدمات جليلة للبلد في شتّى المجالات بعد تقاعدهم أو حتى وفاتهم ..! ولماذا كنا نتناساهم ونهملهم في حياتهم الوظيفية ..! ولماذا لم تكن لتبرز إبداعاتهم أثناء خدمتهم وحياتهم وفترة عطائهم ، حتى يعرفهم من يجهلهم ويستفيد الجميع من عطائهم وإنتاجهم؟؟ .. فلماذا اهملت هذا الفئة التي أعطت وضحت خلال فتره خدمتها ، في الوقت الذي كان من الواجب ان يكرم المبدع خلال رحلة العطاء ليكون هناك دافع قوي لإنتاج أفضل النتائج وأعظمها ، فتكريمه خلال رحلة العطاء يكون له محفزاً لنشاطه ، فبعض الجهات من وزارات او مؤسسات وللاسف لم تلتف الى تكريم المبدعين خلال خدمتهم أو بعد تقاعدهم أو وفاتهم ، حيث كان من الواجب أن يكرموا في حياتهم وخلال رحلة عطائهم حتى يجدوا ثمرات هذا العطاء أمام اعينهم ويجدوا حلاوة هذا التكريم بين أحبتهم وأهلهم ومحبيهم .
ان الاردن غني بالعديد من الكفاءات المبدعة والمتميزة ومن اللذين ما زالوا على رأس عملهم وفي مختلف مواقعها ، فاردننا العزيز زاخر بالمبدعين من مختلف المجالات التربوية والثقاقية والاعلامية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والمهارات والابتكارات وغيرها، لكن القليل منهم من يجد التكريم الذي يستحقه، ذلك لاهمال هذا الجانب المهم من بعض مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والاعلامي والمؤسسات الاخرى المعنيه ، ولعدم تقديرهم وهم الأن في غمرة إخلاصهم وتفانيهم ، في مشوار الإبداع ، فهم يعلمون أنهم مهملين حتى بعد تقاعدهم لحين ان تقبض أرواحهم ويتدافع الناس إلى الإشادة بهم وبعطائهم ، بل في كثير من الأحيان يظل هؤلاء المخلصين مجهولين للعامة ومعروفين للخاصة والصفوة وأهل الاهتمام بإبداعه، وبمجرد تقاعدهم أو وفاتهم نتذكر مناقبهم وما قدموه في حياتهم المهنية من تجلي في الإبداع ، ياترى لماذا لا يأتي هذا التكريم والتعريف غالبا ولو متأخرا واو حتى بعد فوات الأوان؟؟..
انا أعتقد اننا سنجني الكثير من البهاء بهذا العمل الإنساني وبأقل التكاليف .. ونزرع البهجة في قلوب المحتفى بهم بدلًا من أن يموتوا وهم يحملون غصصاً لن تزول .
والله ولي التوفيق