facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كيف نختار صديقنا؟


فيصل سلايطة
05-06-2025 05:07 PM

سؤال قد يبدو بسيطًا في ظاهره و هو ابعد ما يكون عن المنهجية التي يمكن السير عليها، لكنه يحمل من العمق ما يجعل الإجابة عليه رحلة في ذاتنا قبل أن تكون بحثًا في وجوه الآخرين ، فالصديق ليس مجرد شخص نتشارك معه الضحك أو نشكو إليه حين تثقلنا الحياة، بل هو مرآة خفية تكشف ما لا نراه في أنفسنا، ظل يسير معنا حين تغيب شمس الآخرين، وربما وطن نلجأ إليه حين تغترب بنا الحياة.

في اختيار الصديق لا نبحث عن نسخة منا، بل عن من يكملنا حين نختل، من يذكّرنا بمن نكون حين نكاد ننسى، من يستطيع أن يقرأ صمتنا كما لو أنه كتاب مفتوح.

الصديق الحقيقي من يبقى أثره حتى في الغياب، لذلك حين نغيب، علينا أن نترك مساحة للعودة، مساحة لا تفسدها الشكوك ولا تعمّيها الكرامة الجريحة. فالصداقة التي لا تحتمل الغياب المؤقت ليست صداقة، بل صفقة مؤقتة تنهار عند أول اختفاء.

إن تأثير الصديق في حياتنا يشبه النسيم الذي لا نراه لكننا نشعر به، يقلب مزاجنا بلطف أو يوقظنا بعاصفة، يغيّرنا دون أن نشعر، يرسم فينا ملامح جديدة، يعيد ترتيب قلوبنا ويصقل أحلامنا ، في حضوره نطمئن، وفي صدقه ننجو من زيف العالم، هو شهادة غير مكتوبة على إنسانيتنا، ورفيق درب في الزمن الذي لا يرحم.

فلنحسن الاختيار، لا بناء على اللحظة، بل على الامتداد، لا على عدد الصور المشتركة، بل على عدد المرات التي وقف فيها بجانبنا دون أن نطلب، لا على ما نأخذه منه، بل على ما يوقظه فينا من خير وصدق ونور. ولنكن نحن أيضًا أصدقاء نستحق أن يُحتفَظ بنا في قلب أحدهم، حتى وإن غبنا طويلًا.


اروع الصداقات تلك وليدة الصدفة ، التقاء في مطعم ما ، أو في مناسبة معينة ، تفتح بابًا في الروح و كأنّنا كتبنا في دفاتر الصداقة الابدية ، لذلك من الصعب الالتزام بمنهج معين نبحث به عن الونيس بشكل علمي.


أما الجانب العلمي الحقيقي ، فوجود الأصدقاء يقلل من إفراز هرمون الكورتيزول، المعروف بهرمون التوتر، ويُعزز من إنتاج هرمونات السعادة مثل السيروتونين والدوبامين ، فمحادثة صادقة مع صديق قد تُشبه في تأثيرها تناول دواء مضاد للاكتئاب، دون آثار جانبية.

بل إن بعض الدراسات تشير إلى أن الصداقات القوية ترفع من متوسط العمر المتوقع، وتقلل من فرص الإصابة بأمراض القلب والخرف.

الصداقة لا تؤثر فقط في المزاج، بل في الإدراك أيضًا. الصديق الجيد يدفعك إلى التفكير بشكل أوسع، ويعيد ترتيب أولوياتك، يشكّل ذوقك، وربما يقودك إلى اكتشاف ذاتك من زوايا لم تكن لتراها بمفردك. هو بمثابة مرشد داخلي غير مرئي، يعينك على تجاوز ضعفك ويذكّرك بقوتك حين تنساها.

أما على مستوى الأفكار، فالصداقة الحقيقية تتجاوز مجرد المشاركة اليومية. إنها التزام غير منطوق بأن نحب الآخر كما هو، لا كما نريده أن يكون. هي علاقة تبادل عميقة في المعنى، لا في المصلحة. فيها نصمت معًا، ونتكلم في الوقت ذاته. نختلف، ثم نعود كما لو أن الاختلاف لم يكن سوى تمرين صغير على الحب.

في زمن السرعة، أصبحت الصداقة عملة نادرة، لكنها حين تُكتَسب بصدق، تصبح من أعظم النِعَم...فحافظوا عليها إن صادفتموها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :