ولي العهد ومباراة الأردن وعُمان: حضور يختصر معاني الوطنية والتواضع
د.مأمون الشتيوي العبادي
05-06-2025 07:56 PM
في مساءٍ رياضي مميز، شهدت العاصمة العُمانية مسقط واحدة من أكثر اللحظات المعبرة في مسيرة دعم القيادة الأردنية للرياضة والشباب، حيث حضر سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، مباراة المنتخب الوطني الأردني أمام نظيره العُماني، ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026. لم يكن هذا الحضور بروتوكوليًا عاديًا، بل حمَل في طياته العديد من الرسائل الرمزية والإنسانية العميقة التي لامست قلوب الأردنيين.
أولًا: الحضور الملكي الداعم للشباب والرياضة
حضور ولي العهد شخصيًا إلى أرض المباراة لم يكن مجرد مشاركة في فعالية رياضية، بل كان دعمًا معنويًا هائلًا للمنتخب الوطني، ورسالة واضحة لكل الشباب الأردني أن القيادة الهاشمية تؤمن بهم وتقف خلفهم في كل ميدان. سموه غادر أرض الوطن متوجهًا إلى سلطنة عُمان لحضور المباراة، في خطوة تعكس اهتمامه العميق بالرياضة وبتمثيل الأردن خارجيًا بروح وطنية عالية.
ما يزيد هذا الحضور أهمية هو تزامنه مع مباراة مصيرية يتنافس فيها المنتخبان الأردني والعُماني على بطاقة التأهل، ما يضفي على المشاركة أبعادًا رياضية ووطنية وإعلامية أيضًا، حيث لفت حضور سموه أنظار وسائل الإعلام والجماهير.
ثانيًا: موقفٌ يُجسِّد التواضع والقرب من الشباب
من أكثر المواقف التي أثّرت بالجمهور الأردني والعربي، كان رفض سمو ولي العهد الجلوس في المنصة الرسمية، واختياره الجلوس بين الجمهور الأردني في المدرجات، كواحدٍ من المشجعين. هذا التصرف البسيط في ظاهره، العظيم في معناه، يُعبّر عن روح التواضع التي تميز شخصية ولي العهد، ويجسد القيم الهاشمية الأصيلة في القرب من الشعب.
لقد لاقى هذا الموقف تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تداول الأردنيون صور ولي العهد بين الجماهير، يهتف ويشجع مثل أي مشجع أردني بسيط، ما جعلهم يشعرون بفخر مضاعف: فخر بالمباراة، وفخر بالقيادة.
هذا النوع من السلوك يزرع في قلوب الناس شعورًا عميقًا بأن القيادة ليست بعيدة عنهم، بل تشاركهم همومهم وأفراحهم، وتقف معهم في الميدان، لا من وراء الشاشات.
ثالثًا: دعم معنوي وإشراك شبابي
لم يقتصر دعم سمو ولي العهد على الحضور الشخصي، بل امتد ليشمل توجيهه لوزارة الشباب بترتيب بث المباراة على شاشات كبيرة في المرافق الرياضية بمختلف محافظات المملكة، لإتاحة الفرصة أمام أكبر عدد ممكن من الأردنيين لمتابعة المنتخب الوطني في أجواء حماسية ومشتركة.
هذا القرار يعكس حرص سموه على إشراك كل فئات المجتمع في هذه اللحظة الوطنية، وترسيخ مفهوم أن المنتخب يمثل الجميع، وأن الفرح أو الحزن الرياضي يُعاش بشكل جماعي. كما يعكس رؤية متقدمة في تعزيز الانتماء الوطني من خلال الرياضة.
رابعًا: رسائل سياسية وإنسانية
لا يمكن إغفال البعد السياسي والإنساني في مشاركة سموه في المباراة، خصوصًا أن زيارته إلى سلطنة عُمان تزامنت مع أجواء أخوية دافئة تعكس عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين. في منشور له على حسابه الرسمي في إنستغرام، كتب سموه: “إلى سلطنة عُمان الشقيقة.. أبناء المجد والحكمة”، في تعبير بليغ عن الاحترام المتبادل والتاريخ المشترك بين الشعبين.
هذا النوع من التفاعل الإنساني والدبلوماسي الناعم يُظهِر كيف يمكن للرياضة أن تكون جسرًا للسلام، وميدانًا لتوطيد العلاقات بين الدول، حين يُحسن استخدامها من قِبل قيادة واعية وشابة مثل سمو ولي العهد.
خامسًا: تأثير جماهيري وشبابي واسع
التفاعل الشبابي مع حضور ولي العهد لم يكن مجرد إعجاب، بل تجسيد لحالة من الانسجام بين القيادة والشعب. لقد رأى الأردنيون في هذه المشاركة دليلًا جديدًا على أن ولي العهد يُمثّل الجيل الجديد بفكره وروحه، وهو قريب منهم، يشبههم، ويشاركهم نفس اللحظة، بعيدًا عن الرسميات والشكليات.
الشباب، على وجه الخصوص، شعروا بأن لديهم قائدًا يؤمن بهم ويقف معهم في الميدان، لا فقط في الخطابات. وهذا النوع من العلاقة بين القائد والمواطن يُبنى عليه مستقبلٌ وطني أكثر تماسكًا وإيمانًا بالذات.
أكثر من مجرد مباراة....
قد يظن البعض أن حضور ولي العهد لمباراة كرة قدم هو مجرد موقف عابر، لكنه في الحقيقة كان حدثًا محوريًا في التعبير عن نمط القيادة الجديدة في الأردن. لقد قدّم سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني من خلال هذه الزيارة، وبتفاصيلها الرمزية، صورة متكاملة عن القائد الشاب الذي يجمع بين التواضع، والدعم الحقيقي، والحكمة في بناء الجسور بين القيادة والشعب.
مباراة الأردن وعُمان كانت مناسبة رياضية، لكنها تحوّلت إلى لحظة وطنية بامتياز، بفضل هذا الحضور الفعّال والمميز لسمو ولي العهد، الذي استطاع أن يختصر معاني الانتماء، والدعم، والوحدة، في موقف واحد، سيظل في ذاكرة الأردنيين طويل.